بالتزامن مع انشغال المغرب مع الموقف السويدي الداعم لجبهة "البوليساريو"، واستعداد عدد من الأحزاب لزيارة السويد من أجل كف برلمانها عن الاعتراف بالجمهورية الوهمية، تشن عدد من الدول الإفريقية، التي تعترف بهذا الكيان، حملة واسعة النطاق خلال أشغال الجمعية العامة للأمم المتحدة ضد المغرب، من أجل حث المزيد من الدول على الاعتراف ب"البوليساريو". خطابات رؤساء نيجريا وجنوب إفريقيا وزيمبابوي جددت الدعم ل"الكيان الوهمي"، ودعت إلى الاعتراف بجبهة "البوليساريو"، وحق ساكنة الصحراء في تقرير المصير، كما هاجمت المغرب، معتبرة إياه بمثابة "مستعمر للصحراء". جنوب إفريقيا، إحدى أكثر الدول الإفريقية دعما لجبهة "البوليساريو" منذ تأسيسها، وأول المعترفين بها، دعت منظمة الأممالمتحدة، خلال انعقاد جمعيتها العامة السبعين، إلى أن تحدو حدوها وتعترف بالكيان الوهمي، مؤكدة أن ما أسمته "الشعب الصحراوي" يخوض حملة من أجل تصفية الاستعمار. وشرع رئيس جنوب إفريقيا جاكوب زوما في الهجوم على المغرب، بالتأكيد على أن بلاده ستستمر في دعم جبهة "البوليساريو" من أجل "الحرية وتقرير المصير"، إذ قال: "إننا نجدد دعمنا لشعب الصحراء الغربية ونحث المجتمع الدولي على دعم نضاله من أجل تقرير المصير والحرية وحقوق الإنسان والكرامة". رئيس زيمبابوي، روبيرت موغابي، الذي ارتبط اسمه بإبادات جماعية ضد معارضيه خلال السنوات التي أمضاها في الحكم، دعا هو الآخر إلى اعتراف المزيد من الدول ب"الجمهورية الوهمية"، مؤكدا أن "الصحراء هي آخر مستعمرة في القارة الإفريقية". ودعا موغابي، في خطاب ألقاه في الجمعية العامة للأمم المتحدة، إلى "تصفية الاستعمار"، وعبر عن رفضه للوضع القائم "بسيادة المغرب على الصحراء"، مضيفا أن "تقرير المصير والاستقلال حقوق أساسية يجب أن تتمتع بها جميع الشعوب في أي مكان دون تمييز". الرئيس النيجري، محمد بوخاري، دعا هو الآخر إلى تمكين الصحراويين من تقرير المصير، معتبرا إياه "حقا غير قابل للتصرف"، وأكد أن "الكيان الصحراوي وشعب فلسطين مؤهلين لهذا الحق غير القابل للتصرف، ويجب الآن أن نضمن وأن نفي لهما بهذا الحق دون مزيد من التأخير". وذكر الرئيس النيجيري، في كلمته، الجمعية العامة للأمم المتحدة بالمبادئ التي تأسست عليها، قائلا إن "من بين تلك المبادئ التعايش السلمي وحق الشعوب في تقرير المصير". لا هوامش جديدة عبد الفتاح البلعمشي، أستاذ القانون العام في جامعة القاضي عياض بمراكش، اعتبر أن الخطابات التي ألقاها رؤساء دول جنوب إفريقيا ونيجيريا وزمبابوي ليست بالجديدة، وإنما تمثل مواقف قديمة لهذه الدول في الهجوم على المغرب وتبني الأطروحة الانفصالية. وشدد البلعمشي، في تصرح لهسبريس، على أن الجزائر بحكم علاقاتها مع هذه الدول أصبحت تعتمد عليها في تصريف مواقفها من قضية الصحراء، من أجل النيل من المغرب، مقابل "عدم تبني المنتظم الدولي ومجلس الأمن للطرح الجزائري"، مردفا بأن ذلك لا يمنع من دق ناقوس الخطر، والانتباه للدعوات التي تطلقها هذه الدول، ومواجهتها من خلال "دبلوماسية هجومية ومناضلة". وفي السياق ذاته أكد المتحدث ذاته أن أبرز أولويات الجزائر هي "مناقضة المغرب؛ نظرا لأنها الحاضن الرئيس للبوليساريو"، مضيفا أن الوضع الحالي في شمال إفريقيا "ضيق الخناق على الجزائر، خاصة مع الأزمة الداخلية التي تعيشها والتحديات الأمنية التي تتهددها". صوت غير مسموع ومع رئاسة زيمبابوي لمنظمة الاتحاد الإفريقي، أوضح أستاذ القانون العام أن الدول المناوئة للمغرب أصبحت تستغل هذه المنظمة من أجل دعم جبهة "البوليساريو" وتصريف مواقفها، خاصة مع عدم عضوية المغرب في هذا الاتحاد. واعتبر المتحدث ذاته أن أصوات نيجريا وجنوب إفريقيا وزيمبابوي تبقى أصواتا غير مسموعة في المنتظم الدولي، لا تعدو أن تكون "مناورات قديمة تقوم بها هذه الدول إلى جانب الجزائر من أجل النيل من المغرب" على حد تعبيره. وعلل البلمعشي ذلك بالتأكيد على أن التقرير الأخير لمجلس الأمن لم يعتبر الاتحاد الإفريقي من بين المتدخلين في الصراع، وهذا ما يحجم من دوره في إمكانية إيجاد حل للصحراء.