اختار جون أبينادر، المحلل بالمركز المغربي-الأمريكي للسياسات بواشنطن، من خلال هذا المقال المنشور على صفحات موقع allafrica ، التركيز على مجريات الانتخابات الجماعية وما يسبقها من استعدادات وحملات، هذه الانتخابات المقرر انعقادها في الرابع من الشهر المقبل، والتي أصبحت محط اهتمام الكثير من المراقبين الدوليين بالنظر لخصوصيتها التي استمدتها من كونها أول انتخابات بعد التعديل الدستوري الذي شهده المغرب، تناولها الكاتب من مختلف الأطراف والجوانب، بدءا من سلوكيات المنتخبين، مرورا بالأجواء العامة والتغييرات القانونية والإدارية، وصولا إلى الخطاب الملكي الأخير الذي احتلت فيه جزءا مهما. وهذا نص المقال مترجمًا: إنه موسم الانتخابات في المغرب، لذا نرى الأحزاب السياسية تعمل جاهدة على كسب المتعاطفين من أجل الظفر بأصواتهم. ولعل أبرز ما يجعل هذه الانتخابات خاصة وذات أهمية بالغة، كونها أول انتخابات جماعية تنظم بعد دستور 2011، الذي أتى لتعزيز الجهوية المتقدمة، التي ستمنح السلطات المحلية والإقليمية صلاحيات جديدة سواء تعلق الأمر بالميزانية أو على مستوى الإدارة، التي كانت سابقا تسير من قبل الإدارات المركزية. بالإضافة إلى ذلك، سيتم لأول مرة، انتخاب ممثلي المجالس الإقليمية بشكل مباشر، مما سيمكن ناخبيهم من التدخل فعليا في إدارة القضايا المحلية. وفقا لمراقبين محليين للشأن السياسي المغربي، فقد كانت الفكرة التي طبقتها وزارة الداخلية، التي أوكلت لها مهمة الإشراف على شؤون الانتخابات الجماعية، بابتكار طريقة التواصل عبر الرسائل النصية لربط الناخبين بمراكز الاقتراع المخصصة لهم، جيدة وهادفة بالدرجة الأولى إلى إنهاء الارتباك الذي ساد في السنوات السابقة، إذ كان يتم خلالها استعمال اللوائح المطبوعة، التي لا تساعد على سير العملية بشكل سريع. وبالإضافة إلى ذلك، فإن الأحزاب السياسية تتصارع حاليا من أجل تحقيق النجاح، ولما لا الاكتساح في الرابع من شتنبر المقبل، وذلك في تباريها حول أكثر من 31 ألف مقعد يجري التنافس عليها محليا، بالإضافة إلى 678 مقعدا في المجالس الجهوية، ولهذا الغرض أصبحت الأحزاب السياسية في الآونة الأخيرة تستخدم وسائل الإعلام الاجتماعي على نطاق واسع لنشر فكرها واستمالة الناخبين. وبالنظر إلى أن هناك على الأقل 30 حزبا سياسيا مسجلا يتنافسون على هذه المقاعد، فإنه ليس من المستغرب أن نسبة المرشحين لهذه المناصب أصبحت عالية جدا، إذ بلغت أكثر من 4 متنافسين حول مقعد واحد في الانتخابات المحلية، وأكثر من 10 متنافسين حول المقعد الواحد بالمجالس الإقليمية. ولهذا وسعت الأحزاب نطاق حملتها ليشمل شبكة الإنترنت أيضا، إذ وضعت أشرطة الفيديو الإشهارية على يوتيوب، كما استهلت حملاتها بالمسيرات والمهرجانات الخطابية، لتوسيع نطاق انتشارها خارج المناطق التقليدية. ولعل من أبرز العوامل التي ساهمت في ارتفاع درجة اهتمام الناخبين بمآل التصويت والانتخابات عامة، برنامج إلكتروني جديد يقوم بإيصال أسئلة المواطنين مباشرة إلى أعضاء البرلمان وإلى المسؤولين المنتخبين. هذا البرنامج اخترعه أندرو ماندلباوم، الذي كان في السابق عضوا بمعهد الولاياتالمتحدة للسلام والمعهد الديمقراطي الوطني، والذي يتحدث الفرنسية والعربية والعامية المغربية. هذا الموقع يخرج من خبرته الطويلة في برامج الحكم في المغرب، وقد اخترعه بالنظر إلى عدم موافقته على الطريقة التي كان يتواصل بها المواطنون مع المنتخبين، خاصة منهم ممثليهم في البرلمان، إذ لم تكن لهم أية طريقة فعلية للتواصل معهم والإجابة على أسئلتهم ومعرفة مشاكلهم. نظرا إلى قلقه من "فجوة الثقة" هذه، عمل أندرو على التعاون مع هند القباج، وهي مغربية لها تجربة سابقة في الولاياتالمتحدة، كانت قد أنشأت موقعا اسمه Nouabook.com، أي ما معناه "نواب البرلمان" باللغة العربية. حتى الآن، كان هذا الموقع قادرا على تقديم هذه الخدمة المجانية في جميع أنحاء المغرب، وتوصل الموقع بمئات الاستفسارات التي أحيلت مباشرة إلى النواب. ولعل أكثر ما يثير الدهشة فيه هو عدد النواب الذين استجابوا وأدركوا قيمة هذا النوع من إشراك المواطنين والتواصل معهم. صحيح أن المغرب سائر في بناء الديموقراطية، وصحيح أن الكثيرين بدؤوا في التكهن بأعداد الناخبين الذين سيذهبون للتصويت يوم الاقتراع، كما استهلوا استنتاج النتائج، لكن الأكيد من كل هذا أن هناك شعورا سائدا بأن المغاربة سوف يستجيبون لدعوة الملك التي وجهها إليهم أخيرا خلال خطاب رسمي، أكد فيه على ضرورة التصويت لفائدة المرشحين الموثوق فيهم، الذين يلتزمون بخدمة الوطن والصالح العام، مذكرا إياهم بأن التصويت هو حق وواجب وطني، وهي مسؤولية رئيسية وأداة في يديهم، يمكن عبرها تغيير الكثير من الأمور. وقد كانت الكلمات التي استعملها الملك في خطابه الأخير، قوية للغاية، وتؤكد التزامه بالتحرك بشكل استباقي للسير ببلده المغرب قدما من أجل تحويله إلى دولة ديمقراطية ليبرالية.