أن تكون منهمكا في عملك، وفجأة تباغتك عناصر الشرطة الإسبانية، وتطلب منك مرافقتها إلى ولاية الأمن، فيذهب مجهودك طيلة 20 سنة أدراج الرياح، وتجد نفسك مجبرا على العودة إلى بلدك، بعد صدور قرار بالطرد في حقك، دون توديع زوجتك وابنتك، ولا أن تمنح لك فرصة توكيل محام يدافع عنك. هذا ما عانى منه مهاجر مغربي ملقب ب"عبدو"، يقطن بمدينة "ثرغوصا" التابعة ترابيا لإقليم "أراغون" شرق إسبانيا، بعدما وجد نفسه مجبرا على ترك عائلته الصغيرة، عقب صدور قرار بالترحيل في حقه على خلفية "سوابق عدلية"، رغم أنه مندمج بشكل تام في المجتمع الإسباني، ويتوفر على بطاقة إقامة صالحة، ويعيش بالجارة الشمالية لأكثر من عقدين من الزمن. وقالت ماري كارمين فيريرو، رئيسة المقاولة التي يعمل فيها المهاجر المغربي، البالغ من العمر 39 سنة، إنها "لم تصدق بعد هذا التعامل اللا إنساني والقرار المجحف الصادر في حق "عبدو"، خاصة أنها قضت سنوات رفقته، وتعرفت عليه منذ أن كان معتقلا بسجن بلدية "Zuera". وأضافت كارمين، الناشطة في العديد من المنظمات الحقوقية، بأن هذا المهاجر ارتكب خطأ ودخل بسببه السجن، لكنه ندم على ما فعل، وتزوج، ورزق بطفلة، وهو الآن في وضعية اندماج تام، ولديه عمل يقوم به على أحسن وجه، كما أصبحت لديه مسؤولية"، مضيفة أن "قرار طرده مجحف وغير أخلاقي، وسيتسبب في تشتيت أسرته". وتعود أطوار هذه القضية إلى شهر غشت من عام 2014، حين تم توقيفه بالشارع العام من طرف عناصر الشرطة الإسبانية، وأخبروه بأنه سيتم طرده نحو المغرب في المستقبل القريب، ومنذ ذلك الحين بدأ حملات التضامن معه لتجنب حدوث هذا القرار، كونه يتوفر على بطاقة إقامة صالحة إلى غاية 2019، خاصة أن ملفه تم عرضه على "المحكمة العليا للعدل"، للنظر فيه لعدة اعتبارات. حملة تضامن وسارعت العديد من المنظمات الحقوقية، إلى التنديد بالقرار الصادر في حق "عبدو"، ورأت فيه أنه يخالف الفصل 57.2 من قانون المهاجرين الأجانب باسبانيا، حيث إنه قبل الشروع في عملية الترحيل يتوجب على السلطات المعنية النظر في المدة التي قضاها المعني فوق التراب الإسباني، وكذا إلى تداعيات هذا القرار على أفراد عائلته. وقال شيما سيغورا، ناشط بمنظمة "Pignatelli"، وهو مركز معروف بنشاطه في حقوق الإنسان والتنشيط الفكري، إن "إعادة الإدماج هو أحد ركائز النظام الجنائي الإسباني، لكننا نجهل لماذا تأتي هذه الخطوة الغير العادلة واللا إنسانية، إذ أنها تهدف إلى تشتيت أسرة "عبدو"، ولن يصير لها مدخول يضمن عيشها". ودعت جمعية "Sos Racismo"، لمحاربة العنصرية وأشكال الإقصاء، إلى وقفات احتجاجية على طول الأسبوع بمدينة "ثرغوصا"، بمشاركة جمعيات أخرى تعنى بالدفاع عن حقوق المهاجرين الأجانب المقيمين بالجزيرة الإيبيرية، بهدف التنديد بمثل هذه الممارسات اللا إنسايية التي تقوم بها إسبانيا، وفق تعبيرها.