خاضت الصحف المغاربية، الصادرة اليوم الأربعاء، في القضايا الراهنة بالمنطقة، منها سياسة التقشف في الجزائر، والمشهد السياسي في تونس، فضلا عن مشروع قانون المالية المعدل لسنة 2015 بموريتانيا. ففي الجزائر، واصلت الصحف الحديث عن تداعيات تراجع أسعار النفط الذي أفضى إلى سن البلاد لسياسة التقشف التي طالت نظام التقاعد النسبي، حيث كشفت صحيفة (الخبر) أن الحكومة تتجه إلى إلغاء نظام التقاعد النسبي الذي أقرته قبل عشرين سنة. ونقلت الصحيفة عن مصدر مسؤول من صندوق التقاعد عن وضعية مالية صعبة تعيشها هذه الهيئة، بسبب التقاعد النسبي الذي أثقل كاهل الخزينة التي أصبحت عاجزة عن دفع معاشات أكثر من 2.6 مليون متقاعد على المستوى الوطني، ما يفسر قرار الحكومة إعادة فتح ملف إلغاء هذه الصيغة نهائيا، الأمر الذي سيتم مناقشته خلال الحوار الثلاثي (الحكومة أرباب العمل والعمال) المزمع عقدها في شتنبر المقبل. ووفق الصحيفة، فإن مسؤولي الصندوق الوطني للتقاعد تلقوا، مؤخرا، تعليمات صارمة من الوزير الأول للتعجيل بإيجاد موارد مالية جديدة تنقذ هذه الهيئة من الإفلاس، وتمكن من التكفل بمعاشات المتقاعدين خلال السنوات المقبلة، ومضاعفة عدد المشتركين في صناديق الضمان الاجتماعي، بهدف ضمان تمويل خزينة الصندوق الوطني للتقاعد، بعد أن أعلنت الحكومة صراحة سياسة التقشف، إثر انهيار أسعار النفط الذي كان يضخ 3 بالمائة من مداخيله للصندوق الاحتياطي للتقاعد سنويا. وأوردت صحيفة (الشروق) أن الدول الأعضاء في منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) بدأت تحضر لعقد لقاء استثنائي، لمناقشة الانخفاض الجديد الذي شهدته أسعار النفط والتي انهارت تحت سقف الخمسين دولارا وبلغت عتبة الأربعينات خلال الساعات الماضية، في وقت يتوقع خبراء الاقتصاد تواصل الانهيار ليصل 45 دولارا في ظرف أسابيع، وهي الأرقام التي نغøصت عطلة وزراء الحكومة الجزائرية التي انطلقت بداية من 26 يوليوز الماضي. وأكد خبير اقتصادي جزائري للصحيفة أن الصحة المالية للجزائر "في خطر" بسبب تراجع سعر البترول، و"هو ما يرهن مداخيل البلاد التي ستنخفض هذه السنة لتبلغ في أحسن الأحوال 33 مليار دولار"، متوقعا تجميد مشاريع تنموية أخرى في حال ما إذا استمر الوضع على ما هو عليه بسبب انعدام الأغلفة المالية الكافية لتغطية البرامج التنموية التي سبق وأن تحدثت عنها الحكومة. ومن جهة أخرى، أفادت صحيفة (الفجر) بأنه رغم الجهود التي تبذلها الدولة الجزائرية للتقليل من فاتورة الواردات خاصة القمح الذي أصبح يأخذ حصة الأسد من أموال الخزينة العمومية لاقتنائه من الخارج، وبالرغم من أن البلاد تمتلك إمكانيات فلاحية تؤهلها لتكون قطبا فلاحيا لتصدير القمح والحبوب بامتياز، "إلا أنها احتلت المرتبة الثانية عالميا من حيث استيراد الحبوب، إذ فاقت الكمية المستوردة 8.5 مليون طن سنويا". وفي تونس، توقفت الصحف عند المشهد السياسي في البلاد، منها صحيفة (المغرب) التي اختارت الحديث عن حزب (نداء تونس) الحاكم في علاقته مع الحكومة التي يرأسها الحبيب الصيد، في ضوء اجتماع المكتب التنفيذي للحزب مؤخرا. وكتبت الصحيفة أن الحزب أعلن مساندته للحكومة، ولكنه ربطها بصفة ضمنية باتجاه "تطبيق الإصلاحات الاقتصادية والهيكلية الكبرى الواردة في البرنامج الانتخابي لنداء تونس"، مسجلة أن ذلك يمثل "قلقا متصاعدا داخل القيادات بلغ ذروته من "تعنت الحبيب الصيد ورفضه تطبيق" هذا البرنامج. ورأت صحيفة (المغرب) أن هذا التململ في تطبيق البرنامج بدا واضحا في كل الملفات الكبرى من مشروع مدونة الاستثمار إلى الوثيقة التوجيهية للمخطط المقبل وصولا إلى الميزانية التكميلية مرورا بملف التعييناتø، وأن هذا القلق يتعلق أيضا ببعض شركاء الحكم وخاصة حزب (آفاق تونس) "المنزعجين بدورهم من النوايا الهيمنية للأخ الأكبر (نداء تونس)"، مشيرة إلى أن حديث الكواليس يفيد بأن الحبيب الصيد "له مهمة محدودة في الزمن، وأنها لن تتجاوز في كل الأحوال سنة 2015 ، وتم حتى التفكير في خلفه وحيكت بعض السيناريوهات، من بينها سيناريو حكومة ندائية-نهضوية (نسبة إلى حركة النهضة) لتطبيق الإصلاحات العميقة التي تحتاجها البلاد". وأثارت صحيفة (الصريح) مسألة تطبيق برنامج الحكومة الذي يبقى رهينا بالوحدة الوطنية. وقالت "إننا بحاجة أكيدة وماسة إلى ما يسمى بهذه الوحدة لمجابهة المخاطر التي تهدد البلاد على جميع المستويات، حيث بلادنا مهددة بالتفكك وسط محيط إقليمي على غاية من التوتر"، داعية جميع الأطراف السياسية والنقابية الفاعلة في البلاد إلى التعامل مع هذه "الوضعية الحرجة". وعبرت عن الأسف لكون الأطراف السياسية غفلت منذ 14 يناير 2011 عن قيم بناء الدولة الحديثة، "حيث غدت كل جبهة سياسية على الساحة تفكر في تأسيس 'نموذج مجتمعي جديد' وكأنها اصطدمت بفراغ وتصحر، في حين أن مخزوننا في هذا المجال كبير وثري". من جهتها، تناولت صحيفة (الصباح) مسالة الممارسة الديمقراطية المحلية في ضوء الاستقطاب الثنائي (نداء تونس والنهضة) "حيث تكاد الأدوار تنحصر" بين الحزبين، ناقلة خشية ملاحظين أن يتكرر المشهد على مستوى الديمقراطية المحلية بما يعتبر "ربما تهديدا لها في وقت تحتاج تونس اليوم إلى مشهد سياسي تعددي حقيقي خاصة ونحن في بداية التجربة الديمقراطية". وفي موريتانيا، تناولت الصحف مصادقة الجمعية الوطنية على مشروع قانون المالية المعدل لميزانية الدولة لسنة 2015. وذكرت في هذا الصدد أن مشروع هذا القانون يأتي من أجل مراجعة إيرادات ونفقات الميزانية الأصلية بغية الأخذ في الحسبان التطورات المسجلة قياسا بالتوقعات الأصلية. ونقلت عن وزير المالية قوله إن أهم التطورات التي دفعت لإعداد مشروع الميزانية المعدل، رفع نسبة الضريبة على القيمة المضافة على المنتجات النفطية وتعديل القاعدة الجبائية للرسم الضريبي على الواردات بالنسبة للمنتجات البترولية، وتسجيل الإيرادات المتأتية من تجديد رخص الاتصالات (ماتل وموريتل)، وإدراج مبلغ التعويض المالي المرتقب ضمن اتفاقية الشراكة حول الصيد البحري المبرمة مؤخرا مع الاتحاد الأوروبي في ميزانية الدولة. وفي الشأن البرلماني أيضا، تطرقت الصحف إلى مصادقة الجمعية الوطنية على مشروع قانون يعدل ويكمل بعض أحكام مدونة التجارة الصادرة عام 2000 من أجل تفعيلها وجعلها أكثر جاذبية. وأوردت، بهذا الخصوص، تصريحا لوزير العدل أوضح فيه أنه بعد مضي 15 عاما على إصدار هذه المدونة، فإنها لم تعد تستجيب لمتطلبات الظرف الراهن مما يحد من فاعليتها في مواجهة المتطلبات والمزايا الناجمة عن تطور الاقتصاد العالمي ومختلف الاتفاقيات الدولية والإقليمية التي صادقت عليها موريتانيا. كما تطرقت الصحف لانطلاق أشغال ورشة في نواكشوط لتدارس وثيقة برنامج التشغيل من أجل السلم والاستقرار والتنمية الاجتماعية والاقتصادية في الساحل، وانطلاق أيام وطنية للتبرع بالدم تهدف إلى إشاعة ثقافة التبرع بالدم في موريتانيا وسد العجز الحاصل على مستوى بنوك الدم في البلاد. وعلى صعيد آخر، تداولت الصحف خبر إطلاق السلطات الأمنية الموريتانية سراح سنده ولد بوعمامة، الناطق الرسمي السابق باسم جماعة أنصار الدين (متشددة متحالفة مع تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي) بعد قضائه سنتين في السجن دون محاكمة.