صباحَ يومِ 9 شتنبر الماضي، حمَل 4.141.815 تلميذةً وتلميذا حقائبَهمُ المدرسيّة والتحقوا بفصول الدراسة لِبدايَة موسمٍ دراسيٍّ جديد. زيّاد أيْضا طفْل مغربيٌّ في سنّ التمدرس، لكنّ ظرُوفَ التحاقه بالمدرسة والظروف التي يدْرُسُ فيها حاليا لا تُشبه ظروفَ ملايين الأطفال من زُملائه من التلاميذ، فقدْ واجهتْه عراقيل في طريق التحاقه بالفصل، وقد يتوقّفُ مسارُه الدراسيُّ عنْدَ حُدودِ الشهر الأوّل من التحاقه بالمدرسة. يبْلغُ زياد من العمر 8 سنوات، يدرسُ في قسمٍ مُدمج بمدرسة ابتدائيّة في مدينة المحمدية، لكنّهُ لا يعرفُ ما إنْ كانَتْ مسيرته على درْبِ تحصيلِ العلْم والمعرفة ستستمرُّ بعْدَ إكمالِ الشهر الأوّل على مقاعد الدراسة، أمْ ستتوقّف، ليْسَ لأنّه لا يرغبُ في مواصلة المشوار الدراسي، ولا لانتفاءِ رغْبةٍ لدى أسرته لتدريسه، ولكن لأنّهُ خرج إلى الحياة حاملا معه إعاقةً تُهدّدُ اليومَ بإجهاض حُلْمه بالتعلُّم، وهُوَ ما يزالُ بعْدُ في بدايته. يُعاني الطفل زياد من إعاقة ذهنيّة، وهُوَ ما حتّمَ على أمّه حينَ بلَغ سنَّ التمدرُس أنْ تبْحثَ له عنْ مدْرسةٍ بها قسْم مُدمج مُخصّص لتعليم التلاميذ ذوي إعاقة، وحينَ وجدتْه اطْمأنّتْ، غيْرَ أنّ اطمئنانها سُرعانَ ما تبَدّد حينَ أًخْبِرتْ أنَّ عليْها أنْ تدفعَ 600 درهم كلّ شهر لقاءَ تمكين ابنها من الدراسة، فدفعتْ مصاريفَ الشهر الأوّل (بداية أكتوبر الجاري)، لكنّها لا تعرفُ ما إنْ كانَ بمقدورها توفير 600 درهم أخرى بداية الشهر القادم. "بالكادِّ أوفّر 250 درهما كلَّ أسبوع من عملي خادمةً لدى إحدى العائلات، وهو مبلغ لا يكْفي حتّى لتوفيرِ المأكل والمشرب لابني"، تقولُ أمّ زياد، وهيَ تتأمّلُ مسارَ إدماج ابنها الصغيرِ في المدرسة وقدْ أوْشَك على نهايته، وتُضيف: "ألْمسُ لديه رغبَة في التعلّم، ولا أريدُ حرمانه من ذلك". لكنَّ مواصلة زياد لمشواره الدراسيّ رهينةٌ بمدَى قُدرة والدته على دفْع 600 درهمٍ بداية كلّ شهْرٍ. أقسامٌ عمومية مُدمجة بمُقابل! ينصُّ الفصل 32 من دستور المملكة على أنَّ "التعليم الأساسيَّ حق للطفل وواجبٌ على الأسرة والدولة"، لكنَّ أمَّ زياد لا تفهمُ لماذا يتوجّبُ عليها أنْ تدفعَ 600 درهمٍ شهريّا حتّى تضمَن لابنها نيْل حقّه في التعليم الذي يُكرّسه الدستور دونَ أيّ تمييز بيْن طفْلٍ وآخر، لكنّها تعرفُ أنَّ القسْمَ المُدمجَ الذي يدرس به ابنها لا يُشبهُ الأقسام "العادية". ففضْلا عن المُدرّس هُناك مربّيات يُشْرفنَ على العنايَة بالأطفالِ داخلَ الفصْل، ويشتغلْن معَ الجمعيّات المُكلّفة بتدبير هذه الأقسام. إلّا أنَّ سؤالَ "لماذا يَدرسُ ابْني لقاءَ مقابلٍ مادّي بيْنما الأطفالُ الذين يدرسون في الأقسام العاديّة يدرسون بالمجّان؟" ما زالَ يؤرقُ بالَ أمِّ زياد، خاصّة أنّها تنتمي إلى الطبقة الاجتماعيّة الفقيرة. نقلْنا سؤالَ أمّ زياد إلى رئيس مصلحة تربية الأطفال ذوي إعاقة بوزارة التربية الوطنيّة، أنور بوكيلي، وكانَ جوابه أنّ الوزارة تسهرُ على الجانب البيداغوجي فقط، وأنَّ المُقابلَ المادّي الذي يدفعه أولياء التلاميذ الذين يدرسون في الأقسام المدمجة يُوجَّه إلى الجمعيات وليسَ الوزارة. وأضافَ المتحدّثُ أنَّ مُهمّة الوزارة هيَ توفيرُ كلّ ما لهُ علاقة بالجانب البيداغوجي، بيْنمَا مهمّة توفير المُربّيات ليسَ من اختصاصها، ويرى أنَّه لا بُدَّ من مُساهمةِ قطاعاتٍ حكوميّة أخرى لها علاقة بمجالِ الأطفال ذوي إعاقة. مسؤولو وزارة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعيّة، وهيَ الوزارة المعنيّة بشؤون الأشخاص في وضعيّة إعاقة، يقولون إنّهم يبذلون جهودا لإدماج الأطفال ذوي إعاقة في التعليم، لكنّهم يؤكّدون أنَّ هذه المهمّة منُوطة بوزارة التربية الوطنية. وبحسب مدير مديريّة الإعاقة بوزارة التضامُن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية، رشيد الكنوني، فإنَّ توفيرَ الأقسام المُدمجة للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة يدخلُ في إطار ما ينصُّ عليه الدستور المغربيُّ والاتفاقيات الدولية من كون تعليم الأطفال في وضعية إعاقة جُزء لا يتجزأ من منظومة التعليم بشكل عام، "وتدخل ضمْنَ اختصاصات وزارة التربية الوطنية، وهي مَن يجب أن توفر الموارد البشرية والبنيات التحتيّة وغيرها"، يقول الكنوني. ويظْهرُ أنّ هُناكَ غيابا للتنسيق بيْن الوزارتيْن في هذا المجال، إذَ قالَ الكنوني: "في ظل المرحلة الانتقالية الحالية نحاول التنسيق مع وزارة التربية الوطنية، لكنَّ النهوضَ بتعليم الأطفال ذوي إعاقة يجبُ أنْ يتمَّ في إطار سياسة عمومية مندمجة"، مشيرا إلى أنّ مشروعا حكوميا في هذا الصدد سيُقدم في اللجنة الوزارية المكلفة بهذا الموضوع خلال الأيام القليلة القادمة، وموضحا أن "دورنا نحنُ هو التنسيق بيْن القطاعات العمومية لاستفادة الأشخاص ذوي الإعاقة من حقوقهم". الجمعيات تملأ الفراغ وفي ظلّ غيابِ تنسيقٍ مُحْكم بيْن وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني ووزارة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية، تتوَلّى جمعيات المجتمع المدنيّ مهمّةَ تسيير الأقسام المدمجة المخصّصة للتلاميذ ذوي إعاقة. ففي حينِ توفّر وزارة التربية الوطنية الأساتذة، تُوفّر الجمعيات باقي الخدمات الأخرى، "التي لا يُمكن للوزارة أن توفّرها"، بحسب تعبير رئيس مصلحة تربية الأطفال ذوي إعاقة بوزارة التربية الوطنية، مثلَ المربّيات الساهرات على رعاية الأطفال، والخدمات الطبية وشبه الطبية، والنّقل والتغذية أحياناً. ويبْلغُ عددُ جمعيات المجتمع المدني العاملة في هذا المجال، بحسبَ الأرقام التي قدّمها رئيسُ مصلحة تربيّة الأطفال ذوي إعاقة، 159 جمعيّة، في حينِ وصلَ عددُ الأقسام المُدمجة خلالَ الموسم الدراسيّ الحالي (2015/2016) ما يُقاربُ 800 قسم، وهُوَ رقْم، يقول فاعلون جمعويون، إنَّه غير كاف، بالنظر لعدد الأطفال ذوي إعاقة البالغين سنَّ التمدرس. أما عدد التلاميذ ذوي إعاقة الذين يدرسون خلال الموسم الدراسي الحالي، بحسب ما أعْلنتْ وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني، فيبْلغُ 5339 تلميذةً وتلميذا. وإضافة إلى الاشتغال في الأقسام المُدمجة، تعملُ جمعيات المجتمع المدني على خلْق مراكزَ مستقلّة للتربية، بشراكة مع مؤسسة محمد الخامس للتضامن، أو المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، أو وزارة التضامن والأسرة والتنمية الاجتماعية. في هذا الصدد، قالَ مدير مديرية الإعاقة بوزارة التضامن إنَّ الوزارةَ خصّصتْ خلال السنة الماضية غلافا ماليا بقيمة 17 مليون درهم للجمعيات العاملة في هذا المجال، وهو ما يعادل 37 في المائة من إجمالي الدّعم الذي تُخصّصه الوزارة لجمعيات المجتمع المدني، في حين وصل الدعم خلال السنة الجارية إلى 25 مليون درهم. إلا أن هذا الدعمُ الذي تقدمه وزارة التضامُن لا يُلبّي الحاجيات الماليّة للجمعيات المشرفة على تدبير المراكز التربوية للأشخاص ذوي إعاقة، ما يجعلُها تفرضُ على أولياء الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة أداءَ مُقابلٍ عن الخدمات التي يستفيدُ منها أبناؤهم. فوسطَ مدينة الدشيرة الجهادية (نواحي مدينة أكادير) مثلا، يُوجدُ واحدٌ من المراكز التربوية للأطفال ذوي إعاقة، يأتي إليه كلَّ يوم 120 طفلا من ذوي الإعاقة الذهنية، تتراوحُ أعمارهم ما بيْن 4 و16 سنة، ويتفاوتُ المبلغُ الماليُّ الذي يدفعه أولياء أمور الأطفال لإدارة المركز حسبَ وضعيتهم الاجتماعيّة. "الخدماتُ في هذا المركز ليْستْ مجّانية، لكن هُناكَ أطفالٌ لا يدفعون أيّ مقابلٍ لقاءَ الخدمات التي نقدّمها لهم، مثل الأطفال المتخلّى عنهم"، يقول وحيد عبيدات، مدير المركز الاجتماعي والتربوي بالجهادية، مضيفا أنَّ المبالغ المالية التي يدفعها أولياء الأطفال تتراوح ما بين 100 و500 درهم، إذْ يُحدّدُ المبلغُ بناءً على مستواهم الاجتماعي. داخلَ البناية الأنيقة التي تحتضن المركزَ، يعملُ مُربّون ومربّيات على مساعدة الأطفال ذوي الإعاقة الذهنية على الاندماج في المجتمع، ويستفيدون من خدماتٍ شبه طبية. وفضلا عنْ تقديم الخدمات شبه الطبية لأطفال المركز، يتمّ تأهيلُ ذوي الإعاقة الذهنية الخفيفة منهم للالتحاق بالأقسام المدمجة. ويقول وحيد عبيدات في هذا الصدد إنَّ فرع المركز بالدشيرة الجهادية استطاعَ إدماجَ 20 طفلا في الأقسام المدمجة، و22 طفلا آخر بفرع مدينة أيت ملول، ويبْدو من خلال عدد الأطفالِ المُسجّلين في لائحة الانتظار لدى إدارة المركز مَدى الحاجة الماسّة إلى مثل هذه المؤسسات، إذْ يصلُ عدد الأطفال المنتظرين إلى 363 طفلا، لا يستطيعُ المركز استقبالهم، نظرا لمحدوديّة طاقته الاستيعابية. ليلى.. نموذجٌ لتَحدّي الواقع وسطَ قاعةٍ صغيرةٍ داخلَ مقرّ "جمعيّة إشراقة لتحسين حياة الأشخاص في وضعية إعاقة" بمدينة الدشيرة الجهاديّة، تجلسُ ليلى بطاولة وأمامَها حاسوبها الشخصيّ. ليْلى واحدة من الأطفال ذوي إعاقة. في السنوات الأولى من عمرها كانتْ شبْه عاجزة عن الحركة، لكنْ بفضْل الجهود التي بذلْتها أمّها على مَدى سنوات، استطاعتْ أنْ تتعلّمَ القراءةَ والكتابة، وإنْ لمْ تطأ قدماها يوما المدرسة، إذْ تولّتْ أمّها تعليمَها بنفسها، وسهِرَتْ على إخضاعها لحصص ترويض مكثّفة، إلى أنْ صارتْ قادرة على المشي، وعلى الجلوس على الكرسيّ واستعمال الحاسوب دونَ مساعدة. تقولُ أمّ ليلى، أهرام لطيفة، وهيَ رئيسةُ "جمعية إشراقة لتحسين حياة الأشخاص في وضعية إعاقة، إنَّ حلَّ مشكل تعليم الأطفال في وضعيّة إعاقة يقتضي، أوّلا، التفكيرَ في وضعية هؤلاء الأطفالِ، النفسية والجسديّة، ووضعيّة أولياء أمورهم، بما يُفضي إلى كسْر تلك النظرة "الإقصائية" التي ينظرُ بها المجتمع إليهم، وهُو ما يجعلُ عددا من الأسر- تقول المتحدّثة- تُخفي أبناءها ذوي إعاقة. وعنْ علاقتها بابْنتها تقول لطيفة: "في البداية لمْ أجدْ مدرسةً أسجّلها فيها، لكنني لمْ أستسلم، وقرّرتُ تعليمها بنفسي، والآنَ وهي في ربيعها التاسع عشر أنّا فخورة بها". تجربةُ لطيفة مع ابْنتها ليلى هي التي جعلتْها تنشئ جمعيّة، وتعْملُ بالأساس رفْقة أزيدَ من عشرةِ متطوّعين على تأهيل أمهات الأطفال ذوي إعاقة. ومنذ إنشاء الجمعية قبْلَ خمس سنوات، استفادتْ أزيدُ من 400 أمٍّ من حصص التأهيل داخلَ الجمعيّة. وتقول لطيفة: "حينَ تلِدُ المرأة طفلا ذا إعاقة تُصابُ بالصدمة، كيفما كانتْ وضعيتها الاجتماعيّة، ويتغيّرُ نمط حياتها، لذلك يجبُ أن نساعدَ تلك الأمّ على تقبُّلَ ذلك الكيانَ الصغير أوّلا، قبْل أنْ نُفكّرَ في إقناعها بتسجيله في المدرسة، فكيْف نُريدُ من أمّ تعتقدُ أنّ طفلها لنْ يقْدرَ حتى على تناوُل الطعام دونَ مساعدة أنْ تقتنعَ بأنّه قادرٌ على التعلّم". في فتْرةٍ من حياتها، كانتْ لطيفةُ تُحمِّلُ الدّولةَ مسؤوليّة ضمانِ حقِّ الأطفال ذوي إعاقة في التعليم، لكنْ مع احتكاكها اليوميّ بأمهات هؤلاء الأطفالِ تغيّرتْ نظرتُها وأصبحتْ ترى أنّ للمُجتمع أيضا نصيبٌ من المسؤولية. "في البداية كانتِ الأمهاتُ يأتينَ عندي إلى الجمعيّة بحثا عن إعانة مادّية، أوْ عن مراكزَ لاحتضان أطفالهنّ باشْ يتهْنّاوْ منهم، أمَّا التعليمُ فهو آخر شيء يمكن أن يفكّرنَ فيه"، تقول لطيفة، وتُضيفُ بنوعٍ من الاعتزاز: "الآنَ تغيّرتْ هذه النظرة نحو الطفل ذي إعاقة، وصرْتُ فخُورة بالأمّهات اللواتي يأتينَ إلى الجمعيّة"، وتخْلُصُ المتحدّثة إلى أنّ أوّل عائقٍ يجبُ إزاحتُه هُوَ الجهل بالإعاقة. مبادرة جيّدة .. لكن .. وإذا كانتْ لطيفةُ تُحمّلُ المجتمعَ نصيبا من المسؤوليّة في حرمان فئاتٍ من الأطفال ذوي إعاقة من التمدرس، فإنّها تُحمّلُ المسؤولية أيضا للدولة، مستحضرةً عددا من النواقصِ التي تطالُ المرافق الخاصّة بهذه الشريحة من المجتمع والخدمات المقدّمة لهم، ومِنْ ذلكَ أنّهمْ لا يستفيدونَ سوى من حصة واحدة للترويض الطبّي في الأسبوع، بيْنمَا هُم بحاجة إلى ثلاث حصص على الأقل، فضلا عنْ قلّة عدد اختصاصيي الترويض الطبّي في المستشفيات العمومية، ففي مدينة إنزكان، مثلا- تقول المتحدّثة- لا يوجدُ اختصاصيُّ في العلاج النفسي الحركي، وبالتالي يصعبُ على الأطفال ذوي إعاقة الولوج إلى المدرسة في غياب الترويض الطبّي. لا ينظرُ الفاعلون الجمعويون الذين التقيْناهم بعيْن الرضا إلى الأقسام المُدمجة التي أحدثتْها وزارة التربية الوطنيّة، وإن اعتبروها مبادرة جيّدة، لكنّ طريقةَ تدبيرها لا ترْقى إلى مستوى تطلعاتهم. تقولُ لطيفة: "داخلَ قسْمٍ واحد يمكن أنْ تجدَ جميعَ أنواع الإعاقات، وهذا يشتّتُ جهود المُدرّس، زِدْ على ذلك أنَّ أغلبَ المُدرّسين الذينَ يُدرّسون في الأقسام المُدمجة "ما عندهومْشْ خاطْر لهادْ الوليدات"، وفي السياق نفسه يقولُ وحيد عبيدات: "إحداث الأقسام المدمجة كانت مبادرة جيّدة، لكن لمْ يتمّ إشراك المجتمع المدني لإنجاحها، وبالتالي فشلت التجربة منذ ولادتها". وفي الوقْت الذي يقولُ الفاعلون المدنيّونَ إنَّ ثمّة حاجةً إلى بذْل مزيدٍ من الجهودِ من طرف الدولة لضمانِ استفادة الأطفالِ ذوي إعاقة من حقّ التعليم المنصوص عليه دستوريّا، تضمّنَتْ الرؤية الإستراتيجية للمجلس الأعلى للتربية والتكوين (2015/2030)، جُمْلة من التوصيّات المتعلّقة بتأمين الحق في ولوج التربيّة والتكوين للأشخاص في وضعية إعاقة، أو في وضعيات خاصّة. ويَعتبرُ المجلسُ أنّ كسْبَ هذا الرهان "يقعُ في صميم الإنصاف والعدالة الاجتماعية". ويُوصي المجلسُ بإدماج الأطفال المعاقينَ في المدارس "لإنهاء وضعيّة الإقصاء والتمييز، أخذا بعين الاعتبار نوعية الإعاقة، مع توفير المستلزمات الكفيلة بضمان إنصافهم وتحقيق شروط تكافؤ فرصهم في النجاح الدراسي إلى جانب أقرانهم. وفي انتظار أنْ تُفعّلَ الجهاتُ المعنيّة توصية المجلس الأعلى للتربية والتكوين يرَى عبد المالك أفريح، عضو المكتب الإداري لجمعية "الحمامة البيضاء للأشخاص في وضعية إعاقة" بتطوان، أنَّ المدخلَ الأوّل لإدماج الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة في التعليم هو أنْ يكون تعليمُ هذه الشريحة من المجتمع جُزء من السياسة التعليمية للدولة. وفي ظلِّ غيابِ أرقامٍ دقيقةٍ حوْلَ عدد الأطفال في وضعيّة إعاقة، المحرومينَ من حقهم في التربية والتعليم بالمغرب، كشفتْ نتائج الإحصاء العامّ للسكّان والسكنى لسنة 2014 أنّ 73% من الأشخاص في وضعية إعاقة البالغين من العمر 10 سنوات فما فوق لا يتوفرون على أي مستوى تعليمي، و15% لديهم مستوى التعليم الابتدائي، و8.5% مستوى التعليم الثانوي في حين لا تتعدّى نسبة المتوفّرين على مستوى تعليمي عالي 1.5%. وتصلُ نسبة الأطفال ذوي إعاقة الذين تقلّ أعمارهم عن 15 سنة إلى 10.9 من مجموع عدد الأشخاص ذوي إعاقة في المغرب، البالغ 1.353.766، بحسبَ إحصاء المندوبية السامية للتخطيط، منْ بيْنهم زياد، الذي يترقّبُ مَا إنْ كانتْ أمّه ستقْدرُ على توْفير مبلغ 600 درهمٍ لتُمهّدَ له الطريقَ لمواصلة مشواره الدراسي إلى جانبِ أقرانه، وهُوَ الذي تتملّكهُ رغبة في التعلّم أمْ أنَّ حُلمهُ سينكسرُ على عتبة اليوم الأخير من الشهر الجاري.