عندَ الساعة الثامنة والنصفِ من صباحِ اليوم الجمعة، بَدَا مكتبُ اقتراعٍ في حيّ تبريكت بمدينة سلا شبْهَ فارغٍ، إلّا من بعْض المُواطنين الذين قَدموا إلى المكتب للإدلاء بأصواتهم في أوّل انتخاباتٍ جماعيّة وجهويّة بعْد تعديل الدستور سنة 2011، غيْرَ أنّه مع مُرور الساعات بدأ يزداد عددُ المواطنين الوافدين على مكاتبِ الاقتراع. في مكتبِ تصويتٍ آخر في حيّ النهضة بمدينة الرباط، كانتْ صناديقُ الاقتراع الزجاجيّة تستقبلُ اللوائح المتضمّنة لأصوات الناخبين تبَاعا، تحتَ أنظارِ المُلاحظين، والمراقبينَ الذي أوْفدْتهم الأحزاب السياسية للسهر على مراقبة سيْر العملية الانتخابيّة، ويخضع كلُّ مكتبِ تصويتٍ لحراسة رجلِ أمني وعوْنٍ من القوات المساعدة. ويظهر أنَّ "المشكل" الأوّلَ الذي يُواجهه الناخبون المُقبلون على مكاتب التصويت، هوَ التأكدُ من وجود أسمائهم على لائحة المُصوّتين، فعلى الرّغم من أنّ وزارة الداخليّة وضعتْ خمْسة اختيارات أمامَ الناخبين للتعرف على مكتب التصويت الذي سيُدلون فيه بأصواتهم، من خلال التواصل الرقمي، إلّا أنَّ المواطنين ما زالوا يبْحثون عن أماكن التصويت بطريقة "تقليدية". وعاينتْ هسبريس أحدَ الناخبينَ ظلّ يبحثُ لأزيدَ من نصف ساعة عن اسمه على قوائم الناخبين المُعلّقة في مكتب تصويتٍ في حيّ النهضة، وعندمَا لم يعثر على اسمه لجأ إلى عوْن سُلطة يشرف على الإرشاد، إلّا أنَّ مُحاولة هذا الأخير باءتْ بدورها بالفشل. وعندما همَّ المواطن بالانصراف في حال سبيله دونَ أن يُدلي بصوته، فطَن أحد الحاضرين إلى الاستعانة بالموقع الالكتروني الخاصّ بالانتخابات، وطلبَ من المواطن أنْ يُدخل المعلومات المطلوبة، وفي النهاية اكتشفَ أنَّ اسمهُ مُسجّل في مكتبِ تصويت آخر، وليس في المكتب الذي قصَده. نفْس السيناريو حدث معَ سيّدة أخرى، قدمتْ رفقة زوجها وابنها إلى مكتب التصويت، وبعدَ دقائقَ من البحث عن اسمها ضمن قوائم المصوّتين، خاطبتْ ابنها: "يالله نمشيوْ، ما كايناش سميْتي"، وقالَ ابْنها لهسبريس: "والدتي سُجلت في اللوائح الانتخابية، لكنّ اسمها غيرُ موجود، ونُريد أن نعرف السبب، ومن سيُصوّت محلّها"، قبل أنْ يتدخّل عوْن سلطة ويرشدهما إلى البحث في قوائم معلّقة في مكانٍ آخر. ومرّتِ الساعات الأولى من العملية الانتخابيّة إلى حدود الساعة الثانية عشرة والنصف في مكتب التصويت الذي زارته هسبريس في حيّ النهضة في جوٍّ هادئ، إذْ قالَ مراقبان منتدَبان من أحدِ أحزاب المعارضة إنّهما لم يُسجّلا أيّ خروقات، وزارَ المكتبَ لحظة تواجدنا به مُلاحظان مستقلّان، أحدهما أمريكي، حيث دخلا إلى مكاتب التصويت ووقفا على سيْر عمليّة الاقتراع. محمد، أحدُ الشباب الذين أدلوا بأصواتهم، قالَ في تصريح لهسبريس جوابا على حوْل ما إنْ كانَ يعتقدُ أنّ أصوات المواطنين قادرة على إحداث التغيير: "حْنا دْرنا الواجب اللي عْلينا، وعلى المنتخبين أن يتحمّلوا مسؤوليتهم"، وبخصوص ما إنْ كانَ يرى الانتخابات الحالية مختلفة، قال محمد الذي سبق له أنْ صوّت خلال الانتخابات الجماعية لسنة 2009: "لا يُمْكنُ أنْ نحكُمَ إلا بعْد مُضيّ وقْت على تشكيل المجالس الجماعيّة". وفيما يُتوقّع أن يرتفع إقبال الناخبين على مكاتب التصويت ما بعد الظهيرة، قالَ الأمين العامّ لحزب التقدم والاشتراكية نبيل بنعبد الله لهسبريس بعد الإدلاء بصوته في مكتب "مابيلا" بحي النهضة، إنَّ سجّل إقبالا مكثفا للناخبين في حيّ الرياض بالعاصمة، وهو الإقبال نفسه الذي قالَ إنّ مكتب التصويت الذي فيه بصوته يشهده، وتوقّع بنعبد الله أنْ تكون نسبة التصويت النهائية "لا بأس بها". وبخصوص الظروف التي مرّتْ فيها الحملة الانتخابيّة قال بنعبد الله إنّها مرّت، عموما، على ما يرام، ولم تكن هناك خروقات تذكر، عَدا استعمال المال "بشكل مفرط" من قبل بعض الأحزاب في الحملة الانتخابية، وتابع: "بعض الأحزاب صرفتْ أموالا تفوق بكثير ما تقدمه الدولة من دعم، ويعلم الله من أين تأتي". ويتنافسُ 130925 مرشحا ومترشحة على مقاعد المجالس الجماعية، والتي يصل عددها إلى 31503 مقاعد، بيْنما يصل عدد المتنافسين على مقاعد المجالس الجهوية إلى 7588 مرشحا ومرشحة، وقد افتتحت مكاتبُ التصويت أبوابها على الساعة الثامنة من صباح اليوم الجمعة، على أنْ تُغلق أبواها على الساعة السابعة مساء.