كان لافتا قرار الرئيس الجزائري، عبد العزيز بوتفليقة، إعفاء قائد جهاز الاستخبارات، الجنرال محمد مدين، المعروف بالجنرال توفيق، من مهامه، وهو الذي عُرف بلقب الرجل القوي في الجزائر، حيث عمر في هذا المنصب الحيوي منذ نونبر 1990، وعين مكانه الجنرال البشير طرطاق. قرار إعفاء الجنرال توفيق اعتبره متابعون إجراء يعتبر بمثابة رد من لدن الرئيس الجزائري "المريض"، على محاولة الانقلاب الفاشلة التي خطط لها بعض جنرالات جهاز الاستخبارات، فيما تعيين الجنرال طرطاق قرأه محللون تهديدا خطيرا لحدود بعض بلدان الجوار، وعلى رأسها المغرب. فتش عن "الانقلاب" رئيس المركز المغاربي للدراسات الأمنية وتحليل السياسات، الدكتور عبد الرحيم المنار اسليمي، حاول قراءة ما وراء قرار بوتفلقية إعفاء الجنرال توفيق من مهام مدير دائرة الاستعلامات والأمن، واعتبره "تحولا كبيرا في الصراع على السلطة وخلافة بوتفليقة، كما يحمل إشارات إلى المحيط الإقليمي". وذهب اسليمي، في تصريحات لهسبريس، إلى أن "الأمر لا يتعلق بإصلاحات في جهاز الجيش والمخابرات كما يروج له البعض، ولكنه تمهيد لطريق الحكم أمام السعيد بوتفليقة، شقيق الرئيس، بعد أن استطاع بوتفليقة إزاحة الجنرال توفيق، المعروف بقراره الحاسم في اختيار وعزل رؤساء الجزائر منذ بداية التسعينات". وعزا المحلل المغربي انهيار الجنرال توفيق مدين إلى تفسيرات متعددة، منها فشل الانقلاب الأخير الذي دعمه ليلة عيد الفطر الماضي، والذي تلته مجموعة إعفاءات في المحيط الأمني للرئيس بوتفليقة، كان من الصعب الوصول فيها مباشرة إلى توفيق مدين، ولكنها سهلت عملية إعفائه". وتابع اسليمي بأن "هذا الإعفاء لن يُعبد الطريق أمام حكم السعيد بوتفليقة أو أحد أتباعه، لأن الجنرال توفيق ليس هو الجنرال خالد نزار، أو غيره، من الجنرالات الثلاثة عشر الذين بدؤوا في السقوط، فتوفيق مدين يجر وراءه جيلا من القيادات المخابراتية والعسكرية الرافضة لاستمرار حكم بوتفليقة المريض". واستطرد الخبير شارحا "الجنرال توفيق كان له تأثير كبير على المخابرات والإعلام، ويملك ملفات أمنية واقتصادية حول فساد جناح بوتفليقة في الحكم، وقد بدأ في تسريبها منذ سنتين، كما أن علاقته بصناعة التنظيمات الإرهابية إلى جانب خلفه طرطاق، من شأنها أن تُشعل المواجهة بين الأجنحة المتصارعة على السلطة في الجزائر". إشارات خطيرة ولفت اسليمي إلى أن "ما يجب الانتباه إليه إقليميا هو المناورة التي قام بها جنرالات الجزائر، قبل إعفاء الجنرال توفيق مدين، والمتمثلة في توقيف واحتجاز المدير السابق لفرع مكافحة الإرهاب في جهاز الاستخبارات الجزائرية، بتهمة علاقته بتنظيمات إرهابية". واعتبر المتحدث بأن "الأمر مجرد مناورة تُغطي على المدير الجديد البشير طرطاق الذي عينه بوتفليقة مكان توفيق مدين، فطرطاق مسؤول عن ضحايا العشرية السوداء، وهو مهندس الحواجز المزيفة والتمويه بإنشاء فرق موت بلباس أفغاني لتصفية الجزائريين في العشرية السوداء، كما أن له علاقات بقيادات تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، وجماعة مختار بلمختار". وأبرز اسليمي أن "تعيين طرطاق سيزيد من المخاطر على حدود دول الجوار، لكونه يوجد وراء كل محاولات اختراق الحدود المغربية منذ 24 عاما، آخرها محاولات قام بها من شمال الأراضي الموريتانية"، مردفا أن توفيق مدين وصديقه طرطاق الذي حل محله، مسؤولان عن ضربة أطلس أسني الإرهابية".