المفطرُون علنًا فِي نهار رمضان بالدُّول المغاربيَّة تناقصُوا، خلال العام الحالِي، قياسًا بالحالات التي جرى تسجيلها في السنوات الماضية، ذاكَ ما ترصدهُ مجلَّة "جون أفريك" بالاستناد إلى عدد من أوقفتهم السلطات الأمنيَّة في كلٍّ من المغرب والجزائر وتُونس بتهمة الإفطار العلنِي. ووفق المنبر الفرنسي، فإنَّ من يفطرُون علنًا في رمضان، بالدول المغاربية، لا يزالُون قلَّة قليلة، ذلك أنَّهُ بالكَاد جرى توقيفُ خمسة شباب في مراكش، فيما رصدت مناوشات محدودة في الجزائر بين صائمِين ومفطرِين، جنوبي بجاية. أمَّا في تونس فكان التوتر أكبر مما هو عليه في المغرب والجزائر، وذلك من خلال عمد مسؤُول أمنِي في مدينة المسنتير إلى تعنيف نادلة تخدمُ أشخاصًا مفطرِين. الاعتداء جرى توثيقه بالصوت والصورة، فأثار جدلًا أفضى إلى معاقبة المسؤُول الذي قال إنه لم يتحرك سوى بالاستناد إلى أوامر وزارة الداخليَّة. وزارةُ الداخليَّة التونسيَّة أوضحت عقب ذلك، عبر الناطق الرسمي باسمها، أنَّ مسألة الصوم تهمُّ الفرد، لكنَّ المقاهي التي تقع خارج المجمعات السياحيَّة لا يمكنُ أن تبقي أبوابها مفتوحة، خلال شهر رمضان. وإن كان القانون التونسي لا يفرض عقوبة على من لا يصومُون رمضان. وبما أنَّ الفصل السَّادس من الدستُور التونسي يكفلُ حريَّة المعتقد والعبادة، يرى المنافحُون عن الإفطار في رمضان داخل الفضاءات العامة بتونس، أنَّ من غير المفهوم إلزام المقاهِي بإسدال الستائر على واجهاتها، خلال الشهر. بيدَ أنَّ تونس تختلف عن المملكة، فالفصل 222 من القانون الجنائي المغربي يعاقب المجاهر بالإفطار خلال رمضان في فضاء عام بعقوبة حبسيَّة تصلُ إلى ستَّة أشهر من السجن. أما في الجزائر فالقانون أقلُّ وضوحًا، إذ بالرغم من عدم تنصيص القانون على معاقبة غير الصائم، تم توقيف عدة حالات أدانها القضاء. وتسوغُ السلطات الجزائريَّة اعتقال مفطرِين لرمضان بالفصل 144 من قانونها الجنائي، الذِي ينصُّ، بشكل فضفاض، على معاقبة كلِّ من تهجم على النبي أو الرسل أو يحقر تعاليم الإسلام، سواء بالكتابة أو الرسوم، أو أي وسيلة أخرى، بالسجن ما بين 3 إلى 5 سنوات. ولأنَّ الدعاة إلى الإفطار في رمضان غالبًا ما جرى ربطهم بمطالب سياسيَّة ديمقراطيَّة إلى جانب المنافحة عن الحريَّات الفرديَّة فقد تعقدت المسألة أكثر، وفق ما يوضحُ بليغ نبيل، لجُون أفريك، مدير البحث في معهد العلاقات الدوليَّة والاستراتيجيَّة، وصاحب كتاب "فهم العالم العربِي". أمَّا المناخ المعادِي للثورة، الذِي خلفتهُ الهجمات الإرهابيَّة الأخيرة في سوسة، فترخِي أيضًا بظلالها على نشطاء الحريَّة الفرديَّة، ذلك أنَّ السياق لا يساعدُ على المطالبة برفع سقف الحريَّات، سيما أنَّ الرئيس التونسي، الباجِي قايدْ السبسِي، أعلن حالة طوارئ، صارت الاحتجاجات خاضعة معها لقيود أكبر.