أكدت تسريبات موقع ويكيليكس عمق الهوة التي تفصل بين السعودية وإيران، إذ تظهر "المملكة العربية" حازمة في اعتبار "الجمهورية الإسلامية" خطرًا على المنطقة ككل، وذلك رغم تبيان وثيقة أخرى، حجم الاحترام الذي تكنه السعودية للقدرات العسكرية الإيرانية، فضلًا عن تتبع السفارة السعودية بشكل يومي للنشاط الإعلامي الإيراني وإصدارها تقارير في هذا الصدد. وأكدت وثيقة غير مؤرخة أن السعودية تنظر لإيران باعتبارها تهديدًا لأمن واستقرار المنطقة، وذلك بالنظر إلى ملفها النووي وتطويرها لأسلحة دمار شامل، وعدم تفاوضها بشكل صادق مع وكالة الطاقة الدولية، وتدخلها في الشؤون الداخلية لدول مجلس التعاون الخليجي، خاصة رغبتها تشكيل دولة في البحرين، وسعيها إلى إثارة القلائل في اليمن. ورغم حالة العداء، إلّا أن برقية لوزارة الخارجية أظهرت احترام السعودية للإمكانيات العسكرية التي تمتاز بها إيران، إذ أشارت الوثيقة كيف أن إيران حققت منجزات كبيرة في مجال التحكم بالحروب الإلكترونية واختراع الأنظمة الصاروخية والرادارية الدقيقة، وصناعة الطائرات اللا مرئية، زيادة على تقنيات أخرى "تفوق الإمكانات العسكرية التي تحاول أمريكا وأوروبا والكيان الصهيوني استغلالها لإرهاب دول المنطقة وأبناء الأمة الإسلامية العربية". وأشارت وثيقة مسرّية نشرتها مجموعة من وسائل الإعلام الإيرانية، تعود إلى عام 2010 وتحمل توقيع وزير الخارجية سعود الفيصل، إلى أن الملك السعودي أصدر أمره لوزير الاتصالات وتقنية المعلومات بالإيقاف الفوري لقناة العالم الفضائية التابعة لإيران، من القمر الصناعي عربسات، وبحشد التأييد لهذا القرار في اجتماع مجلس عربسات. كما أشارت وثيقة أخرى غير مؤرخة، مصدرها هو السفارة السعودية في طهران، إلى أن الوضع الداخلي الإيراني يعاني من معدلات التضخم والبطالة بين المواطنين، زيادة على تفشي الفساد والمحسوبية في الطبقة العليا والمتوسطة في الحكومة الإيرانية، وهو ما أدى إلى "أن يكون الإحباط هو الشعور السائد لدى المواطن الإيراني وإلى الرغبة القوية في تغيير الحكومة والنظام. وزادت هذه الوثيقة التي نشرتها على صعيد واسع مجموعة من وسائل الإعلام الإيرانية أن تغيير النظام الإيراني يمكن أن يتم من خلال "ستخدام عدة وسائل إعلامية موجهة لإبراز الأخطاء والمشاكل السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي يعاني منها المجتمع الإيراني، منها "استخدام القنوات التلفزيونية الفضائية الناطقة باللغة الفارسية أو العربية الموجهة للعرب في جنوب وغرب إيران، كما يمكن استخدام الشبكة العنكبوتية ومواقع التواصل الاجتماعي فيس بوك وتويتر وغيرها في فضح الممارسات الإيرانية. كما تحدثت وثيقة أخرى عن عدم سماح السعودية لإيران عام 2010 باستخدام أجواء المملكة لنقل شحنات من الأسلحة إلى حماس من خلال السودان، وأن هناك عملًا قويًا تقوم به السلطات السعودية لدعم موقف المملكة في حالة قيامها بأي إجراء تجاه إيران في حالة الاشتباه بمواد ممنوعة، وذلك في استعراض لكافة الأنظمة والإجراءات الوطنية النظامية والقانونية، وكذلك الاتفاقيات الدولية ذات العلاقة. وبينت وثائق أخرى تتبع السفارة السعودية بطهران للنشاط الإعلامي الذي تقوم به إيران بشكل يومي، كما تتبعت السفارة فتح إيران لقناة ترفيهية موجهة إلى أمريكا اللاتينية، ونجاعة هذا التوجه مقارنة بجعل القنوات السعودية الناطقة بالاسبانية دينية محضة، الأمر الذي جلب لها الكثير من الانتقادات، كما أظهرت وثيقة أخرى ما وصفتها السفارة بالإساءة إلى الملك السعودي على صدر صحيفة إيرانية. جدير بالذكر، أن جوليان أسانج، صاحب موقع ويكيلكس، قد أعلن نشر حوالي 61 ألف وثيقة على موقع "ويكيلكس" نهاية الأسبوع الماضي، الأمر الذي دفع الخارجية السعودية إلى التصريح بأن نشر هده الوثائق مرتبط بعملية القرصنة التي تعرّضت لها الوزارة سابقًا، محذرة من تداول هده الوثاق بما أن بعضها "تمت فبركته".