في خضمّ التغيّرات المناخية التي يعرفها العالم، وما ينجم عنها من كوارث طبيعية لم تعد تستثني أيّ جهة من جهات العالم، وبعْد الفيضانات التي شهدتْها المناطق الجنوبية للمغرب خلال فصل الشتاء الماضي، وأودتْ بحياة أزيد من أربعين شخصا، وخلّفت خسائر مادّية كبيرة، فتح حزب الأصالة والمعاصرة النقاش حول المخاطر الطبيعية التي تهدّد المغرب. ووقف المتخّلون الممثلون لعدد من القطاعات الوزارية والمؤسساتية الوطنية، خلال يوم دراسي نظمه الفريقان البرلمانيان لحزب الأصالة والمعاصرة بمجلسي النواب والمستشارين، على عدد من العراقيل التي تعوق وتحدّ من فعالية خطط مواجهة المخاطر الطبيعية، وعلى رأسها كثرة المتدخّلين وتداخل الاختصاصات وعدم التنسيق، وأجمعوا على حتمية وضع إستراتيجية وطنية لمواجهة المخاطر الطبيعية. رئيس الفريق البرلماني لحزب الأصالة والمعاصرة بمجلس المستشارين، حكيم بنشماش، قال في الكلمة الافتتاحية لليوم الدراسي الذي ناقش موضوع "أي إستراتيجية وطنية لتدبير المخاطر بالمغرب"، (قالَ) إنّ الفيضانات التي شهدتْها الأقاليم الجنوبية للمغرب قبل أشهر كشفتْ أنّ المغربَ يُعاني من خصاص فيما يتعلّق بالقدرة على توقع الفيضانات واتخاذ التدابير والإجراءات الاستباقية والاستشرافية. وأضاف بنشماش "بعد الفيضانات انتهيْنا إلى ما يشبه القناعة أنّ المغربَ والحكومة لا تتوفّر على إستراتيجية مندمجة واضحة المعالم للتعامل مع التحدّيات والمخاطر الطبيعية"، مشيرا إلى أنّ هناك جهودا تُبذل، ولكن ليست هناك إستراتيجية تتوفّر فيها مقومات الاستباق والتوقّع والاستشراف، وأضاف بنشماش "الفيضانات التي ضربت الأقاليم الجنوبية "عرّت الحقيقة المتمثلة في غياب هذه الإستراتيجية". وشدّد بنشماش على ضرورة التوفّر على خريطة المسح الجيوفيزيائي للمناطق المهدّدة بالمخاطر الطبيعية، مشيرا في هذا الصدد إلى ما وقَع قبْل الفيضانات التي ضربت الأقاليم الجنوبية، قائلا إنّ الحكومة حينها كانتْ تشتغلُ على برنامج لمحاربة الجفاف في المناطق الجنوبية، فإذا بالفيضانات تأتي على نحو مباغث، "وهذا ما يحتّم الوفر على خريطة جيوفيزيائية"، يقول بنشماش. من جهته قالَ الشيخ محمد بيد الله، إنّ المغربَ منخرط في مواجهة المخاطر الطبيعية بوسائل "صعبة"، لافتا إلى أنّ السؤال الذي ينبغي طرحه، حتّى لو توفّرت إستراتيجية وطنية لمواجهة الكوارث الطبيعية، هو ما هي الوسائل لتفعيلها، وأضاف بيد الله أنّ الوسائل التقنية التي يتوفّر عليها المغرب متواضعة، لكنّه في المقابل يتوفّر على طاقات بشرية "هائلة"، ولكنّها توجدُ خارجَ المغرب. واعتبرَ الشيخ بيد الله أنّ مواجهة المخاطر الطبيعية يقتضي فهْمها أوّلا، عن طريق العلم، وبناء القدرات الذاتية لدى المواطنين، وانسياب المعلومات إليهم، وتعزيز التأهب، في السياق نفسه قالَ الحسن آيت إبراهيم، الخبير في الزلازل والأستاذ بجامعة محمد الخامس بالرباط إنّ مواجهة المخاطر الطبيعية، أشبهُ بدخول الحرب، والذي يقتضي معرفة العدوّ. ويتكبّدُ المغربُ خسائر مادّية كبيرة تقدّر ب5،6 مليار دولار سنويا، جرّاء الزلازل والفيضانات، وخسائر تقدّر بحوالي 4،6 مليار دولار سنويا جراء المخاطر الفلاحية كالفيضانات والجفاف وانجراف التربة والتصحر، حسبَ الأرقام الواردة في الأرضية المؤطرة لليوم الدراسي لفريقي حزب الأصالة والمعاصرة بمجلسي النواب والمستشارين. ويرَى الحزبُ أنّ عدم توفّر المغرب على إستراتيجية وطنية مندمجة لتدبير المخاطر الطبيعية يجعله من الدول النامية المعرّضة لتكبّد خسائر أكثر من غيره جرّاء الكوارث الطبيعية، خاصة أمام مخاطر انجراف التربة والفيضانات والزلازل وظاهرة "التسونامي"، فضلا عن الكوارث البيئية والكوارث التكنولوجية والكوارث ذات الطبيعة الاقتصادية والاجتماعية.