أكد المندوب العام لإدارة السجون وإعادة الإدماج، محمد صالح التامك، أنه مقتنع بضرورة مقاربة الشأن السجني، وفق منظور جديد تحكمه اعتبارات إنسانية وحقوقية، وتصور عقلاني للطرق والأساليب الكفيلة بتجسيد المفهوم السليم لدور المؤسسة السجنية". وأورد التامك، اليوم في افتتاح مناظرة وطنية حول "قانون تنظيم وتسيير المؤسسات السجنية"، أن أنسنة الشأن السجني بالمغرب يتعين أن يتم وفق مرجعية تحقق التوازن المنشود بين مساهمته في الحفاظ على الأمن العام، وتطبيق القانون من جهة، واحترام الكرامة الإنسانية من جهة ثانية". وأفاد التامك أنه "إذا كانت الصيغة الحالية للقانون المنظم للسجون، قد مكنت من إحداث قطيعة مع الممارسات التقليدية في تدبير ظروف اعتقال السجناء، فإن اعتماد دستور 2011، وبحكم مستجداته في مجال حماية حقوق الإنسان، يفرض ملاءمة مقتضياته مع هذه المستجدات. وبخصوص المحاور التي تراها المندوبية العامة ذات أولوية في مشروع إصلاح القانون المنظم للسجون، أشار التامك إلى ضرورة تجسيد المقاربة التشاركية في تدبير قطاع السجون، مع الفعاليات المؤسساتية، وفعاليات المجتمع المدني، ومقاربة النوع، وفي العناية بالفئات الهشة. وضرب التامك مثالا بالفئات الهشة كالمعاقين والمرضى، وتعزيز الحماية الجسدية للسجناء، وتوطيد العلاقات الأسرية خاصة بالنسبة للأحداث، والتنصيص على بعض الحقوق في شكل واجبات ملزمة للسجناء الأحداث الأميين، تخص متابعتهم لدروس في محو الأمية، وممارستهم لنشاط تربوي هادف. وتهم تلك المحاور منع السجناء من تداول واستعمال كل ما من شأنه أن يشكل تهديدا محتملا لسلامة الأشخاص، وأمن المؤسسة السجنية، مع اعتماد طرق ووسائل تفتيش ومراقبة تكفل المزيد من الفعالية، وتضمن عدم المساس بكرامة الأشخاص، وتعزيز الإجراءات المتصلة بتفريد العقوبة السالبة للحرية. ومن جهته اعتبر رئيس المرصد المغربي للسجون، عبد الرحيم الجامعي، أن هذه المبادرة تمثل تحولا غير مسبوق في سياسات المندوبية العامة التي فتحت صفحة للتعاون مع فعاليات المجتمع المدني، على أساس من الثقة في موضوع مراجعة وتحيين القانون المنظم للسجون الذي اعتمد منذ 1999. وأفاد الجامعي، ضمن مداخلته في ذات اللقاء، بأن هذا القانون عمل على إحداث قطيعة مع الماضي الذي طبعه الضعف القانوني والمادي والبشري، والعمل على تقريب مرفق السجن بالمرافق والمؤسسات الأخرى، وإدماجه في محيطه بعيدا عن التهميش. وأضاف أنه رغم أن المشرع حرص على أن يتضمن هذا القانون عدة مقتضيات متصلة بحقوق الإنسان، إلا أن اختلالات سلبية ظهرت على مستويات عديدة، منها على الخصوص ارتفاع الاعتقال الاحتياطي، وامتداد الرقابة القضائية، والاكتظاظ في المؤسسات السجنية". وأكد الجامعي أن مقاربة موضوع السجن ينبغي أن تقوم على العمل الجماعي، ضمن حوار مسؤول ومتعدد الأطراف، بحكم أن الارتقاء بأوضاع السجن يعد مهمة كافة الأطراف المعنية، وذلك من أجل توفير ظروف اعتقال إنسانية تمنح للسجناء فرص الاستفادة من برامج التكوين وإعادة الإدماج.