بعد دعوة حزب الاستقلال مستشاريه إلى عدم التصويت على حزب الأصالة والمعاصرة خلال انتخاب رؤساء الجهات، الأمر الذي لم يتم الانصياع له، يرى محللون أن السياسة لا تخضع لقرارات اللحظة الأخيرة خاصة ما يتعلق بالتحالفات والتموقعات، وهو الأمر الذي وقع فيه حزب الاستقلال بقراراته الأخيرة. قرارات آخر ساعة من جهته، قال الدكتور محمد الغالي، إن السياسة تبنى على عمل مؤسس بعيدا عن منطق ردود الفعل في اللحظة الأخيرة أو خلال ساعات الليل التي تسبق الانتخابات، معتبرا أن حميد شباط اتخذ خطوة كان في غنى عنها. وبخصوص إعلان "الميزان" توجهه نحو المساندة النقدية، قال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاضي عياض بمراكش، إن الاستقلال لم يحسب جيدا انسحابه من الحكومة وخسر الكثير من وراء الخطوة، موضحا أن تقديم الحزب لمبررات انسحابه غلب عليها الجانب الشخصي، وأشار إلى أن أمين عام حزب الاستقلال لديه مشكل في استغلال الفرص بدءا من المشاركة في الأغلبية التي كانت ستعطي له استقرارا مهما على مستوى الداخل، في حين خلق قرار الانسحاب توترا وتصدعا داخل بنية الحزب. وتساءل الأستاذ الجامعي، ضمن تصريحه لجريدة "هسبريس"، بالقول "أي التزام يغطي به حزب الاستقلال عودته إلى المساندة النقدية وهو الذي كان يشكل أحزاب الأغلبية في الحكومة لينسحب بعدها؟"، ويرى الغالي أن الإعلان عن التموقع في "المساندة النقدية" في حال صحَّ الخبر، يمكن أن يجنب حزب الاستقلال هذه الوضعية المزرية التي بات يعيشها والتي أثرت على اعتبارية حزب "عتيد وتاريخي". لافتا إلى أن القرار إعلان متأخر عن خطأ شباط حين قرر الانسحاب من الحكومة. سياسة سياسوية من جانبه، أكد الدكتور تاج الدين الحسيني، أن جهات معينة أملت على حميد شباط الانسحاب من حكومة بنكيران ساعتها، حيث قام بالتضامن مع أحزاب كانت حينها قوية عسى أن يعطيها دفعة للأمام في مواجهة حزب العدالة والتنمية، مستطردا بالقول إن العكس هو الذي وقع، ليصرح لاحقا بأنه مستعد لتقديم استقالته في حال فشل في فاس. وأفاد أستاذ العلوم السياسية، أنه لا يفهم معنى المساندة النقدية في الممارسة السياسية التي تعني طريقين لا ثالث لهما، إما المشاركة في الحكومة والتمركز في مواقع اتخاذ القرار أو اللجوء إلى المعارضة، أما انتهاج الحلول الوسطية فستؤدي إلى ظهور سياسة سياسوية لن تفضي لأي نتائج إيجابية على أرض الواقع. حرب الانتخابات وعن العملية الانتخابية برمتها، انتقد الدكتور محمد الغالي لجوء السياسيين إلى التعامل مع العملية الانتخابية بمبدأ الحياة أو الموت، وهو ما نهجه حميد شباط كذلك، موضحا أن أساس الديمقراطية يفرض مبدأ التنافس وتربية المواطنين على تعدد الاختيارات. وتساءل الأستاذ الجامعي عن جدوى مراهنة حزب الاستقلال وتقديمه مؤشرات سلبية واتخاذه قرارات عبارة عن ردود فعل لا غير، مشيرا إلى أن الأحزاب السياسية المغربية لا زالت تتعامل بمنطق غير سليم يجعل من الانتخابات حربا مفتوحة بعيدا عن ممارسة تمارين للتشبع بثقافة الديمقراطية وحرية الاختيار والتنافسية واحترام الآخر.