بالرُّغم من الطابع غير القسرِي لهجرة اليهُود من المغرب صوب إسرائيل في ستينات القرن الماضي، وإبداء السلطان الرَّاحل محمد الخامس رفضًا حازمًا لتسليم يهود المملكة لحكومة فيشي النازية، لم يتوان خبيرٌ اقتصاديٌّ إسرائيلي عن مطالبة المغرب بتعويضات لليهُود الذِين غادرُوه. صحيفة "يديعُون أحرنُوت" العبريّة ساقتْ تحليلا للأكاديمي آدم روتر دافع فيه عن مطالبة دُول شمال إفريقيا والشرق الأوسط بتقديم تعويضات لليهُود المزراحيِّين والصفاردِي.. والخبير قال إنَّ المغرب، الذِي يتمتعُ اقتصادهُ اليوم باستقرار نسبِي، قادرٌ على أن يدفع التعويضات لليهُود. الرهانُ على المغرب عوض الدول الأخرى لأجل الحصُول على تعويضات يجدُ تفسيره، حسب المصدر الإسرائيلي، في انهيار غالبيَّة دول المنطقة عقب "انتفاضات الربيع"، وفقدانها القدرة على القيام بأي شيء، فسُوريا لم يعد لها وجود بحسب تعبيره الذي زاد: "العراق فقد ثلث أراضيه،وليبيا منقسمة على نفسها، والأمور في تُونس والجزائر لا تبشرُ بالخير". المصدرُ الإسرائيلي أقرَّ بأنَّ اليهود حصلُوا في المغرب على أفضل تعامل ممكن قياسًا بما لاقوهُ في دُول أخرى، بيدَ أنهم تركُوا أملاكًا كثيرة حان الوقت ليستلمُوا نظيرها مقابلا ماديًّا تدفعهُ الدولة المغربيَّة.. تضيفُ المادة المنشورة على صحيفة "يديعُوت أحرنُوتْ". المطالب بالتعويض تأتِي بعدما كان الكنيستْ الإسرائيلي قد أجاز، في سنة 2010، لليهود المرزاحيِّين والصفاردِي بأنْ يلجؤُوا إلى بلدانهم الأصل التي هاجرُوا منها إلى الدولة العبرية كي يطالبُوا بتعويضاتٍ ماليَّة، تحت داعي جبر الضرر الذي طالهم. ويقدر آدم روتر أن يكُون 700 ألف إسرائيلي غادرُوا دول منطقة MENA في ستينات القرن الماضي، وقد خلفُوا وراءهم أصولا قدرهَا مليار دُولار، لافتًا إلى أنَّ قلَّة قليلة من اليهُود هي التي لا تزالُ تعيشُ بدول المنطقة، أبرزها في المغرب وتُونس ومصر والعراق بعد موجات الهجرة المتوالية. الباحث الإسرائيلي يعترف بأنَّ اليهُود عاشُوا بسلام في بلدان مثل المغرب والعراق ومصر، حيث اشتغلُوا بالتجارة وراكمُوا فيها أرباحًا مهمَّة، زيادة على وصولهم إلى السلطة واشتغالهم في جباية الأموال، في الوقت الذِي كانُوا يكابدُون تعاملًا قاسيًا بأوروبا الشرقيَّة. تبعًا لذلك، فإنَّ عددًا مهمًّا من اليهُود تركُوا أصولا باهظة في البلدان الأصلية لاستقرارهم، ولم يتسن لهم تسوية وضعياتها قبل الرحِيل، وسط تقديرات من الباحث آدم فإن قيمتها تراوحها بينَ 15 وَ20 مليار دولار، ولا يبدُو الراهنُ مبشرًا باستخلاصها، دون الحديث عن الجانب السياسي في القضيَّة.