أثار مشهد سائحة تركية وهي تقوم بتصوير أطفال، يظهر انتماؤهم لإحدى قرى الجنوب المغربي، مقابل منحهم دراهم معدودة وبطريقة ساخرة، غضب نشطاء تداولوا المقطع القصير على مواقع التواصل الاجتماعي مصحوبا بعبارات الاستنكار، فيما تتواصل حملة مكثفة تهدف إلى تبليغ "يوتيوب" لأجل حذف التسجيل المعتبر غير محترم للقيم الإنسانية. ويبدو في الشريط، الذي تبلغ مدته الدقيقتين و26 ثانية، عدد من القاصرين ممن لم يتجاوز عددهم السبعة أطفال، وهم متحلقين أمام نافذة السيارة التي تقل سائحتين، يبدو من خلال لغتهما أنهما قادمتان من تركيا، حيث بادرت إحداهما بتقديم قطع نقدية مقابل التقاط صور ﻷطفال بطلب منها، عبر الكاميرا التي كانت تحملها السيدة الثانية. وفيما قدمت السائحة، التي تدعى نور وفق عنوان قناتها على موقع "يوتيوب"، عرضها للأطفال المغاربة بأخذ صور فوتوغرافية، مقابل منحهم قطعا نقدية، عمدت الى استخدام مصطلحات تركية قريبة من العربية، من قبيل "درهم، لطفا، شوية، شكرا"، فيما بادر أحد الأطفال إلى التفاعل معها مستخدما مصطلحات فرنسية، كقوله "d'accord, ok, madame". طريقة تفاعل الأطفال مع سائحتي تركيا، التي لم تتوقفا في منحهم نقودا والتقاط الصور وتسجيل الواقعة الفيديو، أثارت سخرية الوافدتين على المغرب، خاصة حينما ظل القاصرون يمدون أيديهم، في مشهد يذكر بمظاهر التسول، ويتدافعون فيما بينهم للظفر بكمية وافرة من النقود؛ فيما تعالت ضحكات السيدتين وقهقهاتهما، قبل أن تطالب أحدهما بتوقيف التصوير، في مشهد يحيل على أن المهمة انتهت بنجاح. واستمر التصوير في فيديو آخر، يظهر فيه الأطفال أنفسهم وهم يتجولون داخل أزقة القرية الصحراوية، فيما سمع صوت طفلة وهي تطالب السائحيتين بعدم تصويرهم ونشر الصور على موقع "فيسبوك"، لترد أحدهما قائلة وهي تنفي ذلك "no no facebook". وعبر غالبية من نشروا فيديوهات السائحتين القادمتين من تركيا، على مواقع التواصل الاجتماعي، عن استنكارهم لما وصفوه "استغلالا بشعا" ﻷطفال المغرب "في غياب آبائهم"، منتقدين كذلك محاولة السيدتين تسويق صورة سلبية عن المغرب وأطفال المغرب، خاصة وأن الفيديو الأول يحمل عنوان "أطفال المغرب"، فيما رأت آراء قليلة أن الواقعة "عادية" لاعتبار "نية التركيتين سليمة". عبد العالي الرامي، رئيس جمعية منتدى الطفولة، انتقد بشدة ما وصغها بالطريقة "المبتذلة" التي عمدت السائحتان إلى تصوير الأطفال بها، مشددا على أن القانون لا يتيح تصوير القاصرين "حتى وإن طلب منهم الإذن لغياب الأهلية"، محيلا في ذلك إلى الضجة التي أثيرت حول سفر الشابة الأمريكية ريبيكا للقاء صديقها محمد العدالة بالمغرب، بسبب أنها قاصرة "رغم توفر إذن كتابي من عائلتها". ولاحظ الرامي، ضمن تصريح لهسبريس، أن الأطفال لا يغهمون لغة الحوار الموضحة في المقطع البصري، "تم استغلال براءة وسذاجة الأطفال بطريقة مستفزة ومبتذلة"، معتبرا أن استغلال حاجة الناس ﻷي شيء، بما فيها المال، "يضرب في عمق الإنسانية"، على أن "الفقر موجود في كل العالم وليس فقط في المغرب"، وفق تعبير الناشط في مجال الطفولة. وفي رده على من رأى في الفيديو "أمرا عاديا"، قال الرامي إن أي مغربي لن يقبل بأية إهانة في حق أي طفل، "سواء من طرف مغربي أو أجنبي"، موردا أن المغرب في مقابل ذلك يحب إكرام ضيوفه من السياح الأجانب "لكن ليس على حساب استغلال براءة أطفالنا وتصويرها بتلك الطريقة"، قبل أن يوضح "نحن لا نستهدف تركيا لكن أي شخص فهو يسيء لنفسه قبل بلده سواء كان ذلك بحسن نية أو بسوءها".