خرجت المجموعة الوطنية للأطر العليا المعطلة بالرباط أمس الجمعة في مسيرة صمت بشموع أطر تحترق، جسدت أشكالا درامية لمختلف الإصابات والعاهات التي أصابت أطر المجموعة سنة 2010 ، في حصيلة حقوقية واجتماعية وصفت بالمأساوية. وكانت المجموعة الوطنية التي تضم في عضويتها مجموعتي النضال والطموح، قد نددت في بيانها الاستنكاري بهدية رأس السنة الميلادية التي تلقاها أطرها أمام البرلمان عشية الثلاثاء 28 دجنبر 2010، هدية مؤلمة وقاسية لم تكن سوى "زرواطة" يابانية المصدر انهالت بها قوات الأمن على رؤوس وأجساد أطر عزل أمام شباك البرلمان للفت انتباه ممثلي الأمة إزاء مطلبهم الوحيد والأوحد. مأساة تسببت في نقل 21 اطارا الى المركز الاستشفائي ابن سينا فيما نجا أحد الأطر من موت محقق بعدما سقط طريحا في بركة دمه أمام البرلمان على وقع ضرب مبرح ب"زرواطة" رجل أمن كسرها على رأس الاطار المعطل والتي طالت في الآن داته عشرات الأطر ما تسبب في تهشيم أسنان البعض وحدوث كسر ورضوض ونزيف واغماءات لدى البعض الآخر جعلت الأطر المتساقطة كأوراق الخريف تسبح في برك دماء أهدرت في مشهد درامي بشع. عطالة قاسية ومآسي لامتناهية وصراع دموي مع قوات الأمن أمام قبة البرلمان، أطر مجموعة وطنية تضم زهاء 400 اطار، أفنوا زهاء ثلاثة عقود وما يزيد في التحصيل والعلم، تعرضوا على امتداد المحطات النضالية لعام 2010 لسلخ وجلد وكسر وتهشيم.. لأسنانهم وأجسادهم واهانة لكرامتهم وعزتهم. فبعد أن كانت عائلاتهم تنظر إليهم نظرة “الابن المنقذ” من الفقر وتعقد آمالا كبيرة عليهم، أضحت حالاتهم صادمة لهم وللمجتمع، نماذج صارخة لمعطلين بالمجموعة الوطنية تحولت عندهم سعادة الحصول على الدبلومات العليا إلى شقاء العطالة غير المتوقعة على البال، كل هذا يقع في الألفية الثالثة من القرن الواحد والعشرين عصر العولمة و التكنولوجيا التي جعلت من العالم قرية صغيرة. “الرداد بلجاوي”، ، كان بصحة جيدة لا يعاني من أي عاهة غير أن حالته ستتغير رأسا على عقب، متأثرا بضربات قاسية على مستوى رأسه، تعرض لها إبان وقفة احتجاجية تصعيدية خاضتها المجموعة الوطنية للأطر العليا المعطلة، “الرداد” حاصل على دبلوم الماستر شعبة الكمياء بالجديدة، خاض المصاب مسيرة نضالية طويلة وشاقة رفقة مناضلي ومناضلات المجموعة الوطنية امتدت لسنتين إلى أن تكسرت عصي قوات الامن على رأسه كادت أن تنهي حياته بعدما نزف بركة دم أمام قبة البرلمان. توفيق.مؤدب” البالغ من العمر 36 سنة، كرس مجهوداته لما يقرب ثلاثين سنة في التحصيل العلمي، يقطن رفقة أسرته المتكونة من إحدى عشرا فردا سبعة أبناء وبنتين إضافة إلى الأب والأم، في بيت قصديري بضواحي مراكش، أصيب بعاهة مستديمة بعدما تعذر عليه اجراء عملية جراحية باهظة الثمن، والآن يجد نفسه طريح الفراش في مشهد درامي تدمع له المقل ويدمي القلوب على شاب أفنى عمره في الجد والكد، حالته تبعث على الشفقة، أمله اليوم هو أن يتعافى بشكل تام جراء الضرب العنيف لقوات الأمن أثناء شكل نضالي نفذته المجموعة الوطنية للأطر المعطلة على مستوى مرفقه الأيمن أفقدته القدرة على الحركة ليصبح طريح الفراش بعدما خضع لعملية جراحية جعلته يتمنى لو كان غيب فكرة طلب الوظيفة عن باله إلى الأبد طالبا صحته بذل الشغل. في السابق، نفدت المجموعة الوطنية وقفات احتجاجية أمام مؤسسات الدولة بشوارع الرباط للتنديد بالأشباح والتمييز والاقصاء والمحسوبية والزبونية وتلكؤ الجهات الوصية عن مطالبها، ليتفاجئوا بتطويق أمني ومخزني عند كل محطة احتجاجية دفع بغالبية الأطر إلى محاولة الانتحار الجماعي شنقا بشباك البرلمان، ليتصدى لها رجال المطافئ، وفك الأحبال من عناق الأطر تحت وطأة هراوات قوات الأمن وعصي التدخل السريع دون تمييز بين الذكور و الإناث في تدخل قمعي سقط على إثره الأطر بالعشرات مدرجين في دمائهم، منهم الإطار "جمال قاسيمي" الذي لازال يعاني للسنة الثانية على التوالي من تبعات اصابة كسر بيده اليسرى، و“خالد” الذي يعاني من عاهة مستديمة بقدمه وحورية التي تعاني من كسر طولي بساعدها الايسر، ولاكي الذي لازال يعاني مضاعفات بكتفه وماموح الذي تعرض للكسر بيده اليمنى وسفيان الذي كسرت أضلعه وساعديه بالهراوات...، زد على ذلك حالات إنسانية لا تقل أهمية عما ذكر آنفا. وما الحالات التي وردت في هذا الاطار، إلا نقطة من بحر معاناة أطر عليا تحترق بنار العطالة والمأساة، أملها الأول والأخير وظيفة تحفظ كرامتها من الخروج إلى الشارع، و في انتظار تدخل مسؤول وجاد للمعنيين بالأمر لتوظيف أطر كسبت تجربة وخبرة في مجال تخصصها، تظل الآمال آلاما معلقة مع علامات استفهام عريضة وضعها أطر المجموعة الوطنية مع حلول سنة 2011.