مقدمة: تتميز العلاقات المغربية الإيرانية على الكثير من العلاقات بين الدول بنوع من الشد والجذب منذ القدم، وقد حاولت من خلال هذا البحث البسيط جداً، أن أستعرض مختلف المحطات التي مرت بها العلاقات المغربية-الإيرانية، وإن كان هذا الموضوع شيقاً ويستحق البحث فيه إصدار مؤلفات عدة، ويجب أن أشير هنا إلى أنه على الرغم من التباعد الجغرافي الكبير بين المغرب وإيران، إلا أن علاقة هذين البلدين لم تكن وليدة اليوم، كما لم تتميز بالجمود أو الابتعاد. وترجع أساساً جذور العلاقات الإيرانية-المغربية إلى زمن الدولة الصفوية والتي داع سيطها وأخذت في الامتداد شرقا وغرباً، كما دخلت في صراعات عدة مع بلدان جوارها. هذا استدعى من الطرف الإيراني إقامة تحالفات دولية تمكنه من صد توغلات أعدائه، خصوصاً الإمبراطورية العثمانية المترامية الأطراف. والتي وقف المغرب كلقمة لم تُستسغ له. إن الوضعية السياسية للمغرب خلال القرن السادس عشر مهدت لبداية نشؤ تقارب بين الدولة الإيرانية من جهة ودولة السعديين المتنامية والتي حققت الاستقرار في رقعة حكمها بل والانتصار في مواجهات عسكرية دامية مع بلدان ذات ثقل هام في الميزان الدولي أنداك، مثل تحقيق انتصار في مواجهتهم ضد البرتغاليين في معركة وادي المخازن سنة 1678م، كما أن عضلات الدولة المغربية في ذلك الوقت برزت للأنظار الدولية بعد أن حدَت من استمرار النفوذ العثماني في الحدود مع الجارة الجزائر دون الوصول إلى المغرب. هذه الصورة اللامعة للمغرب، خصوصاً ما يتعلق فيها بتعاملاته مع الجانب العثماني أثارت اهتمام الشاه عباس الصفوي، وبعث الشاه الصفوي بسفارته إلى السلطان السعدي طالباً يد المساعدة لمواجهة الأتراك لعثمانيين لإضعافهم، حيث أن أعيُن الشاه عباس الصفوي كانت مصوَبة نحو الامتداد في أدر يبجان والمجال العراقي لأهميته الدينية. وتتميز العلاقات المغربي-الإيرانية بالتفاعل منذ حكم السعديين للمغرب والصفويين لإيران مروراً بالحكم البهلوي في إيران والملكية العلوية في المغرب، لكن هذه العلاقات عرفت انزلاقاً خطيراً وصل إلى حد القطيعة لحوالي عقدين من الزمن بعد نجاح الثورة الإسلامية، ما يمكننا أن نفسره بخوف الملكية المغربية من مواجهة ذات المصير البهلوي ومن تصدير الثورة إلى المغرب من قبل الخميني ومن والاه، أو وبسبب العلاقات المتينة التي تجمع العاهل المغربي الحسن الثاني والشاه الإيراني محمد رضا بهلوي، وبعد القطيعة التي حدثت بعد الثورة الإسلامية سنة 1979م، رجع البلدان إلى نوع من التفاعل من جديد واستئناف العمل الدبلوماسي والسياسي، لكن صرعان ما تعكر صفو العلاقات من جديد بين البلدين لتجرئ الجانب الإيراني بتصريحات تمس سيادة مملكة البحرين ذات العلاقات المميزة مع المغرب من جهة وتدخل إيران في الشؤون الداخلية للمغرب من جهة أخرى. 1-العلاقات الإيرانية المغربية خلال الحكم البهلوي لم تعرف العلاقات المغربية-الإيرانية خلال فترة معينة ركوداً، فهي تتصف تارة بالتوافق بين الطرفين يؤدي أحياناً إلى تقاربهما، كما عرفت هذه العلاقة أحياناً أخرى تنافراً أدى في غالب الأحيان إلى القطيعة بين البلدين. بالرغم من البعد الجغرافي والاختلاف المذهبي والتوجه السياسي للبلدين، فقد اتسمت العلاقات المغربية –الإيرانية، خصوصاً خلال فترة حكم الشاه محمد رضا بهلوي باتساع دائرة الاهتمامات السياسية بين البلدين، ليتعدى العلاقات الدبلوماسية خلال مطلع ستينيات القرن الماضي إلى التعاون السياسي والعسكري-الأمني بين البلدين. ومن المعروف أن إيران كانت تعاني من المد البعثي وبروز التيارات القومية الثورية في بعض البلدان العربية مما زاد من مخاوف إيران، لكن سرعان ما توفي رأس حربة هذا المد وهو جمال عبد الناصر رئيس مصر باعتبار هذه الأخيرة جندي المنطقة، أدى هذا الحدث إلى بحث إيران عن تحالف مع بلدان أخرى إسلامية وإن كانت بعيدة جغرافياً ممن يتقاسم معها بعض الرؤى والمصالح. بذلك سعى الشاه الإيراني محمد رضا بهلوي إلى التقرب من أخيه الملك الحسن الثاني. وتجدر الإشارة هنا إلى التعاون الأمني الذي جمع البلدان بعد أن تم التنسيق رفقة السعودية وفرنسا على القيام بعمليات أمنية إستراتيجية في أفريقيا، بعد توقيع هذه الأطراف لاتفاقيات سرية سنة 1975م في مدينة جدة بالسعودية، وتم تسمية مجموعة التحالف بنادي سافاري1، كما تم التوقيع بين الجانب المغربي ونظيره الإيراني على جملة من اتفاقيات التعاون تهم مختلف المجالات الفلاحية والفنية والتنموية. أمام هذا التقارب الواضح بين البلدين الإسلاميين، برزت اختلافات بين الطرفين لتعكر صفو العلاقات الثنائية، وذلك لتصريح الجانب المغربي في شخص الملك الحسن الثاني بإماراتية جزر أبو موسى، طنب الكبرى وطنب الصغرى، ومطالبته لإيران بضرورة تسوية هذه القضية. هذا وكان لاتفاقية عسكرية لصالح المغرب من الجانب الأمريكي التي وقف ضدها الجانب الإيراني الأثر الكبير في توثر العلاقات بين البلدين. 2-نظرة المغرب للثورة الإسلامية والنظام البهلوي إبان الثورة الإسلامية في إيران بالرغم مما ميز العلاقات المغربية الإيرانية من تأزم قبل اشتعال فتيل الثورة الإسلامية ، خصوصاً بعد أن عارض الشاه محمد رضا بهلوي تنازله لأسابيع فقط عن صفقة حصول المملكة المغربية على طائرات فانتوم الأمريكية التي كان خلال السبعينيات في أمس الحاجة إليها. شهدت العلاقات الإيرانية-المغربية تقارباً ملحوظاً، هذا ما يتبين خصوصاً بعد أن اختار الشاه الإيراني المغرب في شخص ملكه سعياً للوساطة بينه وبين معارضيه اللذين يتزعمهم أية الله الخميني. ولم يتأخر العاهل المغربي (الحسن الثاني) في مد يد المساعدة للشاه الإيراني، حيث أرسل مستشاره إلى العراق، إلا أن عبد الهادي بوطالب، مستشار العاهل الحسن الثاني تفاجئ بترحيل أية الله الخميني من العراق لينتقل بوطالب إلى إيران ويلتقي المعارضة ويتوصل مع أية الله العظمى، كاظم شريعت المداري إلى لائحة مطالب المعارضة، وقد نقلها المستشار الملكي المغربي إلى المغرب ليتم مناقشتها بين العاهل المغربي (الحسن الثاني) والشاه البهلوي (محمد رضا بهلوي)2. لكن هذه الوساطة التي لم ترضخ لها المعارضة واستمرت في احتجاجاتها إلى أن وقف الجيش في حياد وتهاوى بذلك نظام الشاه الإيراني. أمام هذه التطورات لم يجد محمد رضا بهلوي سوى الفرار حلا لمعضلته خصوصاً أمام تفاقم الأوضاع في بلده 3. بعد نجاح الثورة الإسلامية في إيران الثورة، دخلت العلاقات المغربية-الإيرانية في مرحلة الجمود، ونظراً للعلاقة التي كانت تربط العاهل المغربي بالشاه محمد رضا، لم يتوانى المغرب في استقبال الشاه الإيراني حيث أعلن قرار استضافة المخلوع بقوة الدين سنة 1981م، بذلك تأزم الوضع بين البلدين لتدوم القطيعة بينهما حوالي 16 سنة. لعل الجزائر التي باركت الثورة الإسلامية في إيران منذ يومها الأول كانت تتقرب يوم بعد يوم من هذا النظام الفتي، وكانت خلف تصعيد الخطاب بين المغرب وإيران، إلى أن وصلت لدرجة متطورة من الخلاف، حيث كانت الجزائر تسعى خلف كل وسيلة تزيد من تعميق الهوة بين النظام المغربي والمولود الإسلامي الإيراني الجديد، ومن ذلك ما قامت به الجزائر في الضغط على المنابر الإعلامية الفرنسية لبث البرنامج التلفزيوني الذي أدلى فيه الملك الراحل المغربي بتصريحات هجومية ضد الخميني ولم يكن من الجانب الإيراني إلى طرد السفير المغربي من إيران، عاد السفير المغربي متأبطاً حقائبه إلى الرباط، وازدادت الهوة عمقاً بين البلدين، خصوصاً وأن المغرب صعد خطاباته وتصدى داخلياً لكل ما يمكن أن يكون محاولة إيرانية لتصدير الثورة ونشر فكرها في البلد، أما الجانب الإيراني فلم يقف هو الأخر في هذا الحد بل إنه لعب دخل المنطقة الحساسة للدولة والنظام المغربيين بأن دعم أطروحة الانفصاليين في الصحراء والمدعمين من قبل النظام الجزائري4، ولم تتوقف تحركات الجانب الإيراني عند هذا الحد، حيث حاول أن ينتقم من المغرب على خلفية استقبال المغرب لرئيس الحكومة الإسرائيلي (شمعون بيريز)، وذلك بأن سعى جانبا إلى جانب مع أطراف سورية ووفد جزائري وأخر ليبي إلى استبعاد المغرب من رئاسة الاجتماع الذي قرر بأن يكون في أمريكا عقب اجتماع الأممالمتحدة، بعد أن عقد بمدينة فاس المغربية مؤتمر وزراء خارجية الدول الإسلامية السادس عشر سنة 1986، لكن هذه المؤامرة استطاعت الدبلوماسية المغربية الإفلات منها. واستمر البلدان في مقاطعة العلاقات ومهاجمة بعضهم البعض إعلاميا إلى أن توقفت الحرب العراقية-الإيرانية التي كان المغرب سنة 1982 خلال القمة العربية المنعقدة بفاس قد أدلى فيها باستعداده لمناصرة العراق وفقاً للمعاهدة التي وقع عليها. بوفاة الخميني في يونيو 1989م باعتباره رأس حربة النظام الإيراني الجديد، دخل المغرب في نمط جديد من التعامل مع إيران في ظل الانفتاح والتقارب الذي أظهره النظام الإيراني في أخذه للعلاقات الدولية مع بعض البلدان5. 3-العلاقات المغربية-الإيرانية بعد الثورة الإسلامية من التقارب إلى قطيعة 2009م عرفت العلاقات المغربية الإيرانية تردداً بين الاستقرار تارة والاضطراب تارة أخرى، وذلك لارتباطها الوثيق بالعوامل السياسية الخارجية والداخلية، حيث لم تتمكن الآلة الدبلوماسية من إيجاد حلا ناجعاً خلال السنوات الماضية. فبالرغم من البعد الجغرافي بين البلدين فإن تقييم إستراتيجية العلاقة بين البلدين ونقطة تقاطع الدين والتباين المذهبي من جهة ، والمنظومة الخليجية التي توجد في منطقة تماس مع إيران من جهة أخرى، حيث يقع المغرب تحت تأثير رؤية بعض دول الخليج، فإن تقارب البلدين يؤثر على الخريطة الجيوسياسية للمنطقة ومصلحة البلدين على وجه الخصوص. فالأسباب الرئيسية التي أدت إلى توثر العلاقات بين المغرب وإيران تتمثل في العنصر الديني بشكل أساسي، حيث أشار بيان وزارة الخارجية المغربية إلى تقارير تظهر دعم إيران لحركة تشيع في المغرب، مما أدى إلى إغلاق السفارة الإيرانيةبالرباط عام 2009م. والأمر يعتبر من زاوية الإساءة لمقومات المغرب الدينية الجوهرية، والمس بالهوية الراسخة لشعبه ووحدة عقيدته ومذهبه السني المالكي؛ حيث تقوم إيران بضخ أموال هائلة لنشر التشييع في صفوف المغاربة، والمقيمين منهم في الديار الأوربية بشكل خاص6. واعتبر البيان هذه الأعمال تدخلاً في الشؤون الداخلية للمغرب وفقاً لمخطط مدروس من قبل7 والمس بأحد مقدسات المملكة مما نتج عنه من تداعيات أهمها قرار قطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران. والواقع أن قضية نشر التشيع يشوبها الكثير من الغموض، خصوصا في ما يتعلق بالإحصاءات الحقيقية لظاهرة التشييع والحجم الحقيقي للنشاط الشيعي وخريطة انتشاره في المغرب، كما أن هنالك الكثير من التحفظ والحساسية في تناول هذه القضية على المستوى الرسمي، حيث يُكتفا عادة بالتصريحات وتغييب الإحصاءات والمصادر الرسمية للظاهرة. علاوة على ذلك، هناك سبب أخر أدى إلى قطع العلاقات بشكل مباشر بين الرباطوطهران ويتمثل في أزمة العلاقة بين إيرانوالبحرين عام 2009، حيث أعلنت إيران من خلال أحد مسئوليها، أن البحرين تعتبر الولاية الإيرانية الرابعة عشر. وكان المغرب ضمن الرافضين لذلك التصريح؛ حيث أرسل وزير خارجيته إلى المنامة لتسليم رسالة تضامن من الملك محمد السادس لملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة. في ظل تلك الأحداث تمخض عراك دبلوماسي حيث خصت طهران المغرب وحده بالاحتجاج، انتهى في أخر المطاف إلى أزمة بين المملكة المغربية و الجمهورية الإيرانية، و قد استمرت المقاطعة سنوات عديدة، في حين أبقت العلاقات الإيرانيةالبحرينية مبدأ و سياسة حسن الجوار. ومن جهة أخرى فرض الموقف الإيراني، الذي يوصف بالحياد الإيجابي ويكتنفه الغموض، بخصوص قضية الصحراء المغربية توثرا بين طهرانوالرباط. فقد عبرت إيران عن موقفها المتمثل في تأييد استقلال ما يسمى في مخيمات تندوف باسم جبهة البوليساريو بالرغم من تعبير الخارجية الإيرانية في فبراير 2007م عن دعم إيران لحل سياسي دائم بين الأطرف المعنية. أعاد المغرب تأكيده مجددا على أهمية هذه المسألة في استئناف العلاقة؛ حيث طالب إيران باحترام مبدأ السيادة الداخلية في تحديد موقف واضح من ملف الصحراء باعتباره شأنا مغربيا داخليا محض. ومن ناحية أخرى زاد تطور العلاقات الإيرانيةالجزائرية الطين بلة، باعتبار الجزائر طرف فاعل في قضية الصحراء، وذلك حين زار الرئيس بوتفليقة إيران عام 2000 وزيارة محمد خاتمي للجزائر عام 2004م، وذلك لما تحمله الزيارتان من مؤشرات ودلالات سياسية. 4-استئناف العمل الدبلوماسي بين المغرب وإيران بعد قطيعة 2009 إن المتتبع لتطور العلاقات المغربية-الإيرانية في الوقت المعاصر، يلاحظ هذا طابع المميز للعلاقات الدولية الذي طبع العلاقة بين البلدين، فتأخذ العلاقة تارة التوافق والتعاون، والقطيعة والتصعيد إلى أبعد الحدود تارة أخرى، حيث عاد المغرب وإيران إلى استئناف العمل الدبلوماسي بين البلدين بعد قطيعة دامت حوالي خمس سنوات، حينما جرى اتصال بين وزير الخارجية المغربي صلاح الدين مزوار ونظيره الإيراني محمد جواد ظريف، وذلك يوم الأربعاء 5/2/2014م، بعد أن دعا المغرب الجانب الإيراني لحضور اجتماع لجنة القدس قبل شهر من تاريخه والمنعقد بمدينة مراكش، معلناً بذلك انفراجاً في العلاقات بين البلدين8. خاتمة: يعتبر السعي وراء الرفع من مستوى العلاقات الدبلوماسية بين المغرب وإيران أمر تفرضه متغيرات إقليمية ودولية؛ إذ لم يعد بناء علاقات جيدة خلال عصرنا الحالي يقتصر على بلدان الجوار، بل يتعداه إلى عقد تحالفات مع بلدان أخرى وإن كانت بعيدة جغرافياً، وهو أمر يلعب دورا في تقوية التوجه الداعم لإعادة العلاقات بين الرباطوطهران. إن لاستعادة العلاقة مع المغرب خلفيات عديدة؛ حيث تمثل العلاقة مع المغرب بالنسبة لإيران المقتنعة بدوره كفاعل إقليمي نظراً أهميته الإستراتيجية باعتباره فاعلاً في مناطق أساسية جيوستراتيجياً، سواء في منطقة المغرب الكبير أو في إفريقيا ومنطقة الصحراء والساحل. ولاعتبارات سياسية وإستراتجية تعرف الدبلوماسية المغربية حضورا متصاعدا بشكل ملحوظ، ويعكس ذلك حجم الزيارات الرسمية للملك محمد السادس لعدد من الدول الإفريقية. ولاشك أن إفريقيا داخلة في دائرة الاهتمام الإيراني، خصوصا أن المغرب له نشاط ديني قوي ومتصاعد هناك في سياق ما يمكن وصفه بمهمة "دعم الإسلام المعتدل" في القارة السمراء؛ مما قد يجعل الاحتكاك على مستوى النشاط الديني في تلك المناطق عنصرا لا يمكن إغفاله مستقبلاً، إذا استحضرنا التواجد الإيراني في تلك المناطق من الناحية المذهبية من جهة، والحضور الديني المغربي المقابل له والمكثف، والمستند إلى البعد الديني الصوفي، من جهة أخرى. في هذا السياق تضافرت عدة مؤشرات في السنوات الأخيرة تشير إلى الاتجاه نحو إعادة ترميم العلاقة بين المغرب وإيران، وهو ما عكسته مجموعة من اللقاءات الرسمية بين الجانبين؛ حيث شارك وزير الدولة السابق في الخارجية المغربية يوسف العمراني رفقة وفد رفيع في قمة طهران لحركة دول عدم الانحياز عام 2012، وكذلك مبادرة البرلمان الإيراني لتشكيل لجنة مشتركة مهمتها تطوير العلاقات المغربية-الإيرانية. بالإضافة إلى اللقاء الذي جمع رئيس الحكومة المغربية عبد الإله بن كيران ووزير الخارجية الإيراني في القاهرة على هامش انعقاد مؤتمر القمة الإسلامية عام 2013. وكذلك بوادر أخرى أبرزها دعوة المغرب إيران في يناير من عام 2014م لحضور اجتماع لجنة القدس بمدينة مراكش؛ حيث حضر سفير إيران لدى منظمة التعاون الإسلامي حامد رضا دهقاني. وقد وضع المغرب عددًا من الشروط التي تحدثت عنها وسائل الإعلام المغربية وغيرها في سياق هذا الاتصال بين الجانبين، وتم تحديدها داخليا بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للمغرب واحترام مقوماته الدينية والحضارية، وخارجيا في عدم التدخل في الشؤون الداخلية لدول الخليج ذات الصلة بالمغرب، وصولا إلى فتح سفارة البلدين في كل من طهرانوالرباط بعد أن استقبل وزير الخارجية المغربي صلاح الدين مزوار السفير الإيراني المعتمد بالرباط في شهر يناير من سنة 2015م9. ويبدو من خلال السرعة والوتيرة التي يمشي وفقها مسار إعادة ترميم العلاقة أن هذه الشروط ما زالت تُدرس في طهران في انتظار عملية إخراجها سياسيا في المستقبل. وتجدر الإشارة هنا إلى أن تجاوز عقبة البعد المذهبي في العلاقة بين الجانبين أحد عناصر الاستقرار، خاصة أن البعد الجغرافي لمنطقة المغرب الكبير عن الخليج لا يزال يجعل النخب السياسية والفكرية في المغرب بعيدة عن التخوفات التي تحكم سلوك عدد من دول الخليج تجاه إيران في القضايا ذات الطابع المذهبي. تُرى هل ستحظى العلاقة بين إيران والمغرب بحظها الوافر من الاستقرار بالرغم من غياب الركائز القوية الاقتصادية والتجارية بين البلدين؟ أم أن المستقبل محفوف بالاضطرابات و تردد يضعف لغة المصالح أو حتى التصالح؟ ولماذا يقف المغرب سداً منيعاً لأي هجمات يمكن أن تفكر فيها إيران على البلدان الخليجية، بداية بالتدخل لصالح البحرين سنة 2009م، ووصولاً إلى عاصفة الحزم التي تشارك فيها القوات المغربية جنباً إلى جنب مع قوات التحالف الخليجي ضد الامتداد الإيراني الخفي في اليمن؟ تم والحمد لله،،، هوامش: 1 الأحمري، محمد حامد وآخرون. العرب وإيران مراجعة في التاريخ والسياسة،. المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات. الدوحة 2011. ص 218 2 الحوار التلفزيوني بين عبد الهادي بوطالب مستشار الملك الحسن الثاني والصحفي أحمد منصور. برنامج شاهد على العصر. قناة الجزيرة. 3 نامي، سعد محمد صالح. إيران بين عهدين. دار الرضا. 2009 ط1. 4 الأحمري، محمد حامد وآخرون. العرب وإيران مراجعة في التاريخ والسياسة،. المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات. الدوحة 2011. ص 219 5 المرجع السابق 6 جريدة هسبريس الالكترونية http://www.hespress.com/politique/11481.html 7 الحنيطي ، راشد أحمد. مبدأ تصدير الثورة الإيرانية و أثره على إستقرار دول الخليج العربية : الحوثيون في اليمن أنموذجا ( 1994 - 2013 ). عمّان ، الأردن: جامعة الشرق الأوسط, 2013. 8 موقع الجزيرة http://www.aljazeera.net 9 موقع العربية http://www.alarabiya.net