أبرز يوسف العمراني، المكلف بمهمة بالديوان الملكي، اليوم الثلاثاء بواشنطن، أن الرؤية، التي سطرها الملك محمد السادس لمستقبل الأمة، شكلت "القوة الدافعة" لمسلسل الإصلاح الرائع الذي أطلقه الملك، الذي وضع المغرب على طريق ترسيخ المؤسسات الديمقراطية والانفتاح. وأوضح العمراني، خلال لقاء مناقشة نظمته مجموعة التفكير الأمريكية المرموقة (بروكينغز إنستيتيوت)، حول موضوع (المغرب والسياق الإقليمي)، أن "هذه الرؤية الملكية ترتكز على نموذج مغربي خاص أثبت نجاعته بالنظر إلى أنه يستجيب إلى حاجياتنا ويعكس هويتنا الفريدة". وتابع خلال هذا اللقاء، الذي تميز بحضور خبراء مرموقين ومسؤولين أمريكيين سابقين، من بينهم مارتن إينديك، المبعوث الخاص السابق لمباحثات السلام الإسرائيلية الفلسطينية، والذي يشغل حاليا منصب نائب رئيس (بروكينغز إنستيتيوت)، أن الأمر يتعلق أيضا ب"مقاربة شمولية تروم إدماج مختلف مناحي التنمية البشرية، مع الحرص على تعزيز ركيزتين أساسيتين هما التنمية الاقتصادية والسياسية". ولاحظ أن "كل هذه العوامل، الرؤية والمقاربة والالتزام الطويل الأمد لفائدة تعزيز الديمقراطية، تشكل ركائز التجربة الديمقراطية المغربية المتفردة"، مبرزا أن هذه المقاربة مكنت المغرب "من معانقة تغيير استباقي باعتبارها ضمانة لاستقرارنا على المدى البعيد، في وقت ظلت فيه بلدان أخرى بالمنطقة حبيسة موقفها المناهض للتغيير، أو مشلولة بسبب الخوف، والتمسك بوضعية الجمود". وأكد يوسف العمراني أن التجربة المغربية "تقدم الدليل على أن الإسلام يتلاءم بشكل كامل مع الديمقراطية وحقوق الإنسان والحريات، وتؤكد على أن التطور دون إراقة الدماء، ودون انتشار الاضطرابات وأجواء الغموض وعدم اليقين في المستقبل، أمر ممكن". وذكر في هذا السياق بأن المغرب "أمة لها هوية قوية وتاريخ عريق يعطينا الشجاعة والإيمان لمعانقة التغيير والإصلاح"، مؤكدا أن "التسامح والانفتاح والاعتدال يوجدان في الحمض النووي للأمة المغربية، على اعتبار أننا كنا دائما أرضية للمبادلات والتجارة". وبعيدا عن نجاح النموذج المغربي - يضيف العمراني - "نأمل في أن تتمكن المنطقة برمتها من الاستفادة من الرخاء المشترك والتنمية البشرية والفرص الاقتصادية المربحة للجميع". وبغض النظر عن هذه الشروط الجيو استراتيجية الأساسية والضرورية، شدد يوسف العمراني على أهمية التكتلات الإقليمية، معربا عن الأسف للتكلفة الباهظة لعدم بناء الاتحاد المغاربي، أو عبثية الاستمرار في تجاهل حاجة البلدان المغاربية الخمسة إلى الاتحاد لنواجه سويا التحديات المختلفة التي تجابه المنطقة. وخلص العمراني إلى "أننا نجد أنفسنا اليوم أمام نموذجين، أحدهما يدعو إلى الحركة والدينامية، وهي رؤية للعالم انخرط فيها المغرب بحزم، والثاني يتمسك بالركود ووضعية الجمود".