ساهمت الصحافة الإلكترونية خاصة، ومعها مواقع التواصل الاجتماعي، في وضع الكثير من التوابل المثيرة في ملفات سمتها "فضائح" تتعلق بوزراء داخل الحكومة، التي يرأسها عبد الإله بنكيران، وقدمت للقراء والرأي العام تفاصيل شبه يومية لما يجري ويدور بشأن تلك المواضيع. وكان لافتا مواكبة عدد من المنابر الإعلامية الإلكترونية، وأيضا مواقع التواصل الاجتماعي، لأطوار موضوع الوزيرين اللذين عزما على تتويج علاقتهما العاطفية بالزواج، الحبيب شوباني وسمية بنخلدون، حتى أنها ساهمت بشكل أو بآخر في جعل الخبر قضية رأي عام. وقبل "الكوبل" الحكومي، كان الإعلام الجديد بالمغرب مواكبا أيضا لقضية الوزير الكروج، بعد أن تابعت تفاصيل وتداعيات "فضيحة" الشكلاط، التي اندلعت بظهور فاتورة تفيد شراء الوزير لعلب فاخرة من الحلوى لفائدة حفل عقيقة ابنه من ميزانية وزارته، رغم محاول الكروج نفي ذلك متأخرا. نفس الشيء حدث لزميل الكروج في حزب الحركة الشعبية، ووزير الرياضة السابق، محمد أوزين، الذي تم إعفاؤه في يناير المنصرم، على خلفية ما سمي حينها بفضيحة "ملعب الكراطة"، حيث كانت بعض وسائل الإعلام وراء تأجيج القضية، لتصل بعد ذلك إلى أعلى المستويات في الدولة. الوزير أوزين سبق له أن رد على "محاكمة" بعض وسائل الإعلام والشبكات الاجتماعية له، عقب اندلاع قضية ملعب الرباط، ورواج صوره في مختلف القنوات العالمية، بأن كل من ثبت تورطه في مخالفة القانون يتعين محاسبة عن طريق المؤسسات، وليس بواسطة الإعلام الذي من دوره توعية المجتمع. ويعلق الدكتور محجوب بنسعيد، الخبير في التواصل ورئيس قسم الإعلام بمنظمة "الإيسيسكو"، في تصريحات لهسبريس، بأن وسائل الإعلام في المغرب، وخاصة الصحافة الإلكترونية ووسائل الاتصال الاجتماعي، صارت تمثل قوة ضاغطة تحظى باهتمام أصحاب القرار والمهتمين بالشأن العام". وتابع بنسعيد بأن هذا المعطى وضع الأسس الصحيحة ليتحول الإعلام في المغرب إلى سلطة رابعة فعلية، وهو المسار الذي قطعته الدول المتقدمة في انتقالها التدريجي من صحافة الإشاعة والدعاية إلى صحافة المعلومة، وتنوير الرأي العام وتشكيله وتقوية ضغطه على الفاعل السياسي. واسترسل المتحدث بأنه "في حالة الإطاحة بالوزراء الأربعة يمكن القول بأن الإعلام الجديد والقديم لعب دورا في ما حدث، ولكن في حدود معينة جاءت متناغمة مع إرادة أطراف عديدة، ومنسجمة مع مرحلة من مراحل الحراك السياسي والقانوني والتشريعي في المغرب". ويتابع بنسعيد شارحا بأنه "حين تخدم الحملة الإعلامية والمتابعة المكثفة لقضية شخص أو مؤسسة توجهات واختيارات معينة، أو تساعد في تصفية حسابات، آنذاك يكون الفعل سريعا وحاسما، ويحظى بارتياح من طرف الرأي العام"، وفق تعبيره. وزاد المحلل ذاته بأنه "في جميع الحالات، ما حدث في واقعة إعفاء وزراء من الحكومة، يعزز التوجه الجديد في بناء مجتمع ديمقراطي، يحتل فيه الإعلام مكانة مهمة، ويمثل سلطة حقيقية في النقد والتوجيه، كما يرفع من مكانة الفاعل الإعلامي لدى الفاعل السياسي". واستطرد بنسعيد بأن ما جرى يفرض على الفاعل السياسي في المغرب الاهتمام بالتواصل، وبالصحافة والإعلام، وبحق المواطن في الحصول على المعلومات وبحق الصحافي في البحث عن الحقيقة، وطرح السؤال، والتتبع في إطار مهني أخلاقي وقانوني على حد قوله.