يبدو أن عمليات العزل التي طالت قضاة من طرف المجلس الأعلى للقضاء ستكون لها تداعيات سلبية على عائلاتهم، وخصوصا في ظل الشكوك التي تحوم حول إصابة من طالهم هذا الإجراء بأمراض نفسية وأخرى متعلقة بالصحة العقلية. وإذا كانت كتابة المجلس الأعلى بوزارة العدل والحريات قد بررت المخالفات التي أدت إلى إقرار عقوبات بالعزل والتأديب قد جاءت متراوحة بين الإخلال بمبادئ النزاهة والشرف والوقار، والإخلال بالواجب المهني وارتكاب تجاوزات مهنية، فإن معاناة بعض العائلات مع قضاة معزولين تؤكد أن هؤلاء ليسوا أسوياء، وذلك بناء على تصرفات صدرت منهم وردود أفعال أبانوا عنها. وقام وزير العدل والحريات مصطفى الرميد بمراسلة الوكيل العام للملك بالرباط يطلب منه معلومات حول قاض تم عزله، ليجيب الأخير، بعد الاستماع لطبيب نفساني معالج، بمراسلة ورد بها: "يبدو ظاهريا أنه شخص عادي، غير أنه لأخذ فكرة محددة على حالته النفسية فان الأمر يتطلب جلسات متعددة وفحصا مدققا"، وهو التعاطي الذي لم تقدم على إقراره وزارة الرميد. وتشير المعطيات إلى أنه بعد عزل القاضي المعني بالأمر تم عرضه على خبرة طبية نفسية لم تجزم في سلامة قدراته العقلية والنفسية من عدمها، وهو نفس التعاطي الذي عرفته قضية قاض أخر عزل أثناء انعقاد الدورة الأخيرة للمجلس، وتم عرضه بطلب من قاضي التحقيق وبناء على ملتمس النيابة العامة على الخبرة العقلية للتأكد من مدى سلامة قواه العقلية والنفسية. وحسب المعطيات المتوفرة فإن المجلس الأعلى للقضاء لم ينتظر نتائج الخبرة المذكورة للبت في الملف التأديبي لذات القاضي، فقرر إصدار عقوبة قاسية قبل التأكد من توفر عناصر المسؤولية التأديبية القائمة، بداية من سلامة الإرادة من العيوب، والبحث عما إذا كانت الأمراض النفسية والعقلية ظهرت بسبب طبيعة العمل الذي مارسه القاضي المعني بالتأديب. وإذا كان الأطباء النفسانيون يؤكدون أن المريض بالذهان أو السقم العقلي لا يعترف بمرضه، ويرفض عرضه على الخبرة الطبية، فإن عبد اللطيف الشنتوف، بصفته رئيس نادي قضاة المغرب، قد أكد في تصريح لهسبريس أنه لا يمكن الحسم فيما إذا كان هؤلاء فعلا مرضى أم لا.. وأضاف الشنتوف: "لا يمكن أن نحسم في هذا الأمر رغم تواصلنا مع بعض العائلات الذين شككوا في قدرات هؤلاء القضاة العقلية والنفسية.. ولا يمكننا أن نتبنى هذا الطرح الذي يبقى اختصاصا للأطباء المختصين لقول كلمتهم فيه". واعتبر الشنتوف أنه إذا كان الأمر صحيحا فإنه يجب مراجعة قرارات التأديب والعزل التي طالت هؤلاء، وقال:"طالبنا في النادي بتأجيل هذه المسطرة حتى يتم المصادقة على القوانين الجديد".. كما دعا الشنتوف إلى ضرورة اعتماد الطعن في قرارات التأديب كمبدأ دستوري، على شاكلة مبدأ التقاضي على درجتين، مشيرا لكون حرمان القضاة من الطعن لا ينبني على أسس دستورية، ويجب مراجعة أي قرار بني على معطيات خاطئة.