بشكل مفاجئ، اجتمع رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران بزعماء الأحزاب والنقابات، بأمر من الملك محمد السادس، من أجل التباحث في مستجدات قضية الصحراء، ونية البرلمان السويدي الاعتراف بجهة البوليساريو. اجتماع تمخض عنه قرار إرسال وفد من القيادات الحزبية المغربية إلى السويد من أجل إقناعها بالتراجع عن الاعتراف بالكيان الوهمي، في خطوة تبدو جد متأخرة، بعد أن كانت أحزاب سويدية في البرلمان تقوم منذ 2012 بدعم جبهة البوليساريو، خاصة الأحزاب اليسارية بعد صعودها لتسيير دفعة الحكومة. وبعد أن كان مقررا أن تطير قيادات تسعة أحزاب مغربية إلى سطوكهولم من أجل لقاء قادة أحزاب سويدية، تقرر أن تذهب، في مرحلة أولى، قيادات يسارية فقط، نظرا لعدم سماح أجندة بعض الأحزاب السويدية بذلك. خطوة تطرح عددا من التساؤلات، خاصة على مستوى قدرة الأحزاب في إقناع أحزاب تبنت الأطروحة الانفصالية للبوليساريو منذ مدة، وتطمح إلى تتوجيها باعتراف رسمي من السويد كأول دولة غربية تعترف بالكيان الوهمي. خطوة متأخرة واعتبر الخبير في القانون الدولي والهجرة وشؤون نزاع الصحراء، صبري الحو، أنه بالرغم من الأهمية التي تحظى بها خطوة هذه الأحزاب، إلا أنها جاءت متأخرة، خاصة أن الأحزاب السويدية كانت تتابع ملف الصحراء منذ مدة، وعبرت عن دعمها لجبهة البوليساريو. وأكد الحو، في تصريح لهسبريس، أن ذهاب بعض ممثلي الأحزاب إلى ستوكهولم لفتح حوار مع نظرائهم السويديين، سيضع حدا لغياب الصوت المغربي في بعض الدول الأوروبية. رأي الخبير في القانون الدولي أيده أستاذ العلاقات الدولية في جامعة محمد الخامس بالرباط، سعيد الركراكي، الذي أكد أن الخطوة المغربية جاءت متأخرة، بالنظر إلى "أن الأحزاب السياسية السويدية لا تشتغل في الظلام كما أن عملها معروف، بينما المشكل يكمن في الجانب المغربي". وتساءل الركراكي، في تصريح لهسبريس، عن دور الدبلوماسية المغربية في الخارج، مشددا على وجود تقصير في إيصال المعلومة وإضاعة للوقت، خاصة خلال السنوات الثلاثين الأخيرة، "التي عرفت ضعفا في أداء الدبلوماسية المغربية في القارة الإفريقية، ما جعل عددا من الدول تعترف بجبهة البوليساريو"، على حد تعبيره، داعيا المسؤولين عن هذا التقصير إلى تحمل مسؤولياتهم، ومعالجة ذلك من خلال تفعيل الدبلوماسية المغربية على كافة المستويات. استعداد للقبول وحول مدى قدرة الأحزاب المغربية على إقناع الطرف الآخر، أوضح سعيد الركراكي أن هناك استعدادا لدى الأحزاب السويدية لقبول الأطروحة المغربية والإنصات إليها، باعتبار أن "المجتمع السويدي مجتمع راق وديمقراطي تسود فيه ثقافة الحقوق والحريات، مما يجعله قابلا للتراجع عن دعم جبهة البوليساريو". في السياق ذاته، أوضح صبري الحو أن مبادرة زيارة السويد قد تكون بداية جديدة لتصحيح مجموعة من المغالطات التي استند عليها مشروع القانون الذي سيعرض على البرلمان السويدي للاعتراف بالبوليساريو، بالرغم من أن المغرب لم يتفاعل مع توجه هذا البلد منذ 2012. وفي المقابل، أكد الحو، أن أسلوب الضغط على السويد لن تكون له أية نتائج إيجابية، بحكم عدد من التجارب التي مرت بها هذه الدولة، أبرزها الضغط الذي مارسته إسرائيل والولايات المتحدةالأمريكية من أجل سحب اعترافها بفلسطين، لكنها رفضت ذلك، واستمرت في دعمها للفلسطينيين. وشدد المتحدث ذاته على كون خطورة الموقف تكمن في أن السويد هي أول دولة غربية تسير في هذا الاتجاه، وفي حالة ما إذا تم الاعتراف رسميا بجهة البوليساريو، فإن ذلك سيكون له نتائج عكسية على دول اسكندنافية أخرى كالنرويج والدنمرك وفنلندا، والتي ستتأثر هي الأخرى بالموقف السويدي من الصحراء المغربية.