ارتقى شهداء إلى الباري جل وعلا في فاجعة منى آلاف من الطائفين والعاكفين والركع السجود مُحرمين مُلبِّين، وانبرى الطائفيون من دولة "الوهابية السنية"و دولة "الوهابية الشيعية" يتبادلون الاتهامات حول الجهة المسؤولة عما وقع، وعلى من يستغرب وصف "الوهابية الشيعية"أن يرجع إلى كتاب رائد النقد والتصحيح الشهيد مرتضى المطهري "العدل الإلهي"عندما تحدث عن وجود أشخاص في السلك الديني الشيعي "وهابيو المسلك". ويؤسفنا أن نقول بأن الدولة الإيرانية يهيمنا عليه هؤلاء، بحيث أصبحوا يقودون انقلابا فظيعا على النهج الحسيني المقاوم للظالمين والمنتصر للمستضعفين،ويقودون سياسة خارجية جعلت منهم كتائب في جيوش الثورات المضادة لتخريب الربيع العربي، وبالتالي الالتقاء الموضوعي في الهدف مع "داعش"صنيعة المخابرات الأمريكية ،وصنيعة سياسات المالكي وبشار والتشدد الوهابي السعودي الذي يقترن فيه اقترانا كاثوليكيا استبداد مقيت يصادر حق الناس في اختيار من يحكمهم بتزييف أمقت للوعي الديني بإشاعة فهم جامد للنصوص،وفقه تبريري لاحتكار السلطة والثروة ،إذا انخرطت الدولتان في التباكي على جثث الضحايا،وتصفية الحسابات القديمة والجديدة،واستعيرت الألفاظ من قواميس الحروب الطائفية والمذهبية والعنصرية من قبيل "الروافض"و"آل سلول"، للتنفيس عن الأحقاد لا لتحليل الوقائع واستخلاص الدروس ،وتعالت أصوات تدعو إلى تدويل الإشراف على الحرمين وإدارة الحج. والحقيقة هي أنه رغم الإمكانات المادية المتوفرة فإن الفاجعة أظهرت سوء التنظيم الفظيع الناتج عن حرمان الحجيج من التحرك في مساحات شاسعة بفعل التوسيعات الجديدة،وبفعل الأنانية المتوحشة لبعض الأمراء الذين يُضيِّقون الطرق على الناس ويُلجِؤونهم إلى أطرافها لِيتسنَّى لهم أداء المناسك "من دون إزعاج"،والأخطر من كل ذلك أن يحاط البيت الحرام من كل جهاته بالرافعات التي تشكل كل واحدة منها قنبلة موقوتة قابلة للانفجار/ السقوط في كل حين. إن الدعوة إلى التدويل في الظروف الحالية التي تمر بها الأمة الإسلامية كلمة حق يراد بها باطل، إنها دعوة إلى إراقة مزيد من الدماء،وإزهاق ملايين من الأرواح،كما أزهقت لمجرد دعوة أقل منها وهي الحفاظ على مرقد السيدة زينب رضوان الله عليها،إنها دعوة لو لجأ أصحابها إلى القوة لفرضها لرمت "الوهابية السنية"الكعبة بمجانيق العصر( الصواريخ والراجمات و....) ، ولنبشت "الوهابية الشيعية"قبورا شريفة ولهدمت مساجد،أبعد ذلك يكون للتباكي على المسجد الأقصى معنى أو مذاق. إن إخضاع المشاعر المقدسة لسياسة المحاور ( السعودي القطري التركي) و( الإيراني العراقي السوري اللبناني) لن يسهم إلا في المزيد من التفرقة والتشتيت والتمزيق والتفتيت،وحرق البلدان وإهلاك الحرث والنسل،والتمكين للمحور الأكبر( الأمريكي الروسي الصهيوني) مستغلا بلاهتنا وسذاجتنا وصبيانيتنا وضحالة تفكيرنا وضيق أفقنا،لم نرتق بعد إلى مستوى الإسلام العظيم،الأخطاء وسوء التنظيم يُقوَّمان بالنية الصادقة والصرامة الأخوية والتحقيق لمعرفة الأسباب والملابسات ، لا بنعوت التكفير ولا بسوء التعبير الموجب للتنفير،الوضع الإسلامي العام لا يحتمل المزيد من صب الزيت على النار.