تعد قضية الكاتبين الصحفيين الفرنسيين إيريك لوران وكاثرين غراسيي ، اللذين تم توقيفهما من قبل الشرطة الفرنسية بسبب اتهامهما بابتزاز الملك محمد السادس ومطالبته بمبلغ ثلاثة ملايين أورو كي لا يتم نشر كتاب جديد ألفاه حول القصر الملكي يسيئ للمؤسسة الملكية ، من بين عدة قضايا سابقة ، تتعلق بتصرفات و أفعال صادرة عن مسؤولين فرنسيين و كتاب وصحافيين تسيء للمغرب وللمغاربة ، أحيانا يكون سببها الكراهية و أحيانا أخرى الاحتقار، وهي أمراض نفسية وعقد نشأت عبر التاريخ ، تلازم شخصية عدد من النخبة الفرنسية ، التي تنظر إلى المغرب من زاوية صغيرة ، أحيانا مليئة بالحسد والغيرة ، نظرا لما حققه المغرب من إنجازات وتقدم في السنوات الأخيرة في عهد الملك محمد السادس، على جميع الأصعدة ، وذلك لأن عقدة الاستعمار لا تزال في أذهان بعض هذه النخبة ، مع الأسف. هذه الواقعة ، شكلت فضيحة سياسية ، لكون عالم الصحافة والإعلام بفرنسا لم يشهد سابقًا فضيحة من هذا النوع ، حيث أصبحت الصحافة طريقة للابتزاز لأجل الحصول على المال بطرق غير شرعية ، وما يثير استغرابنا هو حدوث مثل هذا النوع من الأفعال في دولة ديمقراطية كفرنسا ، تقدس الحرية ، وعلى رأسها حرية الرأي و الصحافة. ولهذا فإنه من الخطأ الاعتقاد بأن الابتزاز الصحفي تصرف مقرون بصحافة دول العالم الثالث ومنها دول العالم العربي ، و إنما قد نجدها بأوربا وأمريكا. فالصحفي يبقى بشرا قابلا للإغراء وللارتشاء. لكن أخلاقيات الصحافة تحتم على كل مزاول لهذه المهنة الالتزام بمجموعة من المبادئ والأخلاق، أولا صدقية الخبر ، وثانيا حيادية الخبر ، وثالثا موضوعية الخبر، دون خضوع لسلطة المال أو نفوذ السلطة الحاكمة. تلك الأخلاق السامية هي التي تجعل الصحافة سلطة رابعة حقيقية ،وليس سلاحا عند بعض الصحفيين للانتقام تارة أو للابتزاز والارتشاء تارة أخرى. فأخلاقيات الصحافة عبارة عن قواعد موضوعة تعبر عن السلوك المهني المطلوب من القائمين بالعمل الصحفي الالتزام بها، وتبقى هذه الأخلاقيات عديمة الفائدة ما لم تترجم إلى واقع عملي ملموس خلال الممارسة المهنية للصحفيين. فالصحفيان الفرنسيان إيريك لوران وكاثرين غراسيي ، أعطيا النموذج الرديء والساقط للصحافة ، وأساءا للجسم الصحفي الفرنسي . فعندما يصير الصحفي ، وسيلة للضغط على بعض الشخصيات لابتزازهم حتى لا تنشر أخبار مسيئة لهم ، فان هذا الصحفي فلم يعد يقوم برسالته النبيلة ، وإنما قد يصبح عبارة عن مجرم ونصاب يسترزق بقلمه ، وقد يسيء إلى هذه المهنة النبيلة و أيضا لزملائه الصحفيين الملتزمين بأخلاقيات المهنة. فبعض الصحافيين ،لا يهمهم البحث عن المادة الخبرية وإيصالها إلى القارئ بحيادية تامة بل يستخدمون شعار من يدفع أكثر، فهم يسترزقون بأقلامهم، يحصلون على معلومات ووثائق ، ويساومون الضحايا ويهددونهم بنشرها في حالة عدم دفع مبلغ مالي معين ، أو تشويه سمعة بعض الأشخاص دون إعطائهم الفرصة للدفاع عن أنفسهم . هذه الأفعال تفقد المصداقية و الشرعية للعمل الصحفي الشريف وتوصله إلى زاوية الشبهات وإيصال رسائل سلبية إلى القارئ خاصة وإلى المجتمع عامة ، فالصحافة. إن مهنة الصحافة ، هي مهنة الحقيقة ، ولا شيء غير الحقيقة “الخبر مقدس والتعليق حر”،هذه هي الصحافة النزيهة الغير الانتهازية ، التي تساهم في بناء المجتمع و تكريس دولة الحقوق و الحريات.