تناولت الصحف التونسية، اليوم الأربعاء، موضوع الحرب على الإرهاب، فيما اهتمت نظيراتها الجزائرية بالوضع المتوتر في ولاية غرادية بجنوب البلاد. ولا زالت الصحف في تونس تخوض في قضية الساعة المتمثلة في الحرب على الإرهاب والإجراءات المتخذة في هذا الصدد ضمنها حالة الطوارئ المعلنة منذ السبت الماضي وتستمر شهرا كاملا، وسط جدل حولها. وتساءلت صحيفة (المغرب) إن كانت تونس في هذه الحرب محتاجة إلى حالة الطوارئ أم إلى خطة أمنية وقائية شاملة، موردة أن جل المسؤولين الأجانب الذين زاروا تونس بعد فاجعة سوسة لاحظوا "غياب مخطط أمني شامل رغم أن درجة المخاطر الإرهابية تفوق بكثير ما هو موجود في كل البلاد الأوربية". ولاحظت الصحيفة أن الإشكال الأمني التونسي ينحصر في "الطور الدفاعي لا الهجومي" على الإرهاب، وأنه ليس في الأفراد بل في المنظومة التي "في غيابها كآلية تضبط بصفة واضحة كل مقتضيات حالة ما من التأهب لا يمكن أن تلوم الأفراد". وفي ظل الجدل على إجراءات محاربة الإرهاب، كتبت صحيفة (الصباح) أنه "بعيدا عن كل الأوهام والحسابات السياسية، نقول أن لا أحد يملك القدرة على دحر هذه الآفة بمفرده، ولا أحد لديه القدرة على تفكيك هذا المارد بما في ذلك الدول التي اشتركت في صنعه". وتابعت أن فترة الاستراحة يجب أن تنتهي، ولا شيء يمكن أن يحصن تونس من الخطر غير "الوحدة المقدسة" بين الجميع، و"جرعة أكيدة من الوطنية المفقودة لإعلاء المصلحة الوطنية على كل الغنائم والمصالح الذاتية". وعبرت صحيفة (الصريح) عن الأسف لمساندة بعض الأحزاب والتيارات الفكرية والسياسية ذات المرجعيات التحديثية "للممارسات الظلامية" ودعمها لرافضي إقالة بعض أئمة التحريض وغلق فضاءات مصادرة العقول الخارجة عن السيطرة (في إشارة إلى قرار إغلاق 80 مسجدا خارجة عن سيطرة الدولة)، بدعوى صيانة الحريات والحقوق. وشددت على أن العمل السياسي في الأنظمة الديمقراطية يفرض وفاقا بين كل القوى السياسية، مهما اختلفت مرجعياتها وتباينت توجهاتها الإيديولوجية، حول جملة من الثوابت الوطنية في مقدمتها أمن البلاد والعباد، مضيفة حاجة تونس لتجميع المجتمع وتوجيهه نحو البناء العقلاني "الذي يمكن من حل مشاكلنا الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية والأمنية". في خضم ذلك، تناقلت صحف تأكيدات رئيس الحكومة الحبيب الصيد خلال حوار تلفزي من أنه لا خوف على الدولة ولا مساس بالحريات، مجددا التأكيد على أن إعلان حالة الطوارئ كانت بغاية المحافظة على المكتسبات والمؤسسات التي بات يهددها الإرهاب. صحيفة (الشروق) كشفت أنه رغم حالة الطوارئ هذه، مازالت مجموعات تسفير الشباب التونسي تنشط دون قيود أو مراقبة، مفيدة بأن "حوالي 100 شاب من مختلف الولايات تمكنوا من التسلل نحو التراب الليبي والالتحاق بالمجموعات الإرهابية". وفي الجزائر، طغى على اهتمامات الصحف المحلية تجدد أعمال العنف ذات الطابع الطائفي بغرداية (600) جنوب العاصمة أقواها ما جرى خلال ال48 ساعة الأخيرة وما خلف من ضحايا (18 قتيلا). واعتبرت صحيفة (الخبر) أن التطور الخطير الآخر المسجل في الأوضاع، هو استعمال الأسلحة النارية في المواجهات التي سجلت ليلة أمس، والتي تعد، بحصيلتها المأساوية، من بين الأعنف منذ اندلاع أحداث غرداية بين الإباضيين (أمازيغ) والمالكيين (عرب). وذكرت الصحيفة بأن أعيانا من غرداية طلبوا من وزير الداخلية تجسيد وعده الذي قطعه قبل أيام قليلة في المدينة بالتصدي بكل قوة لأعمال العنف ومثيريها والمحرضين عليها، مشيرين إلى أن التواجد الأمني الكبير في غرداية لم يوفر الأمن للسكان بسبب التعليمات التي تمنع وحدات التدخل من استعمال القوة المفرطة، في وقت يحمل فيه عشرات الأشخاص في بلدتي بريان والقرارة أسلحة نارية بدائية جهارا نهارا. وتحت عنوان "أطفئوا نار الفتنة في شهر الرحمة"، أوردت صحيفة (الشروق) أن عناصر من شرطة مكافحة الشغب تعرضوا لحروق ناتجة عن زجاجات (المولوتوف) التي حولت موقع الأحداث إلى منطقة ملتهبة تصاعدت منها أعمدة الدخان المنبعث من بيوت مواطنين ثم إضرام النيران في بعضها، وأن أشخاص من منطقة العلية اعترضوا سيارة كانت تقل بعض الأشخاص من المزابيين متجهة نحو القرارة، واعتدوا عليهم، أحدهم حالته حرجة، بعد أن فقئت عينه، بينما حاول كبار مشايخ الجهة التنقل إلى القرارة في خطوة لإخماد نار الفتنة. كما ذكرت الصحيفة أن عددا من ممثلي المجتمع المدني دعوا السلطات الأمنية إلى ضرورة الكشف عن مصادر تموين المجموعات الملثمة والمدججة بالأسلحة البيضاء على اختلاف أنواعها وقارورات المولوتوف المعدة للاعتداء المنظم وزرع الرعب في صفوف المواطنين. وتساءلت صحيفة (الفجر) إن كان تجدد المواجهات أعاد غرداية إلى نقطة الصفر، مشيرة إلى أن المئات من العائلات هجرت من منازلها، بينما أصدر مجلس أعيان قصر القرارة (بلدة بغرداية) نداء استغاثة بعد أيام قليلة على تنصيب لجنة وزارية مشتركة مكلفة بدراسة سبل ووسائل التحكم في الوضع بالمنطقة. مديرة نشر الصحيفة خصصت عمودها اليومي للحديث عن الموضوع، قالت فيه إنه مرة أخرى تسيل الدماء في هذا الصراع بغرداية الذي يزداد ضراوة مع كل تغيير حكومي، ومع كل زيارة لوفد رسمي للمنطقة. وكتبت أن "الكل مخطئ في هذه القضية، الحكومة مثل الشباب الغرداوي من إباضيين ومالكيين. وخطأ السلطة ليس لأنها تركت القضية تتعفن ويستغلها سياسيون، وجمعيات تتحرك بإيعاز، بل أيضا لأنها سمحت بتأسيس المجلس المالكي هناك لمواجهة المجلس الإباضي، وكان على السلطة ألا تقبل بمثل هذا التنظيم، لأن المالكية أغلبية في كل منطقة المغرب العربي ولا أفهم لماذا مجلس لمالكيي غرداية دون الآخرين في جهات الوطن الأخرى بما أن المذهب الأساسي والمرجعية الوطنية هو المذهب المالكي¿". وأضافت أن "الصراع ما كان له ليكون أبدا مهما كانت الذرائع، سواء من منظور مذهبي أو عرقي، ما دام الجميع يدينون بالإسلام، والأمازيغية هي أحد، بل أهم مقومات هويتنا الوطنية"، داعية إلى الخروج نهائيا من هذه المواجهة الثنائية "التي ستضر بالبلاد وليس فقط منطقة غرداية وحدها".