يعدّ المغرب من البلدان الإفريقية القليلة التي استطاعت جلب مستويات محترمة من الاستثمار الأجنبي، إذ يؤكد تقرير لصندوق النقد الدولي أن الإصلاحات الهيكلية التي نهجها المغرب استطاعت جذب استثمارات أجنبية متعددة في ميادين صناعات ذات قيمة مضافة عالية. كما سبق لمحمد بوسعيد، وزير الاقتصاد والمالية، أن كشف ارتفاع الاستثمارات الأجنبية بنحو 5% خلال عام 2014 مقارنة بسابقه. وقد أشار تقرير صادر عن منظمة EMPEA هذا العام حول "الرساميل الخاصة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا"، إلى أن المغرب احتل المرتبة الأولى في شمال إفريقيا على صعيد جذب استثمارات الصناديق المالية الكبرى، بل إنه استطاع لوحده أن يستحوذ على أكثر من نصف الأموال المخصّصة للصناديق الاستثمارية في هذه المنطقة، فقد حصل ما بين 2010 و 2014 على حوالي 8 مليار درهم من أصل 17 مليار درهم، كما حاز المغرب، وفق التقرير ذاته، على أكثر من 36 مليار درهم من مجموع الاستثمارات المباشرة. هذا النجاح الذي حقّقه المغرب، يعود حسب ما يمكن فهمه من هذا التقرير، إلى الاستقرار السياسي الذي ميّزه في فترة حساسة عرفت حراكًا سياسيًا وشعبيًا في المنطقة، ويظهر ذلك من خلال أن المغرب نال مكانة مصر في جذب هذه الاستثمارات، بعدما كانت مصر هي الأولى في شمال إفريقيا، ومن خلال أن المعدل العام للاستثمارات الأجنبية في المنطقة، تراجع منذ عام 2011 الذي شهد أحداث ما يُعرف ب"الربيع العربي". كما أكد مكتب الصرف، في تقرير له نهاية شهر أبريل الماضي، أن تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة بالمغرب بلغت 8.64 مليار درهمًا مقابل 7.7 مليار درهم في الفترة ذاتها من السنة الماضية، ممّا يعني وجود ارتفاع بنسبة 12.2%، وهو ما يعود حسب المكتب، إلى ارتفاع مداخيل الاستثمارات الأجنبية المباشرة، بنسبة 7.5%، وانخفاض النفقات المرتبطة بهذه الاستثمارات بنسبة 9.6% . هذه القفزة التي حققها المغرب في جذب الاستثمارات الأجنبية، ترجع حسب معطيات وزارة الاقتصاد والمالية إلى مجموعة من التدابير المشجعة على الاستثمار، منها مساهمة الدولة من خلال صندوق عدم الاستثمار، والإعفاء من الضريبة على القيمة المضافة للواردات، وتدابير الحوافز الجمركية، وخلق نظام ضريبي مبسط وحديث للمشاريع، وإعفاء بعض القطاعات من الضرائب، ووضع استراتيجيات في الميادين الفلاحية والسياحية والرقمية والصحية والتكوين المهني والتأمين، يكون دعم الاستثمار الأجنبي من بين أهدافها. غير أن هذه المعطيات تخفي مجموعة من التحديات التي يواجهها المغرب في استفادته من هذه الاستثمارات، ففي تقرير أصدره البنك الإفريقي للتنمية عام 2013 حول الاستثمار بمنطقة شمال إفريقيا، تمت الإشارة إلى أن المغرب لا يشهد توافقًا إيجابيًا بين الاستثمارات الأجنبية المباشرة وبين الناتج المحلي الإجمالي، إذ إن ارتفاع حجم الاستثمارات منذ عام 2000 لم يساهم في التقليل من حجم الفقر بالمملكة. كما أن دراسة أنجزتها هذا العام الوكالة الفرنسية للتنمية حول مستقبل الاقتصاد الإفريقي أشارت إلى أن استفادة المغرب من الاستثمارات الأجنبية في المستقبل، لن تكون بحجم استفادة دول إفريقية أخرى صاعدة، إذ سيكون مسبوقًا بكينيا ونيجيريا وساحل العاج واثيوبيا والموزمبيق، وذلك بعدما أكد المستثمرون نيتهم التوجه إلى هذه البلدان لأسباب كثيرة منها التكلفة المنخفضة. هذه المنافسة الشرسة التي صار المغرب يتعرّض لها، يؤكدها تقرير آخر صادر عن مركزfDi Intelligence البريطاني، إذ أشار إلى أن المغرب يحتل المركز الخامس في تصنيف الدول الأكثر جذبا للاستثمارات في إفريقيا خلال عام 2014، وبذلك يتراجع المغرب من المرتبة الثانية التي احتلها في تقرير المركز الخاص بالفترة 2013-2014، بل إن الأمر يزداد حساسية بالنسبة للمغرب، بما أن مصر تفوّقت عليه في تقرير 2014، مما جعله يخسر مركز الريادة في منطقة شمال إفريقيا. اكتشفوا قافلة Renault