على كف قلبي أحمل شجنا بحجم دموع نساء العالمين، بحجم خسارات أمتي بحجم الخجل الذي اعتراني يوما من عروبتي،بقلبي شجن كفيل بإشعال الحرائق في ورقي،أحمله شجنا ثقيلا ثقل صفحات التاريخ في ذاكرتي أحمرا بلون الدماء التي أريقت على بساط العروبة لتضل معلقة بمحاكم التاريخ شاهدة على حدث السقوط اللانهائي المتواتر بين الأجيال إنه شجن يكبر ويتعاظم مع نشرات الأخبار يكبر بالنظر في أعين الشهداء، يكبر بالخيبات والانكسارات يكبر في بيئة صالحة لنموه، في أمة تجيد صناعته، يكبر في أعين اليتامى وفي العراة أمام أعين الكامرا، يكبر عند أبواب الحانات وعناوين الراقصات، يكبر في التفاهة التي التحفتها منابر الاعلام في وطني، يكبر في أيادي المتسولين وفي أكياس النفايات ، يكبر بفوهات المدافع والبندقيات المصوبة عصبية بين أخوين أحدهما سني والآخر شيعي، إنه شجن ينمو عند أبواب المساجد شفقة عليها من صلاة تنتهي صلاحيتها عند ختامها ومن مصلين لا يدرون منها إلا حركات ذات حسنات لا امتداد لها على واقعهم ، يكبر في عيوبنا التي حملناها كرها وحملها وفصالها في ألف عام ويزيدون، نصرفها لمن بعدنا إرثا ونحن على حملها ملومون، وكيف لا ينمو حزني ويصير أكبر من قدرتي على التعايش وأنا أشهد اليوم إعدام وطن و قضية أمة كيف لا أحزن وأنا اليوم أقرأ بعناوين الصحف إعدام أول محاولة للحياة برقعة من أمتي إعدام إرادة شعب بأكمله كمسرحية تعرض على الملأ فيضحك منها العابرون على جراحنا شماتة فينا وفي خسوف أفراحنا اليتيمة وانهيار أبراج الأمل التي بنيناها بربيع كاذب كان كالحلم الهادئ في ليل بهيم عليه ريح صرد عاصف تبدد على إثرها الحلم،كيف لا أحزن وبقلبي وئدت فلسطين بغزة يوما ولا زالت في غيابات الموت والحصار تموت كل يوم ،كيف لا أتوسد الأسى كل ليلة ودعواتنا مشتتة بين اليمن وسوريا والعراق وفلسطين وإخوان لنا عرفناهم لوقت قريب تسلخ عنهم جلودهم لا لشيء إلا لأنهم قالوا لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ونحن نفتعل الشفقة على صور لحومهم المحروقة والمعجونة في مقبرة جماعية كطقس لابد منه ونتبادلها على مواقع التواصل الاجتماعي طلبا للدعاء ولمزيد من الدموع علها تكفي للتضامن البئيس،وكأننا ندفع ذنوبهم عنا بحزن طفيف ودمعة شفقة، كم نحن ضعفاء أو محظوظون لا أدري، إذ أن نصيبنا من ضرائب خسارات أمتنا الدموع فحسب، كيف لا أحزن وقد صار دم العربي باردا وصارت حميته أطلالا نبكي على أمجادها شعرا وننشدها في المحافل كمحفوظة قديمة لا تصح سوى للترتيل، كيف لا أحزن وأنا أرى جيلا مشردا عن هويته مضيعا قبلته، يعيش اللاشيء واللاقضية ويملؤه الفراغ والعدم، جيلا لاهثا خلف السراب وتاركا النبع الصافي،الحزن صار من عاداتنا إذ أنه الشيء الوحيد الذي نملك القدرة على ممارسته للتكفير عن تخاذلنا وترميم بقايا إنسانيتنا وتلاحمنا مع بقية جسدنا المسجى فريسة للذئاب تنهشه من كل جانب، لا أدري كم من الأحزان علي أن أعدد وهل سيكفيني حبر لذلك؟ وكم من الدموع تلزمني لأبكي كل هذه الجروح وغيرها،تعالوا لنتباكى جميعا فعمر أحزاننا سرياح طويل كعمر عجوز أشيب لا تريد أن تموت أو كمرض مزمن لا يخرج من جسد صاحبه إلا إذا أرداه قتيلا فلنتباكى ليس لنا إلا البكاء عله يسقي القلوب فتدب بها الحياة.... [email protected]