قال المحامي محمد اشماعو إن متابعة عمل سينمائي على أساس الفصول الجنائية أمر غير صائبٍ من الناحية القانونية، مبرزًا أن تحقّق هذه المتابعة، يجعلها شبيهة بمحاكمة الصحافيين على أساس القانون الجنائي، ويفتح الباب أمام التضييق على الأعمال السينمائية المغربية باستعمال القانون الجنائي، مؤكدًا أن المسؤولية القانونية تتحملها الجهات التي منحت ترخيص التصوير للفيلم، وليس مخرجه أو أبطاله. حديث المحامي المغربي يأتي في سياق ما أعلن عنه وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية بمراكش، نهاية الأسبوع الماضي حول فتح تحقيق في شكاية تقدمت بها الجمعية المغربية للدفاع عن المواطن، ضد المخرج نبيل عيوش والممثلة لبنى أبيضار وكل من ظهر في مقاطع تم تعميمها من فيلم "الزين الّلي فيك"، إذ أشار ممثل النيابة العامة إلى التحرّي في خرق الفيلم للقانون المغربي، وبالضبط حسب الفصول 483 و489 و 490 و502 و503، المنصوص عليها في القانون الجنائي. الشكاية التي وجهتها جمعية مغمورة تنشط أساسًا بمدينة مراكش، لم يظهر اسمها أو أنشطتها سابقًا في الإعلام إلّا مرات نادرة، تتهم مشاهد الفيلم المذكور بالتحريض على "الدعارة من خلال كسب النقود والمتعة مع الخليجيين، زيادة على الكلام النابي والساقط الذي تلفظت به الممثلات، فضلًا عن الإخلال بالحياء وتصوير العلاقات الجنسية ومشهد شاذ". وزاد اشماعو، عضو المكتب التنفيذي لجمعية عدالة، أن فتح الباب أمام المساءلة القانونية، سيتيح إدخال حالة لطيفة أحرار، عندما ارتدت البيكيني على خشبة المسرح، في باب التعري والإخلال بالحياء العلني، بل حتى القبل في السينما، ستتحوّل إلى إخلال بالحياء العلني، داعيًا إلى عدم إلباس قضية هذا الفيلم لباسًا أكبر منها، أي أن لا يتم نقل النقاش الدائر حاليًا إلى ردهات المحاكم. وتابع اشماعو في تصريحات لهسبريس، أن مسؤولية النيابة العامة على سيادة القانون، لا يجب أن تطال العمل الإبداعي، بل يجب أن تمتد ل"الواقع المخزي الذي تشهده الحانات والعلب الليلية المغربية والتي نرى أن مرتاديها يحظون بحماية أمنية بعيدًا عن التطبيق السليم للقانون. فموضوع الدعارة والمجون بصفة عامة يجب القضاء عليه بواقعية، بعيدًا عن المزايدات". ولفت اشماعو إلى أن فتح النيابة العامة بابتدائية مراكش لتحقيق حول شكاية تقدمت بها جمعية ضد الفيلم المذكور، "يتناقض مع ما جرى به العمل القضائي في المغرب، فالقضاء يمتنع عن قبول شكايات ذات صلة بمواضيع الفساد ونهب المال العام، بداعي انعدام صفة المشتكي، حتى من قبل جمعيات لها صفة المنفعة العامة". وزاد المحامي ذاته في الشرح: "القضاء يتعامل مع هذه الجمعيات بأنه لا صفة لها، لأن المغرب لا يريد أن يكرّس نموذج نظام الحسبة، أي نظام وجود أجهزة معينة لها دور الرقابة خارج نطاق مؤسسات الدولة، فالجهاز الذي يملك صلاحية ضبط المخالفات وتحريك المتابعات، هو جهاز النيابة العامة. ومتى تناهى إلى علم هذه الأخيرة حدوث جرائم تستلزم فتح التحقيق، تقوم بذلك". وبالعودة إلى الفصول المذكورة من القانون الجنائي المغربي، ينصّ الفصل 483 منه على: "من ارتكب إخلالاً علنيًا بالحياء وذلك بالعري المتعمد أو بالبذاءة في الإشارات أو الأفعال، يعاقب بالحبس من شهر واحد إلى سنتين وبغرامة من مائتين إلى خمسمائة درهم. ويعتبر الإخلال علنيا متى كان الفعل الذي كونه قد ارتكب بمحضر شخص أو أكثر شاهدوا ذلك عفوا أو بمحضر قاصر دون الثامنة عشرة من عمره، أو في مكان قد تتطلع إليه أنظار العموم". أما الفصل 489، فهو يجرّم "الشذوذ الجنسي" بالحبس من شهرين إلى ثلاث سنوات، بينما يعاقب الفصل 490 كل علاقة جنسية بين رجل وامرأة خارج إطار الزواج بالحبس من شهر إلى سنة كاملة، في حين يعاقب الفصل 502 بالحبس ما بين شهر وسنتين وغرامة تصل إلى مئتي ألف درهم على "التحريض على الدعارة" بوساطة إشارات أو أقوال أو كتابات أو وسيلة أخرى، أما الفصل 503 فيعاقب على التغاضي عن ممارسة الدعارة، وعلى التحرش الجنسي، وعلى استغلال الأطفال في المواد الإباحية وحيازة مواد من هذا النوع. جدير بالذكر، أن وزارة الاتصال قد أعلنت في بلاغ لها مساء أمس الاثنين، أن السلطات المغربية المختصة قررت عدم السماح بالترخيص بعرض فيلم "الزين الّلي فيك" بالمغرب "نظرا لما تضمنه من إساءة أخلاقية جسيمة للقيم وللمرأة المغربية ومسٍ صريح بصورة المغرب".