ديمقراطية البوليساريو تنزع عنها صفة الممثل الشرعي والوحيد للشعب الصحراوي تتدحرج جبهة البوليساريو منذ نهاية شهر أكتوبر الماضي نحو انتخابات عامة في المخيمات، ستكون محطتها الأخيرة منتصف هذا الشهر في المؤتمر الشعبي العام الرابع عشر للجبهة، الذي ينتخب فيه الرئيس حسب المادة 51 من دستور الجبهة. "الأمين العام للبوليساريو هو في الوقت ذاته رئيس الجمهورية، يتم انتخابه بواسطة اﻻقتراع السري والمباشر في المؤتمر العام للجبهة، وقيادة سياسية سيختار من بينها وجوبا رئيس حكومة ورئيس البرلمان"، حسب المواد 53 و82 من دستور البوليساريو. ويشارك في مؤتمر البوليساريو مندوبون منتخبون من المخيمات والقطاعات العسكرية في ندوات سياسية انعقدت بين شهري أكتوبر ونونبر، وشهدت عزوفا كبيرا لم يصل معه الحضور في غالبيتها إلى مائة شخص، حسب الربورتاجات التي نقتلها تلفزة البوليساريو، وما تناقلته المواقع الإلكترونية المحدودة في المخيمات، بل لم يحضر في بعضها غير من تمت تزكيتهم كمندوبين. وعدد 100 شخص مضروب في عدد دوائر المخيمات البالغة حوالي 30 بما فيها الرابوني، زائد 7 قطاعات عسكرية، يعطينا فكرة عن عدد الذي سيكون صوت على قيادة البوليساريو ورئيس جمهوريتها، والذي لن يتعدى في أقصى الأحوال 4000 شخص. وﻷن هذا الرقم يضع أكثر من علامة استفهام حول مصداقية تمثيلية جبهة البوليساريو للصحراويين، فالجمهورية الصحراوية التي ﻻ يفوت قادتها فرصة للتذكير بأنها دولة عضو مؤسس للاتحاد الإفريقي، ﻻ تجرؤ على الإفصاح عن عدد الناخبين في دوائرها اﻻنتخابية، وﻻ عن نسبة المشاركة فيها؛ وهو وضع استثنائي في العالم، وسيناريو يتكرر في كل مؤتمر من مؤتمرات الجبهة، التي وصلت إلى 14. ولم يسجل التاريخ أن حضرت اﻻنتخابات التمهيدية صحافة حرة أو مراقبون، حتى من الجزائر الحاضنة للمخيمات. واﻻتحاد الإفريقي يعترف بالجمهورية الصحراوية، الممثلة في جميع هيئاته بممثلين منتخبين بنسبة أقل من 10 %، وهو معطى يدل على نفاق بعض الحكومات والمنظمات الدولية، التي توجه عيونها وانتقاداتها لواقع الصحراويين في المغرب، الذي أثبتت المؤشرات اﻻقتصادية واﻻجتماعية والحقوقية أنه في تطور مستمر، عكس حال المخيمات، الذي يسوء يوما بعد آخر. وبإجراء مقارنة حول مؤشر الديمقراطية في الجهتين، نجد أن اﻻنتخابات المغربية التي انتهت شهرا قبل بدء انتخابات البوليساريو كانت شفافة وفق المعايير الدولية، حسب شهادة المراقبين الذين واكبوا العملية اﻻنتخابية في المغرب، التي سجلت فيها المناطق الصحراوية أكبر نسبة مشاركة؛ مما جعل منتخبيها ممثلين حقيقيين لسكان الأقاليم الصحراوية بالمغرب قولا وفعلا، كما جاء في خطاب العاهل المغربي في ذكرى المسيرة الخضراء. بينما انتهت العملية اﻻنتخابية فعليا في المخيمات، بعيدا عن الأضواء، ولم يشهد مراحلها الأساسية مراقبون، كما لم يعلم (بضم الياء) ﻻ عدد الناخبين وﻻ نسبة المشاركة فيها. وكما هي عادتها على مدار 40 سنة ستحول جبهة البوليساريو الأنظار عن ضعف مشروعية تمثيلها للصحراويين بالحضور المكثف للأجانب في مؤتمرها، ليشهدوا تزكية زعيم الجبهة بنسبة 99،99% دون أن يدروا أنها ﻻ تعني فوق 4000 صوت من مجموع ساكنة المخيمات، وهي نتيجة ﻻ تؤهل للحصول على مقعد مستشار جماعي في الأقاليم الصحراوية. وبسبب سياسة غض الطرف لن يكلف أحد نفسه عناء المقارنة، وبالأحرى السؤال عن مصداقية وشرعية المندوبين الذين يشكلون الهيئة الناخبة المشاركة في مؤتمر المنظمة التي تدعي تمثيل صحراويين مجهولي العدد، قاطع أغلبهم من تحت إدارتها انتخاباتها التمهيدية؛ وهو ما يبرز الحاجة إلى وضع قرار مجلس الأمن 2218، القاضي بإحصاء اللاجئين الصحراويين، حيز التنفيذ، حتى يكونوا على الأقل معلومين، ما دامت حقوقهم هي آخر ما يشغل المنظمة التي تدير شؤونهم، والجهات الداعمة لها. ومن أبسط حاجات اللاجئين الصحراويين أن يكونوا محصيين لدى المفوضية السامية لغوث اللاجئين، من أجل تسريع إجراءات من يرغب منهم في العودة إلى وطنه، ﻷن البوليساريو التي تتستر على عدد مناضليها، وتتستر على عدد مواطني الدولة التي أنشأتها، ﻻ تؤتمن لاستصدار وثيقة تعريف لأي كان عند الحاجة؛ مما يجعل حصول اللاجئين الصحراويين على وثائق تثبت هوياتهم ووضعهم القانوني أكثر من مجرد حق، بل حتى ﻻ يصير الواحد منهم مجهوﻻ عند خروجه من المخيمات ﻷي سبب كان. *قيادي معارض في جبهة البوليساريو