تسيطر الحيرة والغموض على الاحتمالات التي تمكن أن تفرزها المشاورات التي تجري بين الأحزاب السياسية بمراكش بخصوص الشخصية التي ستؤول إليها عمودية المدينة الكبرى، حيث تحضر احتمالات عديدة وصيغ متشعبة، ما يجعل التعاطي مع أي توقع أمرا جد متشابك. عمودية مراكش تعدّ طموحا معلنا لكل من التجمعي عبد العزيز البنين، الذي لم يعد يقبل أن يبقى متموقعا نائبا للعمدة، و كذا يونس بن سليمان المنتمي لصفوف حزب العدالة والتنمية، إضافة للحضور القوي للعربي بلقايد، الكاتب الجهوي السابق ل"المصباح" ك"رقم صعب" لا يمكن تخطيه بسلاسة وسط الخارطة التي رسمتها نتائج انتخابات 4 شتنبر. اعتبار إضافي يمس الموضوع ويتمثل في كون رئاسة المجلس الجماعي ضمن ولايته السابقة قد كانت بيد "البام"، غريم العدالة والتنمية الفائز بأغلبية المقاعد محليا خلال الانتخابات الجماعية والجهوية، فحزب الأصالة والمعاصرة يستمر في توفره على القوة بعدما حقق تقدما كبيرا على مستوى مقاعد مستشاري الجهة. متتبعون للأوضاع السياسية المراكشية يقولون إن "حزب التْرَاكْتُور" لن يقف مكتوف الأيادي أمام القفزة الكبيرة التي بصم عليها حزب الPJD بالمنطقة، خاصة ما يهم العربي بلقايد، الكاتب الجهوي السابق ل"إخوان بن كيران المراكشيين" الذي سبق له أن طرد من المكتب المسير الجماعي، برئاسة فاطمة الزهراء المنصوري، بشبه إجماع، وحينها كان جواب الأمين العام لحزب العدالة والتنمية لبلقايد: "لا تحزن فعمودية مراكش آتية إليك". يشير عبد الرحيم العلام، الباحث في العلوم السياسية بكلية الحقوق بمراكش، إلى أن حزب العدالة والتنمية لا يمكنه التضحية بعمودية "عاصمة النخيل"، مضيفا أن الاحتمال الأول هو أن يتولى العربي بلقايد عمودية مراكش لأن كفته أرجح، على أن يتم التنازل لعبد العزيز البنين الأمين الجهوي للتجمع الوطني للأحرار في مسعاه لرئاسة الجهة. وأورد المتحدث الخبير، في تصريح لهسبريس، أن هذا السيناريو قابل للتحقق من خلال التحالف القائم حكوميا بين الحزبين، خاصة وأن هذا التنسيق لا يحتاج من "حزبي "المصباح" و"الحمامة" سوى خمسة مقاعد يمكن تدبّرها، مضيفا أن المشكل الذي يعترض هذا السيناريو هو أن المستشارين التجمعيّين "يصعب ضمان وفائهم بالتصويت لصالح البنين على مستوى الجهة" وفق تحليل العلام. بيد أن هناك سيناريو ثان، يضيف العلام، يتجلى في أن يضحي حزب الأصالة والمعاصرة بعمودية فاطمة الزهراء المنصوري "خوفا من كشف ملفات معينة" وفق تعبيره، ويضيف الأكاديمي أن "البام" قد يفضل التصويت على "عمودية الأحرار" حتى يتولى "التراكتور" رئاسة الجهة.. لكن هذه القراءة تعترضها دائما صعوبة انضباط المرشحين باسم "لائحة الحمامة" لهذا التنسيق، يضيف العلام. وتساءل الباحث في العلوم السياسية إن كان صلاح الدين مزوار، رئيس الRNI، سيضحي بالتحالف الحكومي من أجل منح التزكية للبنين، الأمين الجهوي للتجمعيين، حتى يظفر برئاسة المجلس الجماعي لمراكش، وهذا احتمال مستبعد، يؤكد العلام، لأن مزوار لا يمكن أن يوقف مسار التحالف الحكومي. وفي حالة عدم تولي حزب العدالة والتنمية لعمودية مراكش باعتباره حاصلا على المرتبة الأولى وله مقاعد معتبرة على مستوى الجهة فذلك، حسب العلام، سيشكل "تحالفا انقلابيا لن يخدم العملية السياسية، وسيصب في مصلحة المنادين بالمقاطعة وسيجعل نسبة العزوف مستقبلا كبيرة" وفق القراءة التي قدّمها الجامعي المستقر ب"بلاد البهجة".