نتصادف أثناء قيادتنا للسيارة بسائقين آخرين يثيرون استفزازنا ويجعلوننا نستشيط غضبا لتصرفاتهم الحمقاء على الطرق، لكن حذاري فإثارة غضب السائق قد تؤثر بالسلب على قيادته وتزيد من مخاطر تعرضه لحوادث الطرق. وبحسب دراسة أجراها خبراء من مركز الإدمان والصحة العقلية (CAMH) بجامعة تورونتو في كندا، فإن الأشخاص الأكثر استفزازا للآخرين على الطرق أثناء القيادة هم الذين يتجاوزون السرعات ويقومون بالمناورات. فلابد أن ننتبه لما يسمى "غضب الطريق" وأن نسعى لتجنبه من خلال الحفاظ على الهدوء وتجنب القيادة بشكل خطير، سواء كنا أصحاب هذا النوع من القيادة المتهورة أو كنا شهود عليها، لتجنب السقوط فيها أو القيام بتصرفات وسلوكيات انتقامية، بحسب أصحاب الدراسة. أجريت الدراسة التي ترأستها الباحثة كريستين فيكنز ونشرتها صحيفة (Accident Analysis and Prevention)، على أساس تحليل أكثر من 5 آلاف تعليق منشور عبر أحد مواقع الانترنت التي تقوم بجمع شكاوى متعلقة بالقيادة المتهورة وغير الآمنة للسيارات. وكشفت الدراسة أن معظم الشكاوى (54%) كانت من السائقين الذين يحاولون التقدم على سيارة أخرى في حارة الطريق، مقابل 29% من الشكاوى لهؤلاء الذين يقودون بسرعات عالية، و25% من الانزعاج من تهور السائقين الآخرين. وبرأي فيكنز وفريقها، فإن إقدام سائق على أي عمل متهور يستفز أقرنائه على الطريق لانتهاج سلوكيات عدوانية مشابهة للرد على تلك "المناورات الشاذة والمتهورة". وتنصح الباحثة بمركز الادمان والصحة العقلية السائقين باتخاذ خطوات لالتزام الهدوء خلال القيادة، وتذكر بضرورة "التنفس بعمق والقيام بكل ما هو ضروري لإنهاء حالة الغضب". احذر من الضغوط العصبية على الطريق: إن الوقائع اليومية التي تسبب الضغوط العصبية قد تؤدي للتعرض لحوادث مرورية، فقد كشفت الدراسة أن من 15% إلى 20% من حوادث الطرق مرتبطة بهذه الظاهرة، لأن قائد السيارة الذي يخضع لضغوط عصبية يتصرف بشكل أكثر تهورا خلف عجلة القيادة، وتنخفض لديه معدلات الإدراك بالخطورة، حسب تأكيدات المؤسسة الإسبانية للسلامة المرورية (FESVIAL). وبحسب الدكتور لويس مونتورو، أستاذ السلامة على الطرق في جامعة فالنسيا (إسبانيا) فإن "حالات القيادة تحت ضغوط عصبية تؤدي إلى قبول مستويات أعلى من المخاطرة في الحالات العادية وزيادة التهور لخرق قواعد المرور واحترام أقل لمسافات الأمان بين السيارات". وحسب المسئول عن (FESVIAL) فإن "السائق الذي يقود تحت ضغوط عصبية تنخفض لديه معدلات الإدراك للعناصر من حوله، مثل إشارات المرور والمشاة وباقي السيارات، مما يؤدي لاستيعاب معلومات أقل حول الطريق ويجعله يقوم بمناورات بعيدة عن الصواب". أيضا وفقا لمونتورو، فإن مخاطر القيادة تحت ضغوط عصبية قد تتسبب في مشكلات أخرى مثل انخفاض قدرة التركيز التي قد تتسبب في انحرافات متكررة بالمركبة، وهو العنصر الذي يشترك في نحو 40% من الحوادث المرورية. وحسب الخبير، فإن "الضغوط العصبية قد تسببها أيضا العوامل المحيطة بالسائق مثل الازدحام المروري أو زيادة عدد إشارات المرور، والتي تجعل "السائق أحيانا غير قادر على استيعاب هذا الكم من المحفزات داخل رأسه" حيث يضاف إلى ذلك استيائه وتوتره إزاء عوامل أخرى مثيرة للقلق مثل الطرق الوعرة أو سوء الأحوال الجوية أو البطء المتكرر في حركة المرور. ولخفض مستوى التوتر العصبي أمام عجلة القيادة، ينصح السائقين بارتداء ملابس فضفاضة وتهوية السيارة والاستماع لموجات الإذاعة للهروب من مشكلات الطريق ولكن بمستوى صوت معتدل، مع تجنب القيام بمهام أخرى أثناء القيادة، مثل استخدام الهاتف المحمول، الذي يحد من إدراك إشارات المرور. وإذا كانت الكثافة المرورية مرتفعة للغاية، ينصح الطبيب مونتورو بضرورة ألا يتابع السائق باستمرار عقارب الساعة، ولا يهتم بموعد وصول معين لمكان، ويتجنب التعبيرات الاندفاعية مثل الضغط باستمرار على البوق أو القيام بتصرفات متهورة تثير غضب قائدي السيارات الأخرى أو المشاة، لأن كل هذا يزيد بشكل ملحوظ من التوتر العصبي. التأثيرات العاطفية والمخاطر: من جانبهم لاحظ باحثون في جامعة غرناطة في إسبانيا أن هناك عدة عوامل قد تؤدي لفقد التركيز أثناء القيادة وتؤثر على اتخاذ القرارات في حالات قد تجعل صاحبها عرضة للخطر كذلك عند قيادة دراجة هوائية أو نارية، مثل العبء الذهني وأيضا توارد المشاعر مثل الخوف أو الغضب أو الحزن أو الفرح. وقال البروفيسور أنطونيو كانديدو، من كلية علم النفس بجامعة غرناطة ومنسق هذا البحث "وجدنا أن السائق يستطيع تقييم وضع خطير أثناء القيادة دون أن تأثر عليهم العواطف، ولكن عند اتخاذ قرار مثل الضغط على دواسة المكبح أو زيادة السرعة فإن العوامل الداخلية والخارجية يكون لها تأثير واضح". ويشير "إذا كنت تقود السيارة وأمامك العديد من المهام للقيام بها، مثل القيادة والتحدث عبر الهاتف في نفس الوقت، فإن المجهود يزداد وهذا يؤدي لزيادة العبء الذهني ويحد من الاستعدادات التي ينبغي أن تكون حاضرة عند القيادة في الطريق". وأضاف "قد تكون المحادثة عبر الهاتف أمر لا يؤثر بشكل كبير على القيادة، لكن قد تشهد المحادثة أحيانا مشادة وهذا يزيد من العبء الذهني للسائق، ليؤثر عليه بالسلب وقت اتخاذ القرارات وقد يجعله يتعرض لمخاطر". وكشفت مجموعة الباحثين بغرناطة أن الأشخاص الأكثر تهورا على الطرق يشعرون بمزيد من التوتر، الناتج عن الجهد الذي يضعونه على المقود، لذا فقد يتسبب ذلك في تعرضهم لزيادة في عدد الحوادث على الطرق. فيما قال لياندرو دي ستاسي مسئول التجربة "العبء النفسي، الإيجابي أو السلبي، يسبب تأثيرا أكثر سلبية على السائق، وذلك مقارنة بالأصوات الأكثر حيادية". وحسب دي ستاسي فإن "الأصوات المثيرة للعواطف مثل ضحكة طفل أو صرخة، تتسبب في شرود السائق بشكل أكبر عند القيادة"، لكن عند صدور صوت حيادي مثل "رنين الكتروني" فإنه ينتج عنها تثبيت النظر على الجزء الذي له صله بالطريق، ليكون السائق أكثر تأهبا واستعدادا لأي حادث قد يقع".