تعرف علاقة المغرب بمؤسسات الاتحاد الأوروبي أزمة دبلوماسية بسبب قضية الصحراء، بينما صادق الكونغرس الأمريكي على مشروع قانون مالية 2016 للولايات المتحدةالأمريكية، والذي نص على تقديم مساعدات مالية للمغرب، دون استثناء الأقاليم الجنوبية للمملكة، بخلاف المحكمة الأوروبية التي دعت إلى إلغاء الاتفاقية الفلاحية مع المغرب لأنها تشمل المناطق الجنوبية. ونص قانون المالية المذكور، في بنده المتعلق بالمساعدات المقدمة للمغرب، على أن الدعم المالي يشمل تنمية الأقاليم الجنوبية. كما أوصى الكونغرس الأمريكي الذي يعتبر أعلى سلطة تشريعية في بلاد العم السام على تشجيع الاستثمارات الأمريكية في المناطق الجنوبية للمملكة. موقف الولاياتالمتحدةالأمريكية الجديد يعتبر تطورا ملحوظا، خصوصا أن الإدارة الأمريكية تحت إشراف أوباما كانت صاحبة مشروع قرار بمجلس الأمن يطالب بتوسيع صلاحيات بعثة الأممالمتحدة إلى الصحراء (المينورسو) لتشمل مراقبة حقوق الإنسان، قبل أن يتم سحبه. وأعلن الكونغرس، في تقريره التشريعي، دعمه للسياسة الخارجية الأمريكية المتبعة في قضية الصحراء، والقائمة على إيجاد حل تفاوضي على أساس مقترح الحكم الذاتي الذي طرحه المغرب كحل للملف، معبرا في الوقت ذاته عن قلقه من "الفشل" الذي يعرفه مسار التسوية في الصحراء، وأيضا أوضاع ساكنة مخيمات تندوف. وشددت المؤسسة الأمريكية على أن يتمكن العمل الدبلوماسي من الوصول إلى "الحل لهذا النزاع الذي عمر طويلا، وإنهاء مهام بعثة الأممالمتحدة المتواجدة في تلك المناطق منذ أكثر من عقدين من الزمن"، وفق تعبير الوثيقة الأمريكية. وتعليقا على قرار الكونغرس الأمريكي بتقديم دعم مادي للأقاليم الجنوبية، والحث على الاستثمار فيها، أكد مصطفى منار، أستاذ بكلية الحقوق بالرباط، أن هذا القرار "يعتبر صفعة لمحكمة الاتحاد الأوروبي التي بنت قرار إلغاء الاتفاقية الفلاحية بين المغرب والاتحاد الأوروبي على أسس سياسية، أكثر من كونها أسسا قانونية وموضوعية". الخبير في العلاقات الدولية شدد على أن "تغير الموقف الأمريكي من الدعوة إلى مراقبة حقوق الإنسان من طرف بعثة الأممالمتحدة إلى الحث على الاستثمار في الأقاليم الجنوبية للمغرب يعتبر نتيجة للتحركات المغربية في أمريكا؛ ذلك أن مشروع القرار الذي كانت تعتزم الإدارة الأمريكية تقديمه لمجلس الأمن حول الصحراء قبل أكثر من عامين كان بمثابة ناقوس خطر للمغرب بضرورة الاهتمام بالجانب الدبلوماسي مع واشنطن؛ وهو ما فسرته الزيارة الملكية إلى أمريكا، واللقاء بالرئيس الأمريكي باراك أوباما". وأضاف المتحدث نفسه أن "السياسة الخارجية الأمريكية دائما تعرف بالواقعية والبراغماتية، وهي مقتنعة بأنها بحاجة إلى بلد مستقر وقوي من الناحية الأمنية للحفاظ على استقرار منطقة شمال إفريقيا، ولا تريد قيام نزاع آخر في المنطقة، بل تعمل على حله". ولفت منار إلى أن "التقرير السنوي الأخير للخارجية الأمريكية وصف المغرب بالشريك والحليف الإستراتيجي، خصوصا في القضايا المتعلقة بالأمن ومكافحة الإرهاب"، مشددا على أن "المغرب عليه أن يعمل على تدعيم علاقته بواشنطن، وعدم الاعتماد على دول الاتحاد الأوروبي لوحدها، خصوصا في ما يتعلق بقضية الصحراء". وواصل الأكاديمي المغربي أن "قضية الصحراء تدخل مرحلة جديدة تتطلب من المغرب تنويع حلفائه الدبلوماسيين، وأن يعرف كيف يحقق التوازن في علاقاته الخارجية، خصوصا أنه بات شبه مؤكد أن الاعتماد على دول الاتحاد الأوروبي قد لا يكون دائما مجديا"، بيد أنه طالب في الوقت ذاته بتحرك الدبلوماسية المغرب نحو الشركاء التقليديين للمغرب في الاتحاد الأوروبي، لتدارك قرار المحكمة الأوروبية.