بدون شك فالجميع ينتظر يوم انعقاد المجلس الوطني لحزب الاستقلال الذي يصادف يوم 17 أكتوبر 2015 المقبل. فهو محطة تاريخية ونضالية ، بالنسبة لمناضلات ومناضلي حزب الاستقلال ، بل لجميع المواطنين والمواطنات، لسبب واحد هو أن حزب الاستقلال، عبر تاريخ المغرب الحديث، لايمكن الاستغناء عنه في بناء المؤسسات والحفاظ عليها، بل في المساهمة الفعلية في استقرار البلاد. وبالتالي فكل محاولة لإضعاف هذا الحزب عبر تخريبه من الداخل والتشكيك في مبادئه ومقوماته ودفاعه عن المؤسسات والثوابت الوطنية جهل بالتاريخ الوطني لبلادنا. الكل كان ينتظر يوم 4 شتنبر للاحتفال بمدى نضج تجربتنا الديموقراطية، خاصة وأنها تأتي في سياق تفعيل دستور 2011، لكن تبين بأنما ترتب عن هذه المحطة النضالية من تحالفات هجينة لم تحترم اختيارات المواطنين هو بمثابة إجهاض للأمل وتكريس لفقدان الثقة في العملية الانتخابية وما يترتب عنها من مؤسسات. طبيعي أن يكون هناك، بعد كل محطة انتخابية، نقاشات وقراءات وآراء مختلفة من هذا الطرف أو ذاك. وهذه الوضعية صحية تعبر عن مستوى الوعي لدى المغاربة.وفي هذا الإطار لم يفاجئني النقاش الذي دار بين المناضلين والمناضلات في حزب الاستقلال حول هذا الموضوع لسبب بسيط هو أن حزب الاستقلال هو حزب النقد الذاتي الذي أسسه الزعيم علال الفاسي رحمه الله. فهذا المستوى من التفكير السامي والعميق هو الذي تعتمده الديموقراطيات المتطورة لتجاوز الاختلالات باعتماد العقل وبناء استراتيجيات واقعية قابلة للتطبيق. ولكن ماهي انتظاراتي من دورة المجلس الوطني يوم 17 أكتوبر المقبل؟ قبل عرض هذه الانتظارات أريد أن أشير إلى أن ما أعرضه هنا يلزمني وحدي باعتباري عضوا في المجلس الوطني وفي اللجنة المركزية لحزب الاستقلال. وهو عبارة عن آراء أقدمها للنقاش والإغناء انطلاقا من مسلمة مفادها " أن البناء يكون دائما صعبا ويتطلب وقتا طويلا وعملا جماعيا في حين أن الهدم يمكن أن يتم في زمن قصير جدا". ويمكن لي أن أوجز هذه الانتظارات فيما يلي: 1- الحضور المسؤول للمناضلين والمناضلات من أجل هدف واحد هو "معرفة ما جرى" والمشاركة في اتخاذ قرارات بناءة ومسؤولة تبعد الحزب من كل انزلاقات يمكن أن تؤدي إلى نتائج غير محسوبة العواقب. 2- الابتعاد عن الأفكار المسبقة والتشنجات والانفعالات المبنية على ثقافة التشفي والتحاليل التبسيطية المتداولة في المقاهيوعبر بعض وسائل الإعلام المأجورة التي يترفع عليها حزب الاستقلال. 3- اعتبار المسؤولية جماعية وبالتالي فكل جهة ملزمة بتبيان دورها وقصورها فيما تحقق من نتائج سواء تعلق الآمر بالمناضلين أو بالمؤسسات المنتخبة أو بالمكلفين بالتدبيرالإداري على مستوى الأقاليم. 4- الاستماع بهدوء وإمعان إلى عرض الأمين العام الأخ حميد شباط الذي سيوضح، بالحجج والبراهين المتوفرة، الخلفيات التي جعلت حزب الاستقلال وقيادة حزب الاستقلال ومناضلي حزب الاستقلال يتعرضون من جهات مختلفة إلى هذا التكالب المقيت والهجمة الشرسة المنظمة والمسمومة ذات الأبعاد المختلفة. 5- تثمين النتائج التي حصل عليها الحزب بجهد مناضليه في مختلف الأقاليم والجهات رغم الحصار الممنهج والغير المعلن الذي عرفه الحزب من مختلف قوى إدارية وأخرى مصلحية باعتماد توافقات وخطط تخريبية في جنح الظلام والتي لولها لكان حزب الاستقلال وطنيا وجهويا في المرتبة الأولى. 6- فتح نقاش هادئ وصريح حول عرض الأمين العام والاستماع إلى مختلف الآراء مهما اختلفت والخروج بقرارات تؤسس لمحطات نضالية مستقبلية. 7- تجاوز بعض القرارات والتفسيرات السريعة واعتبار أن ما يصدر من بيانات عن اللجنة التنفيذية يعبر عن المواقف الرسمية للحزبواعتبار اللجنة التحضيرية للمؤتمر المقبل لجنة تحضيرية، في نفس الوقت، للاستحقاقات البرلمانية المقبلة. ذلك أن الاشتغال في هذا الوقت بالضبط ببعض الأمور الجانبية ستفوت على الحزب التهييئ الرصين للانتخابات البرلمانية مع تكوين لجن جهوية محايدة ومحدودة في العدد والمهام والأهداف يكون الغرض منها هو القيام بدراسة تشخيصية لوضعية الحزب على المستوى الجهوي واقتراح مختلف السبل لتدبير الانتخابات البرلمانية المقبلة. لا أريد الدخول في القيل والقال بل أريد لحزب الاستقلال، في هذه اللحظة الحرجة، المزيد من العمل والتضامن بين المناضلين والمناضلات من أجل حزب قوي قادر على تجاوز مختلف الحيل التي تحاك ضد الفكر الوطني والهوية المغربية الأصيلة ببلادنا. وحزب الاستقلال الذي خبر مختلف المحن عبر تاريخه الطويل سيخرج، لا محالة، من دورة 17 أكتوبر كالعادة أكثر تماسكا وأكثر انضباطا وسيقدم درسا جديدا لأولئك المتطفلين الذين ينتظرون التشرذم والانتكاسة. * أستاذ جامعي بجامعة محمد الخامس، الرباط