بعد الهجمات الإرهابية التي هزت مدينة الأنوار باريس أعاد الرئيس الفرنسي "فرانسوا هولاند" في خرجته الإعلامية ما صرح به الرئيس السابق "بوش" بعد أحداث 11 شتنبر 2001ˏ حرب ضد الإرهاب أو بالأحرى حرب ضد مجهول. من البديهي أن نتعاطف مع الضحايا وأسرهم, فطبيعة الإنسان ترفض العنف و تنص على السلم و الأمان. لكن من خلال الوضعية الراهنة, نتساءل هل شن الحرب هو الحل الأنسب للقضاء على الإرهاب في العالم؟ لماذا لازلنا نفتقر لسياسة عمومية شاملة لحل مشكلة الاندماج في الدول الغربية؟ في الحقيقة كان يجب على فرنسا أن تأخذ بعين الاعتبار في تصريحها نتائج الحرب التي شنتها الولاياتالمتحدةالأمريكية ضد "القاعدة" حتى بعدما قتل العقل المدبر 'بن لادن' يوم 2ماي 2011. لم يتم القضاء كليا على هذه المشكلة, حيث يجب الإقرار أن أمريكا اليوم ليست في مأمن تام, خصوصا بعد سقوط نظام صدام, فكما هو واضح الفكر الإرهابي لازال يواصل الانتشار والتوسع. لا أحد يستطيع أن ينكر أن عدد المجندين من قبل الفصائل الإرهابية قد تغير بشكل كبير من حيث الكم وجودة المستهدفين. و بعدما كان صعبا على تنظيم القاعدة استقطاب المواطنين الغربيين نجحت "داعش" في ذلك! وذلك للإغراء الذي تقدمه للملتحقين بها على أنها دولة وليست بمجموعة عادية. إن البحث عن هوية ايجابية هو النهج المعرفي الذي اختاره عدد من الناس الذين يختارون الانضمام أو التعاطف مع مثل هته المجموعات المتطرفة, فمن خلال هذه العضوية يحس هؤلاء الأشخاص بتعزيز الذات بالإضافة إلى الشعور بالانتماء. و من هنا تتشكل الطائفية التي من الطبيعي أن ينظر إليها الملتحق على أنها دفاعا عن النفس, ضد وصمة العار والمعاناة والرفض الذي يتلقاه في حياته اليومية داخل البلد الذي يعيش فيه. أزمة الهوية هو العنصر الذي نتجاهله للأسف, فمنه يولد التطرف والتشدد. يعرضون المنضمين لغسل الدماغ عن طريق تعبئتهم لهم بالنصوص الدينية والأحاديث النبوية... التي لا تفسر بمفهومها الحقيقي ولا تشرح الظروف التي نزلت فيها الآيات... يجدون أنفسهم رهائن وسط أشخاص متطرفين, هدفهم الأسمى تفجير أجسامهم وقتل أناس أبرياء باسم الدين والإسلام. بدلا من شن الحرب, كان من الأجدر أن نقترح نهجا بديلا لمكافحة الإرهاب والتطرف وذلك بإرساء سياسة عامة كاملة تضع الشخص محورا وليس دينه أو أماكن العبادة التي يتردد عليها. إن المستقطبين سيشرعون لوسائل جديدة أخرى لربح المواجهات مع مختلف الأنظمة, تخطيط أخر وتاكتيك بديل سيتم الاعتماد عليهما خلال خرجاتهم المقبلة, وعبر الأصولية دائما سيتم استقطاب شبابا أخر. إن الحرب القائمة اليوم ليست إلا سلسلة متكررة سبق وعايشناها مع القاعدة والآن مع داعش ومستقبلا مع تنظيم أخر, عبارة عن حرب ضد "مجهول" اعتدنا أن نسميه ونصنفه بالقائد الراديكالي والمتطرف. و لن ننتهي من عد الأرواح البريئة التي سيتم إسقاطها في كل عملية إرهابية إذا واصلنا العبث وتجاهل كل هذا التطرف. هذا ما يجب أن نتفاداه لأطفالنا وأجيالنا القادمة. ألم يحن الوقت بعد للقيام بالحد من هذا الإرهاب بطرق أخرى؟ وليس التعامل معه كظاهرة مثل انتشار التطرف الديني كما هو الحال اليوم. لكن كشكل من أشكال الإجرام, خطير نعم ! لكن يتطلب وسائل واستراتيجيات جديدة يتوجب العمل بها.