تساهمُ وسائلُ الاتصال الحديثة في تعزيز أواصر التكافُل بيْن أفراد المجتمع؛ فمنْ خلالِ مواقع التواصل الاجتماعي انبثقتْ جمعيّات خيريّة "افتراضيّة"، أضحتْ لاحقا فاعلا رئيسيّا في المجتمع، وتعملُ على تقديم مُساعدات للفئات المُعوزة، خاصّة في المناسبات الدينية، مثل الأعياد، ورمضان، وكذا موسم الدخول المدرسي. وتُعتبرُ مواقع التواصل الاجتماعيّ أيضا قناةً مُهمّة لتمويل المبادرات الخيريّة التي يقُوم بها الشباب. يقولُ محمد المومن، وهُو ناشط بجمعية "إشراقة أمل التنمية الشاملة" بأكادير: "أغلبُ المُساهماتِ التي تتلقّاها الجمعية للقيام بأعمال خيريّة يتبرّعُ بها أصدقاؤنا، وأقاربنا، وأْعضاء صفحتنا على موقع "الفيسبوك"، كلّ حسبَ استطاعته". وتُسهّل مواقعُ التواصُل الاجتماعي عمليّةَ التواصُل مع المتبرعّين، وإخبارهم بأنشطة الجمعيات الخيرية، ومن ثمَّ فتْح قنواتٍ لجمْع التبرّعات. في صفْحتها على "الفيسبوك" نشرَ نشطاء "مبادرة فاعل خير"، فرع الرباط إخبارا عن اجتماع بأحد مقاهي العاصمة، لجمع التبرعات قصد شراء الأضاحي للأسر المعوز، وذُيّل الإخبار بعبارة: "مساهمتكم تصنع الفرحة على قلوبهم". وباتتْ مواقعُ التواصل الاجتماعي منبعا هامّا للتبرّعات. خلالَ شهر مارس الماضي، لعبَ "الفيسبوك" دوْراً كبيرا في جمْع تبرّعات وصلتْ إلى 42 مليون سنتيم في حفل خيري نظمته جمعية المغاربة في مدينة سيدْني الأسترالية لفائدة الطفل المغربي يحيى الجبالي الذي أثرتْ صورته التي ظهرَ فيها وهو بلا عينين وأنف وفكّ سُفلي على رُوادِ العالم الافتراضي. ويعملُ عدد من الجمعيات الخيرية مع اقتراب عيد الأضحى على جمْع التبرّعات لاقتناء أضاحي العيد لفائدة الأسَر المُعوزة. وتضعُ الجمعيات أرقامَ هواتف مسؤوليها وأرقام حساباتها البنكية على صفحاتها في مواقع التواصل الاجتماعي. وبالنسبة لجمعية "إشراقة أمل للتنمية الشاملة" فقد تمكّنت من توزيع 25 أضحية خلال الحملة الأولى قبْل ثلاث سنوات. لكنّ عددَ الأضاحي التي استطاعَ شبابُ الجمعية اقتناءَها وتوزيعَها على الأسر المعوزة في المناطق النائية نواحي مدينة أكادير انخفَض خلال عيد الأضحى الماضي إلى أقلَّ من النصف، ولم تتمكّن الجمعية من توزيع سوى 10 أضاحي. ويعزو محمد المودن سبب ذلك إلى تزامُن عيد الأضحى مع الدخول المدرسي، وهُوَ ما يَحُدُّ من قُدرة المُواطنين على التبرّع. ويُحاولُ شبابُ الجمعيات الخيريّة تنويعَ مصادر التبرّعات، غيرَ أنَّ السبيلَ إلى جمْع تبرّعاتٍ من خلال الالتقاء بشكل مباشرٍ مع المُحسنين في الفضاءات العامّة مثل الأسواق غالبا ما يكونُ غيْرَ مُمهَّد، ويقول محمد: "السلطة تطلُبُ منّا الإدلاء بترخيص، لكنّ الحصولَ عليه يستغرقُ وقْتا طويلا، وهذا يحدُّ من تحرّكنا".