نص القانون التنظيمي للمالية 180.13 الذي وافق عليه البرلمان وتم نشره بالجريدة الرسمية بتاريخ 18 يونيو 2015 في مادته 47 على أن وزير المالية يعرض أمام اللجنتين المكلفتين بالمالية بالبرلمان ، أي أمام كل من لجنة المالية بمجلس النواب ولجنة المالية بمجلس المستشارين مجتمعتين، عرضا يوضح فيه الإطار العام لإعداد مشروع قانون المالية للسنة الموالية وذلك قبل 31 يوليوز من كل سنة، وقد حددت المادة 47 مسألتين أساسيتين هما: أولا: موضوع العرض، بحيث حدد موضوع الإطار العام في ثلاثة نقط، تتعلق بالوضعية الحالية لتنفيذ قانون المالية للسنة الجارية، و المعطيات المتعلقة بالسياسة الاقتصادية والمالية، ثم البرمجة الميزناتية الإجمالية لثلاث سنوات. ثانيا: مناقشة العرض، حيث نصت المادة 47 على أن هذا العرض تليه مناقشة لكن دون أن يتبعه تصويت. والحقيقة أنه وليومنا هذا لم تقم الحكومة بأي إجراء قانوني لاحترام هذا النص التنظيمي، علما أن هذه المادة تطرح عند تطبيقها إشكالية مرتبطة باحترام الفصل 49 من الدستور الذي ينص على أن مجلس الوزراء هو الذي يتداول في التوجهات العامة لمشروع قانون المالية. فإذا كان الأمر كذلك، فهل يجب على الحكومة أن تحيل التصور الذي يجب تقدمه للبرلمان على أنظار مجلس الوزراء قبل عرضه أمام البرلمان؟ نظرا لكون للمجلس الوزاري سلطة تحديد التوجهات العامة والتي ستكون موضوع الإطار العام لإعداد مشروع قانون المالية للسنة الموالية؟، فهل يجوز أن يناقش البرلمان الإطار العام في غياب التوجهات العامة؟. الحقيقة أننا كنا نعتقد أن هذا الموضوع سيطرح على المجلس الوزاري الأخير الذي انعقد بالدار البيضاء الثلاثاء الماضي " 14 يوليوز الجاري"، غير أنه بعد اطلاعنا على جدول الأعمال لم يكن مطلقا عرض هذا الموضوع ضمن نقاطه، فهل هذا يعني أن الحكومة ستتجاوز اختصاصات المجلس الوزاري والتركيز على احترام مقتضيات المادة 47 من القانون التنظيمي للمالية؟ أم عليها أولا احترام مقتضيات الفصل 49 من الدستور الذي هو قانون أسمى؟ ومن تم إحالة الموضوع على المجلس الوزاري (في إطار مقتضيات الفصل 49 من الدستور) قبل إحالته على البرلمان (في إطار مقتضيات المادة 47)، وإلا كيف سنفسر التوجهات العامة التي تتم في إطار المجلس الوزاري في علاقتها بالإطار العام لإعداد مشروع قانون المالية. وأمام هذا الارتباك يبدو أن الحكومة في مأزق سياسي، وقانون المالية في مأزق دستوري. *محام ونائب رئيس مجلس النواب.