شن مصطفى الرميد، وزير العدل والحريات، هجوما لاذعا على الأصوات المعارضة لفتح باب المحاسبة في وجه القضاة الذين يرتكبون ما أسماه "الأخطاء المهنية الجسيمة"، أثناء النظر في القضايا المعروضة على المحاكم. وزير العدل، الذي بدا متحمسا في كلمة ألقاها اليوم في ندوة للودادية الحسنية للقضاة بالدارالبيضاء، حول موضوع استقلال السلطة القضائية في مشاريع القوانين التنظيمية؛ قال: "ما يجب أن يعرفه الجميع هو أنه ليس هناك شعب الله المختار في المغرب، والقضاة يجب أن يحاسبوا". وأضاف الرميد: "لا يمكن أن نحاسب الأطباء على أخطائهم المهنية بعقوبات تصل إلى التوقيف أو السجن، وأنتم الذين تنظرون في قضاياهم، والأمر نفسه بالنسبة للمحامين والمهندسين المعماريين، وكذلك أنتم أيها السادة القضاة، والسيدات القاضيات، ليس لدينا في بلدنا شعب الله المختار". واستطرد الوزير بالقول "أنت قاض إذا فأنت مسؤول، لكن لن يحاسبك وزير ولا غفير، بل المجلس الأعلى للسلطة القضائية، الذي يضم 10 قضاة يمثلون زملاءهم، ويتوفرون على 40 سنة من الخبرة، ويميزون الخطأ الجسيم، ويعرفون كيف يصيغون العقوبات المناسبة، ومعهم 7 شخصيات يمثلون المجتمع". وتابع المسؤول الحكومي بأن "هناك ضمانات إضافية منحت للقضاة، وهي حق الطعن أمام الغرفة الإدارية في محكمة النقض"، قبل أن يؤكد "والله هناك ضمانات، اليوم يتمتع القاضي بكافة الضمانات، وأنا أتساءل عن المجهود الذي يمكن أن تقوم به الجمعيات المهنية من أجل مزيد من تخليق وسط القضاة". وأكمل وزير العدل والحريات كلامه ضمن ذات اللقاء قائلا بأن "القاضي المستقيم لا يخضع لا إلى سلطة المال أو الجاه، ولا لسلطة الدولة، لأنه يعرف أنه سيموت وسيفتح له ملف في الدار الآخرة، كما كان يفتح ملفات قضائية في الدنيا" وفق تعبير الرميد. مصطفى فارس، الرئيس الأول لمحكمة النقض، قال في كلمته إن "السؤال الذي يطرح نفسه يتمثل في مدى تمكن المشاريع القانونية الجديدة للسلطة القضائية من تكريس استقلالية القضاء". واعتبر فارس أن "هاجسنا كان وما يزال دائما الرفع من مكانة القضاة تنزيها لهم، وتقديرا وتحصينا لهم من أجل تحقيق مبدأ عدم تأثير أي من العوامل الخارجية عليهم"، مسجلا "تراجع فسحة الأمل في مشاريع القوانين المتعلقة بالقضاء، بعد حذف مقترحات إعمال درجات إضافية لفائدة القضاة في نظام الترقية الخاص بهم"، معتبرا أن "تحسين وضعية القضاة هو صلب الإصلاح".