قدرةُ المغرب على رفعِ عددِ المتمدرسِين من خلال تشييد المؤسسات التربوية التعليمية في مناطق نائية، وبذلهُ جهودًا لوقف نزيف "الهدر المدرسي"، عاملان نجحا في تحقيق نتيجةٍ، من حيث الكم، عبر الاحتفاظ بالتلامِيذ داخل فصول الدراسة، لكنَّ زهاء 40 بالمائة ممن درسُوا أربع سنوات بالسلك الابتدائي لا يستطيعُون القراءة، وبذلك يبدُو الأمر باعثًا على القلق،وفق ما توردهُ مجلَّة "ذِي إيكونوميستْ" البريطانيَّة. المنبرُ البريطاني أفرد ملفًّا لواقع التعليم في بلدان إفريقيا، ولفتَ الانتباه إلى أنَّ مستوى تلامِيذ المستوى الابتدائي في المغرب قد صار أدنى مما هو عليه الأمر في دول من جنوب الصحراء الإفريقية الكبرى، ومنها أوغندا والسينغَال، علمًا أنَّ نسبة مهمة من تلاميذ الدُّول الناميَة تتمُّ السنوات الأربع الأولى من الدراسة الابتدائيّة دون اكتساب القدرة على القراءة.. في الوقت الذِي يصلُ معدل المتمكنِين من القراءة في دول كالولايات المتحدةالامريكية إلى مائة بالمائة. المستشار في التوجِيه التربوِي منير الجُوري يقول في حديث مع هسبريس تعليقًا على معطيات "ذِي إيكونوميستْ" إنَّ الإشكال في المغرب يكمن في التركيز بصورة كبيرة، خلال السنوات الماضية على الجانب الكمِّي، دون إيلاء عناية للشق الكيفي.. ما جعل عددًا من تلاميذ الابتدائي لا يتمكنُون من كفايات القراءة والحساب. أمَّا ما جرى إقرارهُ على مستوى الخريطة المدرسيَّة في المملكة، بجعل التلامِيذ ينجحُون وينتقلُون من مستوى إلى آخر حتى إن لم يستوفُوا القدرات المطلُوبة، فقد ساهم بدوره في نمو الإشكال، دون الحديث عن الاكتظاظ الذِي صار معهُ نحو خمسة وأربعين أو حتى خمسي تلميذًا يتقاسمُون مقاعد الفصل لدى مدرسٍ واحد يصعبُ عليه أن يغطيهم جميعًا ويتفاعل معهم.. وفق نظر الجوري. ويشيرُ الباحث ذاتهُ إلى أنَّ الصعوبات التي يلاقيها تلاميذُ المدارس الابتدائي في القراءة يحيلُ إلى أزمة عامَّة تعيشها المنظومة التعليميَّة، أساسُها غيابُ سياسيةٍ منسجمةٍ، وعدم اللحاق بالتطورات البيداغوجيَّة ومستجدات ديداكتيك اللغة التي اعتمدتها دول كثيرة في الخارج، على اعتبار أنَّ تلاميذًا كثرًا يتعلمُون الحرُوف لكنَّهم يظلُّون عاجزِين على يركبُوا ما تلقوه، بسبب افتقارهم إلى المهارات التي تؤهلهم للقيام بذلك.