يبدو أن مهمة الحكومة في تمرير مشروعي القانونين التنظيمين، المتعلقين بتقديم العرائض والملتمسات في مجال التشريع، بمجلس النواب، لن تكون سهلة، ذلك ما أبانت عنه أولى جلسات المناقشة التي شهدتها لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان. واصطف نواب من الأغلبية، إلى جانب آخرين في المعارضة، لتوجيه سيل من الانتقادات "للتركة التشريعية" للوزير السابق في العلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني الحبيب الشوباني، متهمين الحكومة ب"تعجيز المبادرة التشريعية للمواطنين"، والتي نص الدستور عليها. واستغرب نواب الأمة التنصيص على جمع 25 ألف مواطن ومواطنة، متمتعين بحقوقهم المدنية والسياسية، ومسجلين في اللوائح الانتخابية العامة، لمجرد دعم ملتمسٍ تشريعي؛ وكذلك جمع 7200 مواطن لتقديم عريضة للسلطات العامة. البرلمانية عن الفريق الديمقراطي نزهة الصقلي سجلت في مداخلة لها "أن المشروعين تعجيزيين، في ما يتعلق بالعدد المطلوب من المواطنين لتقديم الملتمسات والعرائض"، متسائلة عن "حق المواطنين في ممارسة الوظيفة التشريعية". وفي الوقت الذي أبدت البرلمانية المنتمية للأغلبية مخاوفها من المشروعين، طالبت الحكومة بعدم التخوف من المبادرة المدنية، وهو المنحى نفسه الذي ذهب فيه البرلماني عن الفريق الاشتراكي حسن طارق. وقال طارق إن النصوص التي جاءت بها الحكومة تثقل مسالك المشاركة المواطنة، التي من المفروض فيها السلاسة، واليُسر والبساطة، مستغربا "وجود حزمةٍ من المساطر والإجراءات والشكليات؛ وهو ما يجعلها مجرد تأسيسٍ قانوني للبيروقراطية التشاركية". وأوضح البرلماني الاتحادي أن "التفكير في الديمقراطية التشاركية لا يجب أن يكون بمنطق التنافس بين المجتمع المدني والأحزاب السياسية، ولا بمنطق التنازع بين مؤسسات التمثيل ومؤسسات الاقتراح والمشاركة"، متسائلا: "هل كان من الضروري أن نضع قانوناً للحق في العرائض، وهو الحق الذي كرسته مغربياً الممارسة السياسية والاجتماعية منذ زمن الحركة الوطنية؟". "الاطلاع على المشروعين يمنح الانطباع بأن الحكومة تريد وضع قوانين غير قابلة للتطبيق"، يقول طارق، الذي أكد أن العدد الكبير من التوقيعات يمكن رفضه أو قبوله من طرف رئيس الحكومة، وإذا قُبل تتم إحالته إلى لجنة للعرائض، مشيرا إلى أنه بعد كل هذا يمكن قبول ذلك أو رفضه من قبل مكتب مجلس النواب، وإذا قبل يمكن أن يعتمد من طرف نائب أو أكثر لتقديمه كمقترح قانون، كما يمكن عدم اعتماده. من جانبها، حذرت فوزية لبيض، البرلمانية عن الفريق الدستوري، من رهن المبادرة التشريعية بسلامة الوضعية الجبائية للمواطنين، منبهة إلى أنه بعد كل المساطر الطويلة يمكن رفض الملتمس، وهذا غير منطقي، على حد تعبيرها. وفي الوقت الذي أكدت البرلمانية عن حزب "الحصان" أنه "إذا لم نلين الشروط داخل البرلمان سيبقى هذان القانونان مجرد نصين محنطين"، سجلت البرلمانية عن فريق الأصالة والمعاصرة سليمة فرجي أن "البرلمان لم يحل مشاكل مقترحات القوانين، فكيف سيدبر المبادرة المتعلقة بملتمسات التشريع؟".