أظْهرت عمليّة تفكيك المكتب المركزي للأبحاث القضائية التابع للمديرية العامّة لمراقبة التراب الوطني، قبل أيام ل"خليّة الصويرة" الإرهابيّة المتصلة بتنظيم "داعش"، الإستراتيجية الجديدة التي شرع الأخير في تنفيذها بغرض استقطاب وتجنيد مغاربة للالتحاق بصفوفه في سورياوالعراق، وهي الخطة التي تشترط تنفيذ عمل إرهابي فوق التراب المغربي، قبل الرحيل نحو معسكرات تنظيم أبي بكر البغدادي. وكان المكتب المركزي للأبحاث القضائية قد أعلن تفكيك خلية إرهابية مُشكّلة من خمسة أفراد بمدينة الصويرة، اختاروا اسم "جند الخلافة"، إسوة بتنظيم متطرّف يتّخذ نفس الاسم ويتواجدُ بالجزائر، حيث ثبتت صلتهم بتنظيم "الدولة الإسلامية"، الشهير إعلاميا ب"داعش"، وكانوا في مرحلة تخطيط لتنفيذ أعمال تخريبية بالمغرب، تتبعها مرحلة الالتحاق بسوريا أو العراق، قصد تلقّي تدريبات عسكرية هناك. ويأتي هذا المعطى، ليشير إلى تحول في مخططات التنظيم المتطرف لتنفيذ عمليات إرهابية في عدد من الدول، التي يصفها بالمرتدة والكافرة، وهي المخططات التي كانت تعتمد تجنيد موالين ل"داعش" من المشبعين بالفكر الإسلامي المتشدد، عبر مواقع إلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي، لتجهيز من يسميهم التنظيم "الذئاب المنفردة"، إلا أن "داعش" عدلت في تكتيكها العسكري، بتحريض مجنديها بتنفيذ عمليات إرهابية في بلدانهم ثم مغادرتها صوب معسكرات سوريا أو العراق. المستجد الآخر في تفكيك "خليّة جُنْد الخلافة" بالصويرة، هو أن الأسلحة التي تم العثور عليها بحوزة الموقوفين تم توريدها من الجزائر، حيث كشف عبد الحقّ الخيام، مدير المكتب المركزي للأبحاث القضائية، أن تلك الأسلحة المحجوزة يتمُّ تهريبها عبر الحدود المغربيّة الجزائرية، ما طرح معه ملف التعاوُن الاستخباراتي بين البلدين، الذي ترفضه الجزائر بسبب الخلافات السياسية القائمة بيْن الرباطوالجزائر، في وقت تُعد فيه الأخيرة من أبرز دول الشمال الإفريقي التي تضم عددا من التنظيمات الإرهابيّة. وتوقف رئيس المركز المغاربي للدراسات الأمنية وتحليل السياسات، عبد الرحيم المنار اسليمي، عند هذه التحولات الإستراتيجية الجديدة، الحاصلة في شروط استقطاب وتجنيد المغاربة للالتحاق ب"داعش"، موضحا أن الأخير لم يعد يقبل بالتحاق الإرهابي "الإعدادي" وإنما الإرهابي "المنفذ" لعملية إرهابية فوق أراضي دولته، "هذا يفسر ظاهرة تواتر الكشف عن أسلحة متطورة لدى الخلايا المعلن عن تفكيكها في الشهور الأخيرة داخل المغرب". وأورد اسليمي، في تصريح ل"هسبريس"، أن قيادات "داعش" باتت تفرض "شروطا تحفيزية إرهابية" في المنطقة المغاربية لصنع خلايا محلية، من ضمنها "القدرة على التنفيذ قبل الالتحاق وأن وجهة الالتحاق لم تعد هي سورياوالعراق بالضرورة وإنما الجنوب الجزائري وليبيا"، مضيفا أن التنظيم يجمع في العراقوسوريا، وفق آخر المعلومات الاستخباراتية، قرابة 70 ألف مقاتل "ضمنها 20 ألف أجنبي و50 ألف حاضن محلي في العراقوسوريا". أما عن قضية تهريب السلاح من الجزائر، فرآها اسليمي تحيل إلى أن طرق ممرات نقل السلاح باتت تخترق كل التراب الجزائري، مردفا أن الجنوب الجزائري تحول إلى سوق لتهريب وبيع الأسلحة "لانتشار خلايا إرهابية تابعة للقاعدة وداعش"، موضحا أكثر أن الجزائر باتت تجمع سلاح القذافي وسلاحها "الذي هو أضعاف سلاح القذافي"، على أن تقارير المخابرات العالمية تطرح تخوفا في إمكانية سقوط مخازن الأسلحة الجزائرية في يد التنظيمات الإرهابية. وخلص المحلل المغربي إلى أن الحدود المغربية الجزائرية باتت خطرا كبيرا على الأمن القومي المغربي "لإمكانيات تسرب السلاح والإرهابيين.. فالجزائر دولة مخترقة ومفتوحة أمام التنظيمات الإرهابية والصراع الداخلي بين حكام الجزائر يُسهل تحرك الجماعات الإرهابية"، بحسب تعبيره، محذرا في الوقت ذاته من كون غياب فرض التأشيرة على التونسيين والجزائريين "يرفع من سقف المخاطر على المغرب".