بعد زهاء 3 عقود من تعريب المواد العلمية، سيكون على التلاميذ المغاربة، ابتداء من السنة الدراسية الحالية، دراسة مادتي الرياضيات والعلوم الفيزيائية باللغة الفرنسية، وفق مذكرة وزارية توصل بها مدراء الأكاديميات الجهوية. تربويون مغاربة اعتبروا أن الخطوة تتسم بالشجاعة، في ظل المفارقة الكبيرة بين تدريس التلاميذ مدة 12 سنة باللغة العربية، ليجدوا أنفسهم يدرسون باللغة الفرنسية في الجامعات والمعاهد العليا، داعين في الوقت نفسه إلى دعم التلاميذ بسبب ضعف مستوى اللغة الفرنسية لديهم؛ ما يجعل استيعابهم المواد العلمية دون المستوى المطلوب. الباحث التربوي محمد الشلوشي يرى أن اللغة الفرنسية لم تعد لغة علوم اليوم، والأوْلى التفكير في التدريس بالإنجليزية، كما هو الأمر في أغلب بلدان العالم. مستطردا بأن جرعة بهذا الحجم تحتاج إلى تدبير متوسط المدى وموارد بشرية كافية، ومعادلات سياسية لم يحن وقتها بعد، متابعا: "أولى هذه التدابير البدء في تدريس الإنجليزية مبكرا جدا، والتفكير جديا في تعميم اعتمادها في الشعب العلمية بالتعليم العالي تدريجيا". واعتبر الشلوشي، في تصريح لجريدة هسبريس، أن الوزير بلمختار بخطوته هذه تحلى بالجرأة الكافية لإخراج التعليم إلى آفاق عالمية رحبة، خصوصا أن عملية كهذه لن تكلف ميزانية الدولة درهما، على اعتبار أن الأطر التعليمية كلها مؤهلة لمثل هذه النقلة الجذرية، نظرا لأن تكوينها الجامعي كان باللغة الفرنسية. ودعا الشلوشي إلى توسيع هذه العملية لتشمل تدريس العلوم بالتعليم الإعدادي باللغة الفرنسية، وكذلك تدريس الرياضيات والنشاط العلمي بالمستوى السادس من التعليم الابتدائي، عملا بمبدأ التناوب اللغوي الذي أقره مجلس عزيمان، بعيدا عن كل تأويل إيديولوجي أو سياساوي ضيق، وفق تعبيره. في المقابل، اعتبرت الأستاذة نعيمة المعروفي، أستاذة مادة الرياضيات بالسلك الثاني، أن المشكل غير مطروح بالنسبة للأساتذة المدرسين للغات العلمية على مستوى الثانويات التأهيلية، في حين أن تلاميذ القطاع العمومي يعانون بسبب مستواهم الضعيف في اللغة الفرنسية، فيما لا يعاني تلامذة القطاع الخصوصي من هذا المشكل. وأكدت الأستاذة التي تدرس الرياضيات بمسلك الباكالوريا الدولية، في تصريح لجريدة هسبريس، أن التلاميذ غير متمكنين من اللغة الفرنسية؛ الأمر الذي يمنعهم من استيعاب دروس المواد العلمية بالشكل الكافي والمطلوب، ما يضطر الأساتذة إلى الشرح باللغة العربية. وترى المعروفي أن الانتقال من دراسة المواد العلمية باللغة العربية في المستوى الثانوي إلى الفرنسية في الجامعة كان يطرح تناقضا كبيرا، ويساهم في ترك الطلبة الجامعيين دراستهم، مشددة على ضرورة دعم التلاميذ في اللغة الفرنسية؛ بما يمكنهم من أخذ رصيد أساسي لمتابعة دراسة التخصصات الجامعية العلمية. لافتة إلى الخصاص الكبير في المطبوعات العلمية باللغة الفرنسية، ومؤكدة أن فرنسة المواد العلمية لم تواكب ببرمجة مسبقة بآليات التدريس.