"الفتيات مثل قنبلة موقوتة مُعدّة للانفجار وتخريب سمعة العائلة" يقول بائع مجوهرات مغربي إلى زبونته التي أحبت عرضًا من القلادات، متابعًا: "للتخلص من هذه القنبلة، يجب عليك تزويج بناتك في أقرب فرصة مواتية". غير أن زبونته، حنان، تجيبه بأنّ الإسلام لا يدعو إلى زواج الأطفال وأن المرأة يمكّنها كذلك أن تلعب دورًا مهمًا خارج المنزل. حنان، هي واحدة من جيل جديد من الداعيات الدينيات، المعروفات باسم "المرشدات"، اللائي يُعدْن جزءًا من ثورة اجتماعية هادئة في هذا البلد، فعملهن وصل إلى عمق السينما البريطانية عبر فيلم يحمل اسم "الدارالبيضاء تنادي". بدأ عمل المرشدات في المغرب عام 2006، لأجل محاربة التطرّف الإسلامي الذي تلا الهجمات الإرهابية التي تعرّضت لها الدارالبيضاء عام 2003. الأمل هو أن تشجع هذه القائدات الروحيات على إسلام أكثر تسامحًا، وأن يعملن كذلك على تحسين وضع الفتيات والنساء في المجتمع المغربي. "المرشدات هنّ تجربة نادرة في العالم الإسلامي، فهي أوّل مرة يقوم فيها بلد إسلامي بتقديم دور ديني للمرأة" تقول الشريكة في إنتاج الفيلم البريطاني، مريم عدو، عن هذه المهنة التي تعمل على إرشاد النساء والشباب في المساجد والمدارس ودور الأيتام والمستشفيات والسجون والقرى، متابعة بأن المرشدات يحاولن التغلّب على الكثير من المشاكل التي تواجه المجتمع المغربي، خاصة الخلط بين الدين والكثير من التقاليد الثقافية. المشهد في محلّ الجواهر يبيّن بعضًا من من الآراء التي تحاول المرشدات التصدي لها: "المغرب ومجموعة من الدول الإسلامية عاشت في فترة طويلة من الجهل والركود، الكثير من الناس بقصد أو بغير قصد، منعوا معظم الحقوق التي منحها الإسلام للمرأة" تقول حنان. في المسجد، تسمتع حنان لامرأة تتحدث عن مشاكل حفيدتها في إيجاد زوج، فرغم أن الحفيدة تبلغ من العمر 14 سنة، ورغم أن المغرب يمنع بشكل عام الزواج تحت سن 18 (مع استثناءات قليلة)، إلّا أن الزواج المبكر يُعدّ إحدى المشكلات التي تواجه عمل المرشدات. في قسم دراسي، تقول مراهقة لحنان إنّ أسرتها برمجت زواجها بصبي منذ أن كان عمرها لا يزيد عن أربع سنوات، وبالتالي فقد صار صعبًا لها أن تستمر في الدراسة، إذ تتحدث لها أسرتها أنها ستتزوج قريبًا وبالتالي يجب عليها ألّا تغادر المنزل. تجيبها جنان بأن الله مكّن المرأة من حق الاختيار فيما يخصّ زواجها، وأنه يمكن أن تُعارض رغبة والدها باستخدام قوانين الشريعة التي تدعم حقوقها. في المناطق القروية الشمالية من العرائش، التقينا ببشرى، مُرشدة تناصر تعليم الفتيات، في منطقة القليل من فتياتها من يذهبن إلى المدارس، كما تشهد هذه المنطقة معدلات مرتفعة للأمية، وتُحكَم فيها النساء منذ ولادتهن إلى حين مماتهن. في المساء، تُوّجه بشرى الفتيات في المدارس الداخلية المخصصة للفقراء، في إحدى الليالي تمّ استدعاؤها إلى أحد المراقد بعد انتحار فتاة كانت تنام هناك. قيل لبشرى إن سبب الانتحار هو ضرب والدها للراحلة بشدة أمام صديقاتها بعدما شاهدها مع أحد الأولاد. توجد حاليًا أزيد من 400 مرشدة عبر كل أنحاء المغرب، ورغم أنهن يدافعن عن حقوق المرأة، تقول مريم عدو، إلّا أنه لا يتم النظر إليهن كتهديد، وذلك بالنظر لانتسابهن إلى مهنة دينية تعطي الشرعية لرسائلهن. تعدّ مبادرة المرشدات جزءًا من إصلاح واسع في المغرب يهدف إلى منح النساء حقوقهن، وحسب تأكيدات مريم عدو، فإن البلدان المسلمة الأخرى تهتم بتجربة هؤلاء القياديات الروحانيات، إذ تدعوهن أحيانًا في برامج ولقاءات. وتضيف عدو: فيلم 'الدارالبيضاء تنادي' الذي سيُعرض على قناة الجزيرة خلال هذا العام، يقدم لمحة عن عالم نادرًا ما يشاهد في المغرب. نظرتي للإسلام تختلف كثيرًا عمّا يفكّر فيه الكثير من الناس في الغرب، إذ يعتقدون أن الإسلام يضطهد المرأة ويحدّ من حريتها، بينما في الواقع، النساء والرجال متساوون في ديننا، وهذا الاضطهاد يعود إلى تقاليد لا علاقة لها بالإسلام".