يبْدو أنَّ الحكومة ماضية في الدّفْع بإقناع خرّيجي الجامعات والمعاهد العليا بالبحْث عنْ آفاقٍ أخْرى للعمل بعيدا عن القطاع العمومي، وذلك من خلال تشجيعهم على خلْقِ مشاريعَ خاصّة، بَدَل طرْق أبواب الوظيفة العموميّة، والتي سبَق لرئيس الحكومة أنْ أعلنَ أنّ الولوج إليها لن يتمّ إلا عن طريق المباراة. ففي لقاء جمعه بعشراتٍ من طٌلّاب التعليم العالي، في منتدى الشّغل الذي نظمته جامعة محمد الخامس بالرباط يوم السبت، قالَ الوزيرُ المنتدبُ لدى وزير التربية الوطنية والتكوين المهني خالد برجاوي بلُغة صريحة ومُباشرة وهو يُخاطب الطلاب "إنّ الدّولة لا يمكنها أن تستوعب في الوظيفة العمومية كل الخرّيجين". ويبْدو أنّ القطاعَ الخاصَّ بدوره في المغرب عاجز عن تلبية الطلب المتزايد على سوق الشغل من طرف خرّيجي الجامعات والمعاهد العليا، في ظلّ محدوديّة فُرص الشغل التي يوفّرها القطاع، واعترف الوزير برجاوي بقوله "القطاع الخاص هو الذي يمكن أن يستوعب الخرّيجين، وأقصد هنا المبادرات الشخصية والخاصة وليس التوظيف في القطاع الخاص". واعتبر برجاوي في حديث لهسبريس أنّ أزمة الشغل في المغرب تكْمُنُ في التفاوت الكبير بيْن العرْض والطلب، في ظلِّ تقاطُر أفواج بالآلاف من الخرّيجين كلّ سنة على سوق الشغل، ومحدودية فرص التشغيل، مُوضحا أنَّ سوقَ الشّغل بشقيّه العامّ والخاصّ لا يُمكنُ أن يستوعبَ الأعداد الكبيرة من الخرّيجين من الجامعات والمعاهد العليا كلّ سنة. وفي ضوء الوضعية الحاليّة لسوق الشغل بالمغرب، والذي يقول الخبراء الاقتصاديون إنّه لن يستطيع استيعاب أعداد العاطلين عن العمل إلاّ إذا تمكّن المغربُ من بلوغ نسبة نموٍّ في حدود 7 إلى 8 في المائة، يَرى الوزير المنتدب لدى وزير التربية الوطنية والتكوين المهني أنّ حلّ أزمة بطالة الخرّيجين يستدعي التشجيع على ثقافة المقاولة. وقال في حديثه لهسبريس إنّ الوضعية الحالية تقتضي أنْ يُبذل مجهود من طرف المجتمع والجامعة وكلّ الفاعلين المعنيين لتشجيع الثقافة المقاولاتية لدى طلّاب الجامعة منذ المراحل الأولى لالتحاقهم بالتعليم العالي، وجعْلهم يفكرون في القيام بمبادراتٍ شخصيّة وعدم انتظار تشغيلهم في القطاع العامّ أو الخاصّ. وردّا على سؤال حوْل الصعوبات التي يواجهها الشبابُ في خلْق المقاولات، في ظلّ فشل البرامج المعتمدة من طرف الدولة، مثل برنامج "مقاولتي"، قال برجاوي "لا يجب أن ننظر إلى التجارب السلبية فقط، ففي مقابل هذه التجارب هناك تجاربُ ناجحة، وعليْنا أنْ نعمل على تقييم هذه التجارب باستمرار وتطويرها للوصول إلى النتائج المتوخّاة". وأضاف المتحدّث أنّ الثقافة المقاولاتية كانت سائدة في المجتمع المغربي ما قبل الاستعمار، وبعْد أن حصل المغرب على الاستقلال كانت الإدارة المغربية في حاجة إلى توظيف عدد كبير من الأطر، ففتحت أبواب التوظيف في القطاع العامّ على مصراعيها، "وهو ما جعل الثقافة المقاولاتية تقلّ أو تندثر"، يقول برجاوي، وختم بالقول "يجب بذل مجهود إلى العودة إلى الثقافة المقاولاتية ونشرها".