انطلقت ثقافة الهيب هوب أساسا من الولاياتالمتحدة ونشأت في السبعينات كرد فعل للمواطنين السود فيها على ما تعرضوا له من عنصرية وأيضا لإظهار ثقافة وأساليب فنية وموسيقية معبرة عن مشاكل الفقر والبطالة والعنصرية والظلم. ولعبت هذه الثقافة دور التنفيس عن مشاعر الغضب في قوالب فنية مختلفة بما في ذلك الموسيقى أو غناء "الراب" . فالموسيقى مثلا يكتب كلماته بنفسه والتي تعبر عن ذاته و تحمل قصصا من المجتمع والشارع. ثورة غنائية قبل الثورة لاحقا وجدت هذه الثقافة الموسيقية والأساليب الغنائية طريقها الى مصر أيضا ومن بينها غناء"الراب"، ويقول كريم راش أحد أعضاء فريق "أرابيان نايتس" (الفرسان العرب ) "بدأنا منذ عام 2005 بأغاني تطالب بالتحرر من الظلم و القهر". أرابيان نايتس هو فريق مكون من ثلاثة موسيقيين ، إيهاب و سفنكس و كريم ، يقدمون موسيقى الهيب هوب باللغتين العربية والإنجليزية ايضا، مما يمنحهم فرصة التواصل مع الدول غير الناطقة بالعربية. يحكي كريم كيف بدأ الثلاثة بتقديم أغنيات تمس حياة الشباب وتأمل في وطن خال من الظلم و القهر، وكانت أغنية "السجين" التي أطلقوها قبل الثورة من إحدى الأغنيات المنتشرة في الأيام الأولى من الثورة بمديان التحرير في يناير عام 2011. على الرغم من إختلاف موسيقى الهيب هوب في تكوينها إلا أنها تحتفظ بميزة لغة الموسيقى التي لا تحتاج إلى ترجمة، فهي تربط بين الشعوب "لدينا جمهور في أوربا يهتم بما نقدمه حتى لو لم يفهم كل كلمات الأغنية وهو ما يمكن ان نسميه تواصل فكرى" ويضيف كريم: "الخوف لا يصنع فنا والهيب هوب يختلف عن بقية أنواع الفنون في أنه أكثرها قسوة في النقد بشكل مباشر " لا يعتبر كريم في حديثه معDW أن أغنيات فريقه تشكل انخراطا سياسا ويقول "نحن لا نغني في البرلمان ، إن الفن لا يشارك في التغيير السياسي لكن في تغيير الوعي والذي بدوره يغير المجتمع " ويستطرد قائلا: " الهيب هوب لديه الجرأة على قول ما لا يستطيع فن آخر تقديمه. فقد تحدثنا عن الثورة قبل قيام الثورة في 2011 وما زلنا نغني ما يخطر على فكرنا وما نعتبره ممثلا لجيلنا" من دلتا مصر إلى أوروبا إلى جانب "أربيان نايتس" الذين وجدوا طريقهم في العاصمة القاهرة ، هناك أحمد أمين المشهور ب إم سي أمين من مدينة المنصورة على دلتا النيل والذي بدأ هناك بغناء "الراب" و رقص " البريك دانس". فكلماته مميزة ولكن أكثر ما يميزها هو مزجه بين الهيب هوب و الكلمات الشعبية والغناء باللغة العربية ليطلق الجمهور على أغنياته صفة " الراب الشعبي". يقول أحمد أمين عن تجربته: " تدرجت في الراب وغنيت الأغاني الأجنبية دون ان أفهم كلماتها و قمنا بإقامة الحفلات النهارية للشباب في سن المدارس و الجامعة" "القاهرة بالطبع هي مركز كل شيء في مصر لكن لأغاني الهيب هوب معجبيها وهم منتشرون في المحافظات الأخرى" ويضيف أمين في لقائه مع DW "ربما هناك الكثيرون ممن لديهم تلك الموهبة أو من يحبون "الراب" لكن ليست لديهم فرصة التعبيرعن أنفسهم بسبب بعدهم عن العاصمة ". ويلخص أمين شغفه بالهيب هوب من خلال كلمات إحدى أغنياته "مش لازم اكون بغني شعبي عشان أغني لشعبي"، ويرى أن نقطة قوته تتجلى في غناءه لما يشعر به. ويضيف "تم ظلم "الراب" في مرحلة ما قبل 2011 حيث اعتبره الناس على انه يعتمد على الشتائم و التناحر، لكنه عاد ليأخذ مكانته مرة أخرى " ويلاحظ أمين أنه غنى قبل الثورة و بعد الثورة وفي عهد كل حكام مصر منذ ذلك الوقت، وهو لا يجد فارقا كبيرا بينهم، كما يتحدث عن زيادة ارتفاع هامش حريته في الغناء بسبب عدم الاكتراث بالمخاطر الكثيرة . ومن أكثر أغانيه المثيرة للجدل أغنية "مبروك يا سيسي" و التي أطلقها في اليوم الثاني للإنتخابات الرئاسية الأخيرة، قبل فوز الرئيس عبد الفتاح السيسي بمنصب الرئاسة ،والتي تنبأ فيها أمين بموجة ثورية جديدة. مبروك يا سيسي مؤخرا شارك "أرابيان نايتس" و إم سي أمين و رامي عصام في جولة غنائية بدأت في العاصمة برلين وانتقلت الى 15 مدينة ألمانية إخرى لتنتهي بالمشاركة في مهرجان الفيوجن أحد المهرجانات الموسيقية الكبرى في ألمانيا. في تقييمه للحفل المقام في برلين ذكر الناشر الألماني كارل المتخصص فيما يعرف بفنون الشارع أن " الحفل جمع أناس من مصر تشابهت أفكارهم... ولهم شغف أكبر ممن يتظاهرون فقط أمام السفارة المصرية في الأحداث المختلفة" ويستدرك كارل أن "الموسيقى وقصص الفنانين أمر له تأثيره أيضا ويعرف المواطنين الألمان بما يحدث في مصر" السيد عوض الذي بدا مستمتعا بالحفل لاحظ قائلا: "لا أحب ثقافة الهيب هوب ولكن كمصرى مقيم فى ألمانيا أساند واشجع الفنانين المصريين الذين يستطيعون حتى الان نقل صورة نقدية وواقعية لما يحدث في مصر عن طريق الفن. لقد استمتعت بهذا النوع من الموسيقى باللغة العربية، حيث لم يكن معروف في مصر قبل سفرى لألمانيا". * ينشر بموجب اتفاقية شراكة مع DW عربية