أثار إعلان حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، اعتزامها توزيع "أراضٍ حكومية"، على موظفي حكومة غزة السابقة، مقابل "مستحقاتهم المالية"، جدلا فلسطينيا داخليا. وأعلن زياد الظاظا عضو المكتب السياسي لحركة حماس، في 21 نونبر الجاري، أنه سيتم خلال الأيام المقبلة توزيع أراضٍ حكومية، على موظفي حكومة غزة السابقة، مقابل "مستحقاتهم المالية"، المتأخرة منذ أكثر من عام. وبحسب تصريحات الظاظا، الذي كان يشغل منصب وزير المالية في حكومة غزة، فإن مساحة الأراضي التي سيتم توزيعها تبلغ نحو 1200 دونم (الدونم يعادل ألف متر مربع). ووفق تصريحات سابقة لنائب نقيب الموظفين العموميين في قطاع غزة (تديرها حماس)، "إيهاب النحال"، فإن إجمالي مستحقات الموظفين على حكومة غزة السابقة، بلغت نحو 500 مليون دولار أمريكي، موزعةً على نحو 40 ألف موظف مدني وعسكري. وصادق على القرار اليوم الأحد، المجلس التشريعي (البرلمان) الفلسطيني، في قطاع غزة، والذي تهيمن حركة حماس على أغلبية مقاعده، وقال المجلس إنه "بعد عقد جلسة خاصة، أقر التشريعي رسميا، توصيات لجانه الثلاث وهي (القانونية – الاقتصادية – الموازنة)، بعد تقديم سلطة الأراضي (تديرها حركة حماس) مقترحا بتخصيص أراضٍ حكومية لصالح مشروع إسكان". وأضاف بيان المجلس إنّ المشروع يهدف إلى ضمان تحقيق المصلحة العليا لأبناء الشعب الفلسطيني، "وإتاحة الفرصة لكافة المواطنين للاستفادة من هذه المشاريع وضمان الالتزام بأحكام القانون". وينعقد المجلس التشريعي، منذ أحداث الانقسام عام 2007، بمشاركة نواب كتلة حماس البرلمانية، ويتم تنفيذ قراراته وتشريعاته في قطاع غزة التي لا تزال تسيطر عليه حركة "حماس". ويقول عاطف عدوان، رئيس اللجنة الاقتصادية في المجلس التشريعي، لوكالة الأناضول، إن المجلس ناقش مشروع تخصيص "أراض حكومية"، عبر لجان مختصة قبل أن يتم إقراره. ووصف عدوان القرار بأنه "قانوني"، ولا يتعارض مع أي مادة في القانون الفلسطيني، مضيفا:" لا يحق لحكومة التوافق التي تخلت عن مسؤولياتها تجاه قطاع غزة، وتنصلت من حقوق الموظفين أن تعترض على هذا القرار". ورفضت حكومة التوافق الوطني الفلسطينية، إعلان حركة حماس توزيع أراضٍ في قطاع غزة، على موظفي حكومتها السابقة. وجاء في البيان الصادر عن الحكومة، عقب اجتماعها الأسبوعي الثلاثاء الماضي، "نستنكر ونرفض قيام حركة حماس بتوزيع الأراضي الحكومية على العاملين في الدوائر الحكومية، والتي قامت بتعيينهم بعد عام 2007، بدلاً من أجورهم ومستحقاتهم المالية". غير أن عدوان، قال إن المجلس التشريعي بغزة، لا يكترث لما وصفها بالاعتراضات المؤسفة، مستدركا بالقول:" الحكومة تخلت عن دورها، النواب المنتخبين من قبل هذا الشعب سيقومون بدورهم". من جانبه، قال مفيد الحساينة، وزير الأشغال والإسكان في حكومة التوافق الفلسطينية، إن حركة حماس تقوم بإجراء خطير وغير قانوني، مضيفا: "للأسف هذا القرار يعزز الانقسام بين حركتي فتح، وحماس، ولم يتم وفق الإجراءات السياسية والقانونية، والحكومة أكدت أنها لن تتخلى عن حقوق الموظفين، وتعمل جاهدة لحل أزمتهم المالية، لكن حركة حماس التي لا تزال تتولى مقاليد الحكم في قطاع غزة تقوم بإجراءات أحادية ومنفردة". ولم يتلقّ موظفو حكومة غزة السابقة، البالغ عددهم نحو 40 ألف موظف، رواتب من حكومة الوفاق الفلسطينية التي تشكلت قبل عام، باستثناء دفعة مالية واحدة بلغت قيمتها 1200 دولار أمريكي، حصل عليها الموظفون المدنيون فقط في أكتوبر 2014. من جهته، قال يحيي رباح القيادي في حركة التحرير الفلسطيني (فتح)، إن حركة حماس تتصرف وكأنها "سلطة أمر واقع" في قطاع غزة، متابعا بالقول: " حماس جعلت من غزة دولة لها، وعلى هذا الأساس تتصرف، ولا تكترث لاتفاقيات المصالحة، ولا لحكومة توافق، (..)، وتواصل اتخاذا القرارات الأحادية والخاطئة، وهو قرار غير قانوني كونه غير صادر عن السلطة الفلسطينية ومؤسساتها الشرعية". ومن جهتها وصفت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين (تنظيم يساري)، قرار حماس بأنه "خاطئ"، وطالبتها بالعدول الفوري عنه،وأضافت الجبهة، أنّها ترفض مثل هذه القرارات التي لا تخدم "المصلحة العامة"، وتصب في تعزيز الانقسام. ويرى هاني حبيب، الكاتب السياسي في صحيفة الأيام الصادرة من رام الله في الضفة الغربية، في قرار حركة حماس القاضي بتوزيع "أراضٍ" على موظفي حكومة غزة السابقة، خطوة تعزز الانقسام الفلسطيني. ويضيف حبيب لوكالة الأناضول:" مشاكل موظفي الحكومة لا يتم حلها بهذه الطريقة، وبعيدا عن كون الأمر قانوني، أم لا، الحالة الفلسطينية حالة خاصة، لا تخضع للمعايير القانونية، هناك أبعاد سياسية، يجب مراعاتها، حركة حماس لا تتعامل بواقعية فيما يتعلق بهذا الطرح". غير أن وليد المدلل، أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الإسلامية بغزة، يصف قرار حركة حماس، بأنه "خطوة اضطرارية"، مضيفا بالقول" من غير المعقول أن تتنكر حركة حماس، لآلاف الموظفين، ومعاناتهم الإنسانية التي تتفاقم يوما بعد يوم، ثم إن الحل نحو التوجه لأراضٍ حكومية قامت بتنفيذه سابقا السلطة الفلسطينية". وتابع:" حكومة التوافق بعد عام من تشكيلها، لم تقم بأي شيء تجاه الموظفين، لهذا من الطبيعي أن تبادر حركة حماس، ومن باب المسؤولية الأخلاقية والاجتماعية نحو هذه الخطوة".