أولا: "الائتلاف الوطني ل20 فبراير" ها قد أطلق جزء من الشعب المغربي مسيرة التغيير الحقيقي في بلد الرباط والكرامة، وخرجت أحلام شباب الفيسبوك وطموحات السياسيين والحقوقيين والمدنيين من حيز المتمنيات إلى عالم الواقع، وقدّم المغاربة مشهدا حضاريا راقيا في الاحتجاج والتظاهر السلمي في الأسلوب والعميق في مطلب التغيير السياسي والإصلاح الاجتماعي. (نرجع لخلفيات أعمال العنف والتخريب التي شهدتها بعض المدن في مقال الغد). 20 فبراير 2011، أظنه من الأيام التاريخية التي سيحتفي بها المغاربة مستقبلا ويدرجونها في تربية أبنائهم الوطنية، ولا ريب أنهم سيؤرخون به لعصرهم السياسي الحديث حين يدركون أنه الْمَعْلَم الزمني الذي دشنوا عند سويعاته بداية إنهاء الحكم الفردي التسلطي والنظام الاستبدادي الإقطاعي، وبدون أدنى شك سيكون لهذا اليوم ارتداداته الكبرى الإيجابية على مسار المغرب شعبا ودولة إن أحسن المعنيون ب"20 فبراير"، بعد أن دخلوا زمن "ما بعد 20 فبراير"، الإجابة على سؤال تأمين هذه الانتفاضة والحفاظ على "تراث" هذا اليوم وإنضاج إيجابياته ودفع سلبياته. وهذه خمسة مستويات، تنظيمية وحركية وثقافية واجتماعية وسياسية، أرى أنه من "المهم العاجل" خوض النقاش فيها، والاتفاق في ملامحها الرئيسة بين الأطراف الفاعلة في مسيرة التغيير التي انطلقت، أنشر أفكارها تباعا على النحو الآتي: أولا: على المستوى التنظيمي.. الائتلاف الوطني ل 20 فبراير ثانيا: على المستوى الحركي.. سلمية الاحتجاجات ثالثا: على المستوى الثقافي.. قيم الشراكة في الوطن رابعا: على المستوى الاجتماعي.. لجان التواصل الشعبي خامسا: على المستوى السياسي.. الميثاق السياسي الجامع وفيما يلي شذرات المستوى التنظيمي: أولا: على المستوى التنظيمي.. الائتلاف الوطني ل20 فبراير تميزت المرحلة الإعدادية للخروج يوم 20 فبراير على المستوى التنظيمي بتنسيق غلب عليه الطابع المحلي في كل مدينة على حدة، وإن كان لا يخفى ارتباطه بالاتفاقات التي تمت على المستوى المركزي بين التنظيمات والشباب والأحزاب والجمعيات المشاركة في هذه الاحتجاجات. ولا يمكن للمتتبع إلا أن يسجل نجاحا ملحوظا لهذا العمل، ويحيي عاليا، رغم بعض المؤاخذات، ما اتسمت به الأطراف من تغليب الصورة الجماعية للاحتجاجات على حساب الأرباح التنظيمية لكل كيان. غير أن المرحلة المقبلة تستدعي، لعدد من الاعتبارات السياسية والتنظيمية، تشكيل هيئة وطنية مركزية، أقترح تسميتها ب"الائتلاف الوطني لانتفاضة 20 فبراير"، تعد الممثل الأعلى والمرجع الأوحد ل"انتفاضة 20 فبراير" بكل الأطياف والأطراف التي انخرطت في هذه المسيرة. أبرز داعٍ تنظيمي للقيام بهذه الخطوة هو توحيد الجهة التنظيمية المسؤولة عن حركة 20 فبراير وما سيعقبها من تحركات مستقبلية، وهو ما من شأنه أن يضمن الانسجام لمختلف الاحتجاجات المحلية حين يصبح لها رأس وحيد، له مسؤولية معنوية تنظيمية وسياسية، قد يقترح توقيت الاحتجاجات وأحجامها التصعيدية وشعاراتها المرفوعة... وحتى تنعكس كل الألوان السياسية والمدنية في هذا الائتلاف الوطني يلزم أن يضم في عضويته تمثيليات عن الشباب الذي بادر عبر الفيسبوك للتظاهر والحركات الإسلامية والتنظيمات المدنية والأحزاب السياسية والجمعيات الحقوقية التي نظمت وشاركت في التظاهر يوم الأحد المشهود، وكذا الرموز والشخصيات الوطنية المستقلة ك"علي المرابط" و"أحمد المرزوقي" و"أحمد السنوسي" مثلا، ويمكن أن يتوسع ليضم شخصيات شرفية ذات قيمة وطنية عالية، معروفة بدعوتها للتغيير حتى وإن لم يكن لها فعل ميداني، كالدكتور "المهدي المنجرة" والاقتصادي "ميلود الشعبي"، ويستحسن أن تتركز شخصيات "الائتلاف" وممثلوه في العاصمة السياسية الرباط ونواحيها ليسهل التنسيق والضبط والحضور في الاحتجاجات المركزية. ويمكن للمدن أن تنشئ على ذات المنوال "ائتلافات محلية" (لعل التنسيقيات الموجودة نواتها) ينحدر أعضاؤها من امتدادات الأطياف الممثلة في "الائتلاف المركزي" إضافة إلى القوى الفاعلة محليا وإن لم يكن لها امتداد وطني وتمثيل مركزي. لكن الأساس هو أن تعتبر جميع التنسيقيات والفعاليات والائتلافات المحلية وفي سائر مدن المغرب "الائتلاف الوطني لانتفاضة 20 فبراير" بمثابة الهيئة العليا والجهة المسؤولة عن تدبير المرحلة المقبلة. ولا شك أن تنوع أطراف هذا الائتلاف الوطني وحرصه على ضم كل الفعاليات ناهيك عن وجود الشخصيات الكفأة النزيهة الموثوق في أمانتها وتمثلها المصلحة العامة من شأنه أن يبعث الطمأنينة في قلوب الجميع ويدفع كل ريبة وتخوف. أما الداعي السياسي لتشكيل ائتلاف وطني فهو ضمان وحدة المرجعية السياسية التي تصدر عنها المواقف، وتقدر طبيعة المرحلة وتحسن اتخاذ القرار. ففي مرحلة من مراحل التدافع مع نظام الاستبداد قد تتباين رؤى الأفراد، وتختلف تقديرات التنظيمات، وتزدحم الخيارات أمام دقة الحسابات السياسية (يمكن الاستفادة من تباين مواقف الثورة المصرية بعد الخطاب الثاني لمبارك)، فمن هي الجهة المتحدثة باسم الانتفاضة والتي يلزم أن يمتثل لقرارها الجميع؟ لذلك، ومن منطلق رؤية مستقبلية سياسية وأخرى تدبيرية تنظيمية، يلزم إن أرادت "انتفاضة 20 فبراير" أن تصبح أكثر تنظيما وجدية في المرحلة المقبلة أن تؤسس "ائتلاف وطنيا" يتحدث باسمها ويدافع عن مطالبها ويوحد جهودها ويقودها نحو وجهتها. [email protected]