في خضمّ النقاش الدائر حول إصلاح أنظمة التقاعد، وما يواكبه من رفْض النقابات العمّالية لمقترح الحكومة رفع سن التقاعد من 62 سنة حاليا، إلى 65 سنة، بشكل تدريجي في أفق سنة 2021، يبدو أن وزير التعليم العالي والبحث العلمي وتكوين الأطر، الحسن الداودي، يطمح إلى إضافة ستّ سنوات أخرى إلى سنّ التقاعد الذي تقترحه الحكومة في مشروعها المثير للجدل، ليصير أجل إحالة الأساتذة الجامعيين على التقاعد في حدود 71 سنة. ورغم أن رفع سن تقاعد أساتذة الجامعات في المغرب إلى 71 سنة لم يتبلور بعد كمشروع رسمي، إلا أن الداودي ألقى به في ملعب الأساتذة، في محاولة، على ما يبدو، لجسّ نبضهم؛ لكن يظهر أنه يفكّر مليّا في تفعيل هذا المقترح، بقوله حين حديثه عن الخصاص في الأساتذة: "إن شاء الله (ردّدها مرّتين).. يجب أن نفكر في الصيغة الملائمة لرفع سن تقاعد الأساتذة الجامعيين ليصل إلى 71 سنة". وبرر الداودي ذلك بسدّ النقص الذي تعاني منه الجامعات المغربية على مستوى الأساتذة، لمواجهة الاكتظاظ الذي تعرفه المدرجات. وخلفت "البشرى" التي حملها الداودي إلى الأساتذة في حفل تنصيب العميد الجديد لكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية السويسي بالرباط، صباح اليوم الثلاثاء، والتي نزلت عليهم كقطعة ثلج، "همهمات" داخل القاعة التي احتضنت الحفل. وفيما استمرت "همهمات" الأساتذة والأطر الجامعية التي حضرت الحفل في الوقت الذي كان وزير التعليم العالي يلقي كلمته، اضطر الداودي إلى التوقف للحظات عن الكلام إلى أن عاد الهدوء إلى القاعة، ليقول إن "الواقع يحتم التفكير في هذا الأمر"، مشيرا إلى أنه "حرام أن نقول إن الأستاذ لم يعد صالحا للتدريس بعد 65 سنة، ففي فرنسا يتقاعد الأساتذة في سن 65 سنة، لكنهم يذهبون إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية ويواصلون عملهم في جامعاتها". علاقة بذلك، عبر وزير التعليم العالي والبحث العلمي وتكوين الأطر عن "أسفه" لاستمرار الاكتظاظ في الجامعات المغربية، معتبرا أن "ثالوث الاكتظاظ وقلة الأساتذة، وتمويل البحث العلمي، يعتبر من أكبر المشاكل التي تعاني منها الجامعة المغربية"، لافتا إلى أن "التغلب على مشكل الاكتظاظ ببناء مدرجات جديدة لا يرتبط بعدم توفر إمكانيات مالية، بل بالمساطر المتبعة لاستخراج رخص بناء المدرجات"، والتي وصفها ب"المعقدة جدا". ووقف الداودي عند إشكالية أخرى من إشكاليات الجامعة المغربية، وهي الرقمنة، فبعد إعلان الوزارة إطلاق مبادرة "لوحتي"، الخاصة باستفادة طلاب مؤسسات التعليم العالي من ألواح إلكترونية بأثمان منخفضة، والتي خلفت جدلا واسعا، بسبب الأسعار المطروحة بها في السوق، قال الداودي إن "رقمنة الجامعة المغربية بات أمرا مُلحّا، وركيزة أساسية لتكوين الأجيال القادمة"، معتبرا أن "ثقافة المدرّجات ستكون متجاوزة خلال السنوات القادمة، مقابل سيادة الرقمنة". واعترف الوزير الوصي على قطاع التعليم العالي بأن "الطالب المغربي لا يستفيد من الرقمنة بما فيه الكفاية"، وعزا ذلك إلى "الفقر وضعف القدرة الشرائية لطلاب الجامعات المغربية؛ وهو ما يحول دون استفادتهم من وسائل التكنولوجيا الحديثة". وعلى الرغم من أن عدد الطلاب الذين يستفيدون من المنحة الحكومية في المغرب يصل إلى 330 ألف طالب وطالبة، إلا أن الداودي اعتبر أن "المنحة التي يتلقاها الطلاب حاليا غير كافية"، كما عبّر عن أمله في رفع عدد المنح بقوله: "لو توفرت لنا الإمكانيات الماديّة لوسّعنا دائرة المستفيدين". من جهة أخرى، أبدى الداودي عدم رضاه عما يدرسه الطلبة في السنتين الأولى والثانية بالجامعة المغربية، بسبب تشابه العرض بين مختلف الجامعات، قائلا إن "ذلك يعتبر واحدا من العوامل المساهمة في بطالة الخريجين، باعتبار أن الطلبة يكون لديهم نفس المؤهل والمستوى بعد تخرجهم من الجامعة"، وتابع "علينا أن نُنوّع العرض التربوي، وإذا لم نتمكّن من ذلك بالنسبة إلى السنة الأولى، فعلينا تنويعه في السنة الثانية، حتى لا يجد الطلبة أنفسهم بعد التخرج في المستوى نفسه والمدارك العلمية نفسها".