تهميش إقليمي وتقدير دولي لا ينكر إلا جاحد أن مدينة القصر الكبير هذه السنة بصمت على موسم ثقافي وفني ورياضي متميز، من خلال الأنشطة المتنوعة التي أخرجتها من طابعها المحلي إلى الوطني ثم الدولي، حيث كانت البداية مع مهرجان القصر الدولي الثاني للمسرح بمشاركة فريق ليتواني وجزائري، ثم هذه المرة مع الدوري الدولي لكرة القدم المصغرة الذي استقطب فرقا من مختلف القارات لتلعب في المعلمة الرياضية الجديدة التي شيدها المجلس البلدي المتمثلة في القاعة المغطاة بلعباس. الحضور الدولي في مدينة القصر الكبير وحالة الاستثناء التي يخلقها من خلال تفاعل القصريين معه، يحمل أكثر من دلالة بالنظر لوضعية التهميش التي عانت منها المدينة لمدة عقود، بفعل تكالب مكر السياسة عليها محليا ووطنيا، حيث كان غياب بنيات رياضية وثقافية في المستوى بالمدينة لسنوات عديدة، أكبر محبط للطاقات الشابة والفاعلين الجمعويين لأجل تنزيل مجموعة من الأفكار المتميزة على أرض الواقع، من قبيل تظاهرة المسرح وكرة القدم المصغرة الدوليتين. إن الحركية التي تعرفها المدينة على أكثر من مستوى سواء تعلق بالبنيات الثقافية والرياضية والفنية وغيرها، بالإضافة إلى التغيير المهم الذي عرفه المشهد الحضري رغم محدودية الإمكانيات والإشكالات المتراكمة الناتجة عن اختلالات التدبير في السنوات السابقة، وضعف تدخل السلطة للحفاظ على جمالية المشهد الحضري من احتلال الملك العام وغيرها عن طريق القيام بحملات على غرار الحملة الأخيرة، كل هذا لم يشفع للأسف كي تحظى المدينة بتحسين وضعها الإداري ونقلها إلى مرتبة عمالة، رغم توفرها على كل المعايير التي تخول لها ذلك، خصوصا وأن المدينة اليوم تجاوزت ما يفترض أن يكون لإشعاعها من طابع محلي إقليمي أو جهوي، إذ من المعروف أن المدن التي تنظم تظاهرات ذات طابع دولي غالبا ما توفر لها إمكانات مادية ولوجيستيكية ضخمة، وتكون مدنا مركزية في العمالات والأقاليم المختلفة، أخذا بعين الاعتبار أن عواصم الأقاليم هي التي يجب أن تكون سباقة وتأخذ المبادرة لتنظيم الأنشطة ذات الإشعاع الدولي، إلا أننا نجد مدينة القصر الكبير تأخذ على عاتقها إعطاء الإشعاع لإقليم العرائش ككل بالرغم من وضعها كمدينة عادية داخله. إن الإشعاع الدولي الذي أصبحت تحظى به مدينة القصر الكبير، والانطباعات الرائعة والممتازة التي يعبر عنها ضيوفها الدوليون سواء من حيث جودة البنيات الرياضية والثقافية أو من حيث المؤهلات التراثية التي تتمتع بها، تجعل مدينة القصر الكبير تحظى بإنصاف دولي بعدما عانت ولا تزال من تهميش محلي يختزل طاقاتها ومؤهلاتها في مجرد جماعة حضرية تابعة لإقليم، وفي هذه المفارقة مجموعة من الرسائل التي نتمنى أن يلتقطها المسؤولون لإنصاف المدينة في يوم من الأيام.