عادَت أمينة بنخضرا، مديرة المكتب الوطنِي للهيدرُوكربورات والمعَادن، إلى صباهَا، مساء اليوم بالرِّباط، وهيَ تستذكرُ خطواتها الأولى في درب التحصيل العلمِي، لدى حلولها ضيفةً على مبادرة "امض قدمًا"، حيث حكت للطلبة عمَّا تراهَا سبُلًا ممكنة لإحراز المرء تقدمًا في مساره المهنِي. منْ الأمور التي رصدتها بنخضرا لدى حديثها عن النجاح في الحياة، ضرورة ترك الأمُور تسلكُ مسارها الطبيعي، "حينَ كنت في الأقسام التحضيريَّة بثانوية ليُوطِي في الدارالبيضاء، ما كنتُ أخمنُ أنِّي سأعمل في هذا المجال أو ذاك. فالأفضل أن ينصرف الإنسان إلى تطوير ذاته، ويدع الثمَار تأتِي مباغتة"، تستطردُ المتحدثة في اللقاء المنظم من لدن "الغرفة الفتية"، بعد زوال الخميس. حين ستتخرجُ بنخضرَا مهندسةً في المعَادن وهي لا تزالُ في الثانيَة والعشرين من عمرها، سيبدُو لها أنَّ من المبكر أنْ تدخلَ غمار سُوق الشغل. لذلك، حزمت حقائبها ومضت إلى بارِيس كيْ تظفر هناك بالدكتُوراه، "لمَّا أنهيتُ دراستِي بباريس، رفضتُ أن ألبث هناك فأعمل في البنك الدولِي، وآثرتُ أنْ أعُود إلى المغرب عسانِي أقدمُ لهُ شيئًا". ولأنَّ في التحصيل داخل الأقسام التحضيريَّة وشعبة الهندسة به من الكدِّ ما يتعبُ، ارتأتْ بنخضرا عقب عودتها من فرنسا أن ترتاح أشهرًا طويلة "بعد تلك الفترة، جاءنِي اتصالٌ لأجرِي مقابلة عمل، فكأن أن أقنعنِي مدير مكتب الأبحاث والمساهمات المعدنيَّة، بالاشتغال مهندسةً في الميدان". العملُ في الميدان بمختلف ربُوع المغرب كانت لهُ متعتهُ ودرُوسه، وفق بنخضرا، فبفضله زارتْ ربوعًا قصيَّة من المغرب، ما كانتْ لتحلَّ بها لولَا مهمَّات العمل، كمَا أنَّها وقفتْ إبَّان زياراتها لمناطق مغربيَّة على كرم المغاربة، الذِين قدْ يبذلُون من خصاصتهم كيْ يكرمُوا الضيف بالطعام، أوْ يؤمنُوا لهُ مرقدًا كيْ ينام"، "كانت تجربة مهمَّة في حياتِي، قبل أن أغادر الميدان، لأتدرج في مناصب المسؤوليَّة في الBRPM". عقبَ ذلك، ستصيرُ بنخضرَا مسؤُولة عن تدبير عددٍ كبير من الفروع التابعة للمكتب، ومجالس الإدرات، قبل أنْ يجرِي تعيينها، في بادرةٍ هي الأولى بالمغرب، كاتبةً للدولة في الطاقة والمعادن، بمقتضى ظهير ملكِي، إلى جانب مغربيَّات أخريات منهن نوال المتوكل وزليخة نصرِي وعزيزة بنانِي. وعادت بنخضرا لتشغل وزارة الطاقة والمعادن والماء والبيئة، في حكومة عبَّاس الفاسِي. بنخضرَا التي تحدثت عن الأيَّام الصعبة التي تلتْ فرض سياسة التقويم الهيكلِي على المغرب، وما تخللها من إضرابات، قالت للطلبة إنَّ الحياة لا يمكنُ أن تكون حياةً إذَا ما أصبحت دُون عراقِيل "المطلوب هو ألَّا توقف تلك العقبات مسار الإنسان، وأن تساعده بالأحرى على تَطوير ذاته". وعن ارتباطهَا سياسيًّا بحزب التجمع الوطنِي للأحرار، أكدَّت بنخضرَا إيمانها بالمبادئ الليبراليَّة، وإدراكها لخصوصيَّة المغرب ومرجعيته الإسلاميَّة. "لا أستطيع التعليق على بعض الأمور التي تذكِي جدلًا اليوم في السَّاحة، لكنْ ما أراه ثابتًا، هو أنَّه ليس لأحدٍ، أن يصادر حريَّة الآخر، أوْ يخلَّ باحترامه. نشأت وكبرت في عائلة محافظة، لكنها كانت قمة في الانفتاح، في الوقت نفسه". الوزيرة السَّابقة، قالت إنَّ تواجدها في حزب الحمامة حاصلٌ عن قناعة، وليس مجرد انخراط صورِي، داعيةً إلى المقاطعِين للانتخابات في المغرب إلى العدُول عن موقفهم، على اعتبار أنَّ إحجامهم عن المشاركة هو الذِي يمنحُ فرصةً ذهبيَّة للمسؤُولين الذِين لا يقدمُون شيئًا. أمَّا الكوطَا التي جرى منحها للنساء فترى بنخضرا أنَّها كانت إجراءً ضروريًّا لضمان تمثيليَّة النساء، لكن ينبغِي أن يكون إجراءً مؤقتًا لا دائمًا، لأنَّه ليس سوى بمثابة حفز للأحزاب على تقديم النساء إلى المعترك السياسي.