كان لافتا الوصف الذي نعت به الوزير الأول الجزائري، عبد المالك سلال، المغرب عندما قال أخيرا عند افتتاح الدورة العادية الخامسة والعشرين لقمة الاتحاد الإفريقي بجوهانسبورغ في جنوب إفريقيا، إن المغرب بلد مستعمر وجب تصفيته من منطقة النزاع في الصحراء. تصريح سلال بأن الصحراء لا تزال تعاني من "ويلات استعمار من عصر ولى"، يأتي أياما بعد الاتهام الغريب الذي أطلقه وزير الشؤون الدينية والأوقاف بالجزائر، أبو عبد الله غلام الله، بشأن مسؤولية المغرب عما يجري من أحداث في الوقت الراهن في العالم العربي. وصف سلال المغرب بمستعمِر الصحراء، قال الدكتور عبد الرحيم المنار اسليمي، خبير في الشؤون الأمنية والإستراتيجية، إنه يعبر عن سلوك عدواني جديد للجزائر ضد السيادة المغربية، مبرزا أن هذا الموقف الأخير له مجموعة تفسيرات متكاملة". التفسير الأول، وفق اسليمي، محاولة استيعاب ضربة مجلس الأمن الأخيرة، إذ تسعى الجزائر إلى التخفيف النفسي من أثر قرار مجلس الأمن، الصادر في 28 أبريل، حيث خلق نوعا من اليأس في مخيمات تندوف التي لم تتوقف فيها حدة الاحتجاجات على قيادة عبد العزيز البوهالي طيلة الشهور الماضية". وتابع المحلل بأن "الجزائر عادت لمنصة الاتحاد الإفريقي، لإطلاق أسطورة ظلت ترددها طيلة أربعين سنة، لبناء وهم جديد لجيل يطالب بفتح المخيمات، والعودة إلى المغرب"، مضيفا أن "الجزائر تحاول تخفيف الضغوطات على قيادات البوليساريو التي تشهد اقتتالا داخليا". والتفسير الثاني، حسب المتحدث، أنه لم يعد أمام الجزائر سوى منبر وحيد هو الاتحاد الإفريقي، فالأممالمتحدة أغلقت الممرات أمام الجزائر بقرارها الأخير رقم 2218، وحتى داخل الاتحاد الإفريقي أصبحت الممرات للدعاية ضد المغرب ضيقة، لكون العديد من الدول تدرك أن هذه المنظمة تخرق ميثاق الأممالمتحدة بتدخلها في نزاع الصحراء". وأما الثالث، يضيف اسليمي، فهو تمسك الجزائر بأسطورة قديمة، هي تصفية الاستعمار، والتي خلقتها الجزائر في الستينيات، وظلت ترددها داخل الجمعية العامة للأمم المتحدة، فالجزائر تتمسك بهذه الأسطورة مقابل تمسك المجتمع الدولي بالمفاوضات حول الحكم الذاتي". والرابع، يضيف اسليمي، أن تصريح سلال يخفي أوضاعا إقليمية وداخلية صعبة تحاول الجزائر تصريفها في التصريحات العدوانية ضد المغرب"، موضحا أن "الجزائر فشلت في مالي، وباتت موضع اتهام بكونها تعرقل الحل السياسي في ليبيا، فالقوى الإقليمية والدولية انتبهت إلى أن الجزائر تريد استمرار مزيد من الفوضى في ليبيا.. وقال المحلل إن الجزائر تستعمل أوراقا ضد دول الجوار للتغطية على نزوعاتها التدخلية، فهي توظف ملف الصحراء ضد المغرب، والجماعات الإرهابية في جبال الشعابني ضد تونس، والبوليساريو في المنطقة العازلة بين المغرب وموريتانيا، وشمال غرب مالي لتهديد موريتانيا". وذهب اسليمي إلى أن "سلال قدم نفسه أمام القمة الإفريقية، بصفته ممثلا للرئيس عبد العزيز بوتفليقة، مردفا أن "هذا الأمر بات موضوع استغراب من طرف المجتمع الدولي"، مسجلا أن "سلال ألقى كلمته وغادر مباشرة إلى الجزائر لاستقبال الرئيس الفرنسي، الشيء الذي يعني أن الجزائر تعيش سنة سياسية بيضاء، لكونها بدون رئيس".