شكل الاتفاق بين إيران والدول الغربية (5+1) حول الملف النووي الإيراني الموضوع الأساس الذي تناولته الصحف العربية، الصادرة اليوم الأربعاء، مستعرضة ردود الفعل المؤيدة والمتحفظة إزاء هذا الاتفاق الذي وصفته بالتاريخي وتأثير ذلك على المستويين الإقليمي والعالمي، إلى جانب مواضيع أخرى خاصة منها الإرهاب والخطر الذي يمثله. ففي مصر، كتبت صحيفة (الأهرام)، الأوسع انتشارا، في افتتاحيتها بعنوان (وماذا بعد اتفاق إيران)، أن هذا الاتفاق يعد " تطورا كبيرا" في العلاقات الدولية الحالية، وستترتب عليه "آثار ضخمة"، ليس فقط على منطقة الشرق الأوسط، بل أيضا على العالم كله. وقالت إن الاتفاق يعد ببساطة "اعترافا دوليا - وأمريكيا بالتحديد - بأن إيران قوة إقليمية لا يستهان بها.. ولابد من إدخالها في حسابات القوة بالإقليم". وتحدثت عن تأثير الاتفاق على العرب، مشيرة إلى وجود وجهتي نظر بهذا الخصوص، إحداهما ترى أنه خطر على العرب الذين عليهم أن يأخذوا حذرهم لأن طهران لا تلعب أبدا لحساب العرب، بل لمصالحها الخاصة، والأخرى ترى أن قوة إيران هي من قوة المسلمين قبل أن تدعو العرب إلى دراسة هذا الاتفاق ومعرفة إيجابياته وسلبياته لتحديد ما ستكون عليه المواجهة في المستقبل. أما صحيفة (الجمهورية) فكتبت، في افتتاحيتها بعنوان (الدولة المصرية..الهدف)، أن "ثورة 30 يونيه أنقذت مصر من مخطط إسقاط الدول الذي جري تنفيذه بالفعل وعانت ويلاته - ولاتزال - شعوب عربية شقيقة تواجه نيران الحروب الأهلية والحملات الإرهابية وتفقد مقومات دولها مع استمرار نزيف الدم والقتل والتشريد للملايين من أبنائها". واعتبرت أن "القوى الاستعمارية صاحبة هذا المخطط تحاول باستماتة إعادة عجلة التاريخ إلى الوراء لتحقيق هدفها الرئيسي وهو إسقاط الدولة المصرية" قبل أن تؤكد على أن الطريق "مازال طويلا أمام الشعب المصري لتحقيق النصر في حرب الإرهاب وإلحاق هزيمة ساحقة لمخطط إسقاط الدولة". وفي قطر، اعتبرت صحيفة (الشرق) أن الاتفاق حول الملف النووي الإيراني "يكتسب أهمية كبرى، كونه يؤدي الى ايقاف طموحات طهران في الحصول على السلاح النووي من خلال ما يتضمنه من آليات تفتيش ومراقبة مشددة لكل المواقع والمنشآت النووية، كما انه يساهم في الحد من السباق النووي الذي كان متوقعا في المنطقة ردا على النووي الايراني"، ملاحظة أنه بالرغم من الترحيب الذي يجده هذا الاتفاق، "إلا أن الاوضاع الملتهبة والساخنة في هذه المنطقة تبقى مفتوحة على احتمالات شتى ". وفي ظل الاوضاع الحالية، تضيف الصحيفة في افتتاحيتها ،"فإنه يقع على عاتق طهران بذل جهد أكبر لإعادة اجواء الثقة لعلاقاتها مع الدول العربية من خلال اجراءات حقيقية على الارض، ذلك ان الكثيرين لا يزالون ينظرون بارتياب للنوايا الايرانية وسياساتها الاقليمية"، معربة عن أملها في أن يؤدي هذا الاتفاق إلى دفع جهود الاستقرار في المنطقة. من جهتها، اعتبرت صحيفة (الراية) أنه رغم الترحيب الدولي الواسع بالاتفاق "إلا أن المطلوب ليس منع إيران من امتلاك ترسانة نووية، فحسب وإنما منعها من أن تعيث في المنطقة فسادا خاصة في ظل أطماعها التي لا تخفى على أحد، وتدخلها في الشؤون الداخلية لدول المنطقة". وشددت الصحيفة، في افتتاحيتها، على أن هذا الاتفاق يجب أن يشمل الجميع بالمنطقة، بما فيها إسرائيل التي أعلنت رفضها لهذا الاتفاق ووصفته بالخطأ التاريخي، مؤكدة على ضرورة مطالبة اسرائيل بالكشف عن ترسانتها وإخضاع منشآتها النووية للرقابة وتدمير ما لديها من قدرات نووية "باعتبار أن الترسانة النووية الإسرائيلية تشكل خطرا حقيقيا على المنطقة خاصة جيرانها العرب وتحفز إيران على النكوص عن الاتفاق والاستمرار في برنامجها النووي غير السلمي". وفي الإمارات، سلطت الصحف الضوء على الموضوع نفسه، حيث أشارت صحيفة (الاتحاد)، في عمود لرئيس تحريرها، إلى أنه بقدر ما كانت طهران متلهفة لهذا الاتفاق، ورضخت لتقديم التنازلات تلو التنازلات من أجل تحقيقه، فإن الغرب كذلك كان حريصا على إبرام هذا الاتفاق، ولم يتردد أيضا في تقديم بعض التنازلات. وأضافت أنه "واليوم بعد أن اتفق العالم على إغلاق ملف البرنامج النووي الإيراني، فإننا كشعوب في منطقة الشرق الأوسط التي تعاني بشكل يومي من نتائج التدخلات الإيرانية في شؤونها، سنحاول أن نكون إيجابيين تجاه هذا الاتفاق، وأن نعتبره فرصة جديدة لإيران، وللمنطقة لقلب صفحة الماضي، على أمل أن تعيد طهران حساباتها في شكل علاقاتها مع جيرانها". ومن جانبها، أكدت صحيفة (الخليج)، في افتتاحيتها، أنه ينظر إلى الاتفاق على أنه "حدث مهم في حد ذاته، وبما هو متصل بجملة من العلاقات والتداعيات"، مشددة على أن الأمر يتعلق باتفاق "تاريخي سيترك آثارا عميقة على المنطقة"، و"معقد تقنيا" وأن "الأيام كفيلة بتوضيح التفاصيل، كما أنه يعتمد، إلى حد بعيد، على عناصر مثل الثقة والنيات". وخلصت الافتتاحية إلى التأكيد على أن "شعب الإمارات يرجو أن يمثل الاتفاق النووي الإيراني بدء صفحة جديدة من التعاون لصالح خير المنطقة وقيمها، ولإبعادها عن الفتن الطائفية والإرهابية". أما صحيفة (البيان)، فأكدت، في افتتاحيتها، أن ما تريده المنطقة العربية من إيران فعليا، أن "يكون هناك تغيير جذري في سياساتها، بحيث تكون عامل استقرار في هذه المنطقة، بعيدا عن أي تهديد عسكري أو اقتصادي أو اجتماعي، وبحيث تكون إيران شريكا في أمن المنطقة ومستقبلها، بدلا من التورط في صراعات كثيرة في دول عربية". وأوضحت أن "تغيير هذه السياسات أمر ممكن إذا قررت إيران أن تعيد التموضع بشأن دورها وطموحاتها، خصوصا، أن لا أحد في هذه المنطقة يريد إشعال أي صراعات أو حروب". وفي الأردن، رأت جريدة (الدستور)، في مقال لها، أن الدور الوطني لمواجهة قضية الإرهاب على المستوى الوطني يتطلب إعداد استراتيجية وطنية بمنهجية أكاديمية علمية متكاملة. وكتبت جريدة (الرأي)، في مقال بعنوان "المنطقة.. إلى أين ¿"، أن ما يجري في منطقة الشرق الأوسط من حروب وتفجيرات يومية متلاحقة عسكرية وسياسية وإعلامية "نتيجة حتمية لتقاطعات وتداخلات ما يجري بين أصحاب النفوذ والأهداف المتباعدة"، واعتبرت أن الأممالمتحدة عجزت، أمام ما تعيشه المنطقة، عن القيام بدورها، مرورا بأوروبا "المعقودة اللسان والإرادة الحائرة أمام ما يجري من تداعيات، وانتهاء باستئناف روسيا وإحيائها للحرب الباردة (...)". وخلصت الجريدة إلى أن المنطقة ومستقبلها وما تنام عليه من مفاجآت "تنذر بتشظيات لا يعلم إلا الله بتبعاتها وبتخوم طاقاتها التدميرية". وتطرقت صحيفة (العرب اليوم)، في مقال بعنوان "السر في (فيينا)"، للاتفاق النووي الإيراني الغربي، فقالت إن ما يستطيع المرء استنتاجه بسرعة هو أن مناخات الإقليم ذاهبة إلى الهدوء بعد سنوات من القتل والدمار والفوضى، وأن "إيران، مهما اختلفت في تقويم سياساتها واستراتيجيتها، فقد حققت انجازا تاريخيا وانتصارا دبلوماسيا، ونجحت بان تضع لها مقعدا دائما في النادي النووي". وصلة بالموضوع، رأت جريدة (الغد)، في مقال بعنوان "ليالي الأنس في فيينا!"، أن التعبير الأكثر دقة في وصف الاتفاق التي تم التوصل إليه أمس بين إيران والغرب هو "الصفقة الإقليمية"، معتبرة أن هذه الصفقة "تم الإقرار بها قبل الاتفاق النووي، فهي صفقة موازين القوى الجديدة في المنطقة". وقالت إنه رغم أنه من المبكر الحديث عن تحولات سحرية فورية، "إلا أنه من الضروري أن ندرك تماما أن إيران ما بين 1979-2015 انتهت، فهناك إيران جديدة ومنطقة عربية تتشكل من جديد (...)". وفي لبنان، اهتمت الصحف بتأثير وارتدادات الاتفاق النووي الإيراني الغربي على لبنان، إذ اعتبرت صحيفة (السفير) بأن "الملفات الخلافية الداخلية، استراحت لبعض الوقت"، مبرزة أن أنظار الفرقاء السياسيين اتجهت الى فيينا لمتابعة "وقائع صناعة إحدى أهم اللحظات التاريخية في هذا العصر، على أيدي إيران ودول مجموعة 5+1". ووفق الصحيفة فقد بدأ الكثيرون في لبنان، "مع اكتمال التخصيب السياسي" للاتفاق النووي، "يضربون أخماسا بأسداس، ويخوضون في حسابات الربح والخسارة، على إيقاع أسئلة عابرة للاصطفافات السياسية والطائفية"، من قبيل ...."ماذا عن انعكاساته على موازين القوى، وما هي احتمالات المقايضة والمساومة على الملف اللبناني...". ولم تستغرب (النهار) "تفاعل" القوى السياسيøة اللبنانية بسرعة مع الاتفاق النووي، معزية ذلك الى "ارتباط الكثير من الأزمات الداخلية بامتدادات إقليمية يعتقد أن المتغيرات والتداعيات التي سيفضي إليها الاتفاق ستلفح لبنان بتموجاتها"، إلا أنها أبرزت أن ردود الفعل الاولية على الاتفاق "عكست في جوانب منها ترحيبا متفاوت الدرجات من جهة أو تريثا أو تحفظا من جهات أخرى". أما صحيفة (الجمهورية) فأشارت الى أن الجميع بلبنان "يتوقع" أن ينعكس الاتفاق النووي "إيجابا على الازمات في لبنان والمنطقة"، بالرغم من أن القراءات الأولوية، وفق الصحيفة، "ترجح أن تكون تفعيلا للتحالف الدولي الإقليمي لمكافحة تنظيم (داعش) وأخواتها كخطوة مطلوبة بإلحاح لإنهاء الأزمات الإقليمية". ومن جانبها، قالت (الأخبار) إن التوقيع على هذا الاتفاق "خيم على الأجواء السياسية العامة في لبنان، إذ "غابت" وفقها "التطورات والحلول عن أي من الأزمات المستمرة"، لاسيما "أزمة الحكومة وآلية العمل داخلها...". وخلصت (المستقبل) الى أن لبنان الرسمي والسياسي "تفاعل" مع الحدث، مشيرة الى أنه تطلع الى أن يؤدي هذا الاتفاق إلى "زيادة الثقة بين إيران وجوارها العربي والمسلم". أما رئيس الحكومة تمام سلام، فالأمل لديه، وفق الصحيفة، "أن ينعكس هذا التطور في شكل إيجابي على الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط بما يساعد على خفض التوترات وإشاعة السلام والاستقرار".