زايو أو المدينة اليتيمة، لا زالت ضمن المدن المغربية المحرومة من نِعمة الشهرة التي نالتها مدن عديدة في التراب الوطني رغم موقعها الجغرافي الذي يقع تحديدا بين الشرق والشمال عبر الطريق الوطنية رقم 2 التي تربط بين مدينة بركانوالناظور، حيث تعتبر مدينة نكِرة لا يعرفها أحد إلا استعارة بإقليم الناظور أو أقاليم أخرى ليعرف الناس موقعها بالضبط. إهمال زايو يعني إهمال حوالي أربعين ألف نسمة حسب إحصائيات 2014، وبسبب غياب فرص الشغل، وضعف البنية التحتية وانعدام مراكز صحية تتناسب مع حاجيات الإنسان، يضطر العديد من القاطنين إلى الهجرة نحو مدن أخرى كالدار البيضاء على وجه الخصوص للبحث عن عمل عِوض الركود ومشاهدة التلفاز. بحكم صِغر المدينة، تتميز زايو باستقرار تام من الناحية الأمنية، بحيث يمكن لأي كان التجوال بأزقتها وشوارعها ليلا ونهارا دون الخوف من أي مكروه، مع العلم أن المدينة تضم بين أحضانها أصول متعددة ومختلفة، من بينهم "كبدانة" و"ريافة" و"أولاد ستوت"، وأقليات أخرى اتخذت من زايو مكانا للاستقرار والعيش بعيدا عن ضوضاء المدن الكبرى، وهذا الاختلاف لم يُشكل أبدا، على مر السنين، عقبة للتواصل والتعايش بين سكان المدينة، بل كان ولا زال حافزا على السلم والسلام. من خيرات مدينة زايو، كونها تتوفر على مساحات شاسعة من الأراضي الفلاحية ومنتجات مطلوبة محليا ودوليا كالبرتقال على سبيل المثال، وفي نفس الوقت يُعد سهل "صبرا" كما هو مُتعارف عليه في الجهة، مصدر رِزق لعدد كبير من الأسر. وغير بعيد عن الأراضي الفلاحية المذكورة، يقع معمل السكر الذي أضحى معادلة لا حل لها بسبب الرائحة الكريهة التي تنبعث من مداخنه كل صيف، والتي تُغيض السكان بمُجملهم في حين أن المكلفين بالمعمل لا يعملون على حل المشكلة لتفادي إزعاج الساكنة. فيما يخص البنيات التحتية والمؤسسات التعليمية، تتوفر مدينة زايو على ثانوية تأهيلية "ثانوية حساب بن ثابت" التي تستوعب ما يقارب ألف ومائتي تلميذ وتلميذة سنويا، وثلاث مؤسسات إعدادية، بالإضافة إلى عدد كبير من المدارس الابتدائية. وبالعودة إلى الثانوية، فإنها أتت بعد مخاضها كل سنة بتلاميذ نُجباء منهم من أكمل دراسته خارج الوطن ومنهم من حكمت عليه الظروف واتجه صوب مدينة أخرى للالتحاق بالجامعة، ومنهم من ترك الدراسة ليلتحق بسوق الشغل أو تزوج إحدى قريباته المقيمة بالخارج ليبحث في وطن أخر عن أحلامه التي لم يجدها في زايو.. زيد بن ثابت، معلمة دينية هي الأخرى أضافت النور على المدينة لتصبح مقصدا لا غنى عنه من أجل طلب العلم، بما في ذلك حفظ القرآن الكريم والعلوم الشرعية، ويتجاوز عدد الطلاب الوافدين عليها أزيد من سبعين طالبا سنويا، تتكفل جمعية زيد بن ثابت لتحفيظ القرآن وتدريس العلوم الشرعية بأكلهم وإقامتهم اعتمادا على تبرعات المحسنين من أبناء المدينة، خاصة المقيمين في الديار الأوربية. أما بخصوص تجمع سكان مدينة زايو، فإن السوق الأسبوعي الذي يصادف يوم الخميس، والمقاهي المنتشرة بكثرة في كل أنحاء المدينة يجمعان أغلب السكان، والحديث هنا يخص الرجال فقط لأن تواجد المرأة في السوق ضعيف، أما في المقهى فينعدم لأسباب مختلفة، من بينها أن أغلب سكان المدينة محافظين. في حين يبقى "شارع الحُب" أهم نُقطة تجمع للنساء عشية كل يوم، خاصة في أيام فصل الصيف، إلا أن الشارع –على عكس السوق- يتعرض لغزو شنيع من طرف الذكور حسب أسباب وأهداف مختلفة لكل واحد منهم، لكن ورغم كل هذا، يبقى عنصر الأمان حاضرا بين كل الأفراد دون حصول أي اعتداءات أو شجارات.